"الكوميكس" الكاريكاتوري.. تقنيات السخرية الحديثة

28 ابريل 2016
(عماد حجّاج، العربي الجديد)
+ الخط -
طوّرت وسائل التواصل الاجتماعي أشكالاً جديدةً من السخرية التي يُمكن اعتبارها كاريكاتورية، وجرى تسميتها "كوميكس". لا يتطلّب هذا النوع من السخرية جهداً فنيّاً، أو اجتراح فكرة لتنفيذها في عملٍ كاريكاتوري، بل إلى سرعة بديهة وخفّة ظل يُشيران إلى أن الروح الكاريكاتورية واسعة، وتستوعب ما حولها من تقنيات ووسائل حديثة.

يقوم هذا النوع من السخرية على أخذ صورة لشخصية عامّة، كرئيس دولةٍ مثلاً، أو وزير، أو مسؤول، أو حتّى لاعب كرة قدم.. إلخ، وإرفاقها بنصّ مُقتبَس من مسرحيّة أو فيلم عُرِفا بعبارات/ إفّيهات شهيرة مُتداولة على ألسن الناس.

مثلاً، حين يخرج علينا رئيسٌ ما، يحاول أن يتحدّث الإنجليزية بركاكة، تُرفق صورته لحظة حديثه بعبارة: "إنجليزي ده يا مُرسي؟"، المأخوذة من "مدرسة المشاغبين". لم يقتصر الأمر على الصور الثابتة، بل بات الفيديو إحدى الوسائل الأكثر إضحاكاً في هذا السياق.

لم ننسَ بعد سؤال الصحافية المصرية لـ ليوناردو ديكابريو حين حاز أوسكاره الأولى: ?what about your first Oscar، انهالت صفحات "فيسبوك" على هذا الفيديو كمن عثر على كنز؛ فدمجوه بمقاطع من الحوار الذي دار بين مرسي الزناتي ومنصور، في "مدرسة المشاغبين"، فبدت أسئلة منصور كأنّها موجّهة للصحافية. وهذا أيضاً مع حصل مع الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي بعد أحد خطاباته قبل شهرين.

لا يقتصر دور هذه الفيديوهات على السخرية فحسب، بل هي وسيلةٌ لتفكيك ما يصدر عن السّلطة، وانتقاده بصورةٍ لاذعة، لا يُشكّل الضّحك سوى عنصر من أحد عناصرها؛ إذ يتبعه، غالباً، ما يشبه إعادة النّظر، من زاوية أخرى، بالخطاب الذي تتبنّاه أو تقوله السّلطة.

تزامن ظهور هذا الأسلوب مع بداية انتشار البرامج التلفزيونية السياسية الساخرة، والتي انحسرت، خصوصاً في مصر، بعد عودة سلطة العسكر إلى الحكم، وبعد أن طفا إعلام الثورات المضادّة على السّطح، مقابل إيقاف تلك البرامج التي لم تستطع الاستمرار بما احتوته من تهكّمٍ وسخرية في مواجهة السلطات الجديدة، فالرّقابة أتت على كلّ شيءٍ تقريباً، حتى إن ما يُنشر على مواقع التواصل الاجتماعي يتعرّض أصحابه أحياناً إلى الملاحقة، وتُلفّق لهم تهم تندرج تحت قوانين "الجرائم الإلكترونية".

لكن، في المقابل، تظلّ هناك صفحات لا يُعرف من هم أصحابها، لم يستسلموا للأمر، وراحوا يزيدون من جرعات السخرية من خلال هذا "الكوميكس" الكاريكاتوري.

المساهمون