"القط": صور من عالم مصر السفلي

01 فبراير 2015
فاروق الفيشاوي، أو الرجل الغامض
+ الخط -

في الوقت الذي تعيش فيه مصر وسينماها ما تعيشه من أزمات، تبدو خلطة الأعمال المستقلة/ التجارية طريق النجاة الوحيد للسينمائيين الساعين لبناء أو للمحافظة على رصيدٍ فني. "القط"، الفيلم الثاني الذي يجمع المخرج إبراهيم البطوط بالممثل والمنتج عمرو واكد بعد "الشتا اللي فات" (2012)، ويُعرض حالياً في الصالات المصرية، يلعب في هذه المنطقة.

يحكي الفيلم عن رجل عصابات (القط/ عمرو واكد) تختفي ابنته بطريقة غامضة، وسط خوف الجميع من أنّ من خطفها أفراد عصابة إجرامية تتاجر بالأعضاء البشرية، يترأسها الحاج فتحي.

هكذا، يدخل القط معركة الثأر من هذه العصابة، ساعياً إلى تخليص نفسه والناس من شرها، بالتعاون مع شخصية تبدو أقوى من الجميع (الرجل الغامض/ فاروق الفيشاوي) تتاجر هي الأخرى بالأعضاء البشرية لكن "بطريقة شرعية"، عبر سرقة الجثث، لا البشر الأحياء!

يقدّم الفيلم صورة معبّرة عن العوالم السفلية، حيث الفقر والبشر المستعدون لفعل أي شيء من أجل الاستمرار. تجرّنا الأحداث وراءها، إلى أمكنة كالجحور يعيش فيها الناس بعدما رفضهم العالم العلوي، أبدع البطوط في تصويرها وتصوير مفارقاتها، مع بعض المبالغة.

ينطلق المخرج من أحداث واقعية عاشها، تماماً كما في فيلمه "الشتا اللي فات" الذي سرد فيه تجربة شقيقه مع أجهزة القمع في مصر. ففكرة الفيلم جاءته بعد معاينته للفوضى في ميدان الإسعاف. وبالتالي، تكشف قصته الفوضى التي تعمّنا: أماكن، أشخاصاً، زماناً ودولة.

وللمفارقة، يأخذ الفيلم نصيبه من هذه الفوضى، فالأحداث تبدو غير منسجمة من حيث الأهمية والتوالي، وهناك حبكات فرعية لم تقدّم شيئاً للقصة، بل زادتها غموضاً، لعدم تقديم البطوط أحداثها بطريقة سرد كلاسيكية، بل عبر مزج الواقع بالخيال، في خطاب مزدوج ومتكلف.

وفي النهاية، لم يفلح المخرج في رسم الصورة التي أراد، لتسرّعه في إقحام حدث مهم وقوي هو قتل القط لأحد أفراد العصابة، ما أثّر على إيقاع العمل، إضافة إلى اجتهاده في أحداث فرعية دون جدوى. كما ظهرت الشخصيات بتفاصيل لم تخدم تصوّر الجمهور عنها، ما جعل خط السرد يفقد وجهته.

وفي سياق هذا الشتات، تحضر شخصية الرجل الغامض التي بالغ المخرج في إحاطتها بمظاهر غريبة، فهي تتمتع بقدرات شيطانية، ترى المستقبل والحاضر، وتتحكم في العالم من مكانها. وليست هذه الشخصية وحدها الغامضة، فشخصية القط أيضاً تبدو غامضة الدوافع والغايات، والقصة عموماً مرتبكة، في غياب مؤشرات درامية واضحة عن الصراع وأطرافه ودوافعه.

المساهمون