الليلة الثانية بعد الألف: من بغداد إلى المستقبل وبالعكس

01 فبراير 2018
(من العرض)
+ الخط -
ربما لم يحظ كتاب أدبي في الثقافة العربية بأن يكون ملهماً لمؤلفات كثيرة أخرى، بين رواية ومسرح وقصة بل وشعر وأوبرا أيضاً، مثلما حظي عمل "ألف ليلة وليلة".

يمكننا أن نحصي على الأقل عدّة روايات من بينها "ليالي ألف ليلة" لنجيب محفوظ، و"ظل السلطان" لآسيا جبار، و"ألف ليلة وليلة من الحنين" لرشيد بوجدرة، وكذلك "الليلة الثانية بعد الألف" التي كتبها الفرنسي تيوفيل غيوتيه عام 1842، ويستعير المخرج التونسي شكري علية العنوان ليقدم مسرحيته في خمسة عروض تجوب فرنسا في الفترة المقبلة وحتى العاشر من الشهر الجاري.

العمل هو إنتاج مشترك ما بين "مركز الفنون الدرامية والركحية" في مدينة قفصة التونسية، ومسرح "حركة Haraka" الفرنسي،  ويًعرض غداً في "المركز الوطني للرقص" (de Pantin) في باريس، و"مسرح بلينغي" في الثالث من الشهر الجاري، وفي قاعة "روني كاسان" يومي 9 و10 من الشهر الجاري.

الأساس في العمل ليس النص فقط أو الحكاية، حيث يمكن القول إن المسرحية بشكل ما تنتمي أيضاً إلى "مسرح الجسد"، فالرقص التعبيري والأداء الجسدي جزء لا يتجزأ من حركة العرض وتطوّر القصة.

التجربة عرضت في "مهرجان قرطاج المسرحي" الأخير، وكانت أول عودة للمخرج المهاجر إلى تونس، الذي يصف عمله بأنه "أسئلة حول حاضر الثقافة والحضارة، وعلاقة ما يحدث من مدمرات للكيان والفرد".

ويضيف في حديث صحافي سابق معه، أنه أنطلق من شخصيات محلية ليتناول مشكلات إنسانية، معتبراً أن التجربة بمثابة عودة إلى الجذور، حيث عرفت مسارح جنوب تونس تجارب علية في الثمانينيات.

لم يستند علية إلى القصة الشهيرة "ألف ليلة وليلة" وحسب، بل قام بعصرنة الجزء الذي اختاره منها، سنجد شهادات واقعية وقراءات في كتب ومقالات صحافية وقصص متفرّقة من الجرائد ووسائل التواصل الاجتماعي، رغم أن معظم الأزياء والسينوغرافيا تعيد المتفرج إلى العصور القديمة لكن النص يحيله دائماً إلى الراهن، وكأن المخرج يستعمل هذه الأدوات للانتقال في الزمان والمكان بحرية.

"الليلة الثانية بعد الألف"، تجد شهرزاد نفسها في العالم المعاصر الذي لا تعرف كيف تفكّ شيفرته ولا كيف يمكنها أن تتعامل مع البشر فيه، إنه بلد وهمي يستحضر الفوضى الحالية في عالمنا، يعود أيضاً إلى تحالف هارون الرشيد مع شارلمان ليسقطها على الواقع السياسي، ثمة عودة أيضاً استعادة لـ "متحف باردو" وشخصيات لقيت حتفها في حادثة التفجير ولكن حكاياتها ظلّت مجهولة.

في هذه المملكة التي خذلتها تحالفات تمزّق بعضها بعضا، تلجأ إلى أنقاض "متحف بغداد" القديم. بحثا عن أبنائها الثلاثة المفقودين، فتسافر من هناك إلى المستقبل، حيث تتشابك الحكاية الأسطورية مع الواقع، وتتقاطع قصص الماضي مع حكايات اليوم.

يؤدي الأدوار أربعة فنانين من تونس وأربعة من فرنسا هم؛ حسن رابح وإيناس ديريمو ومحمد السعيدي وإيمان ممّش ووليد الخضراوي وسعيد السرايري وسارج أتوغا وإيليونس هندريكس.

المساهمون