حالة من السخط والسخرية عمت الشارع العراقي، بعد تفجير الكرادة، وسط بغداد، في الساعة الواحدة من صباح الأحد، والذي أوقع أكثر من 200 قتيل وجريح.
وأعرب عراقيون عن استيائهم من الخطط الأمنية، التي تعتمدها الحكومة العراقية في تأمين مناطقهم، معتبرين أنها المتهم الأول في مقتل العراقيين؛ بإصرارها على استخدام جهاز كشف للمتفجرات.
وأثبت جهاز كشف للمتفجرات، بشكل قاطع، فشله، منذ استيراده في 2008، حيث تكشفت الحقائق عن أن صفقة فساد كبرى كانت وراء شراء هذه الأجهزة، وفقاً لتقارير بريطانية وأميركية.
وكانت الحكومة العراقية قد اشترت ستة آلاف جهاز لكشف المتفجرات من نوع (آي دي) خلال الفترة ما بين 2008 و2010، بهدف وقف سيل السيارات المفخخة والعبوات الناسفة. واستخدمت، منذ تاريخ استيرادها، عند نقاط التفتيش في جميع أنحاء البلاد، لكنها لم تنجح في إيقاف السيارات المفخخة، وهو الغرض الذي استوردت لأجله.
القوات الأميركية كشفت، مطلع 2014، أن معظم أجهزة فحص المتفجرات التي استوردتها الحكومة العراقية غير صالحة للاستخدام، كما أن سعر الجهاز الواحد وصل إلى 60 ألف دولار، فيما يباع في أسواق بريطانيا بـ 40 دولاراً فقط.
من جهتها، اعتبرت بريطانيا أن الصفقة المشبوهة تمس بسمعتها، على الرغم من عدم ارتباطها رسمياً بالصفقة، عدا عن أن من باع الأجهزة بريطاني الجنسية.
وأكدت تقارير بريطانية أن النّصاب البريطاني هو رجل الأعمال، جيمس ماكورمك، الذي سجن في العام 2013، من القضاء البريطاني بسبب هذه الصفقة، التي رأت المملكة أنها تسيء إلى سمعتها، حيث عقد هذا الرجل صفقة بيع أجهزة للحكومة العراقية في العام 2007، مقنعاً المسؤولين العراقيين، أنها تكشف عن المتفجرات والمخدرات أيضاً، فيما تؤكد تقارير عراقية أن الجهات الرسمية التي أبرمت الصفقة، تعلم جيداً أنها لا تصلح للكشف عن المتفجرات، وأنها صفقة حكومية فاسدة لجني أرباح طائلة.
بريطانيا تعاقب المُوَرد
السفير البريطاني في العراق، فرانك بيتر، بدا مستغرباً من أن الجهاز "البريطاني" ما زال معتمداً في العراق، وقال في أكتوبر/تشرين الأول 2015، خلال زيارته مدينة كربلاء: "جميع المتورطين بتجهيز وزارة الداخلية (العراقية) بالجهاز تم سجنهم"، مبيناً أن "بريطانيا تتعامل مع أمور كهذه، تتعلق بالفساد، بصرامة".
الفضيحة بعد أن دوت أصداؤها عالمياً، وتكشفت حقيقتها وأغضبت الشارع العراقي والمنظمات المدنية والناشطين ووسائل الإعلام، استدعت فتح تحقيق نيابي بالقضية داخل العراق، وتوصلت في العام 2013 إلى ضلوع مجموعة من كبار المسؤولين الأمنيين والحكوميين فيها، ولم يسلم مكتب نوري المالكي، رئيس الوزراء حينها، من الاتهام، أيضاً، وهو ما أكده آنذاك جواد الشهيلي، الذي كان يشغل منصب عضو لجنة النزاهة في مجلس النواب العراقي.
يذكر أن الأوضاع الأمنية في العاصمة بغداد، تشهد توتراً، منذ منتصف العام 2013، إذ أعلنت بعثة الأمم المتحدة في العراق (يونامي)، في الأول من يوليو/تموز الحالي، مقتل وإصابة 2119 عراقياً نتيجة أعمال العنف التي شهدتها البلاد، خلال شهر يونيو/حزيران الماضي، مسجلة انخفاضاً عمّا سجلته خلال شهر مايو/أيار الماضي، مجددة تأكيد أن العاصمة بغداد كانت "الأكثر تضرراً".