كثيراً ما اهتمّ علماء النفس بدراسة فعل القراءة سواء بفهم الدوافع التي تقود شخصاً ما إلى مطالعة الكتب وتجعله في الغالب يعيش تجارب مادية أو متخيلة تختلف عن القواعد أو المعايير التي نشأ عليها، وهل ثمة شخصية مهيأة لذلك أم أن القراءة وحدها هي المسؤولة عن انزياح في تفكيره ومعتقداته ومشاعره.
توجد اتجاهات عدّة لتناول تأثير الكتاب على البشر، حيث يشير بعضها إلى نزوع القارئ إلى قبول فكرة التنوّع والاختلاف والتجريب خارج ما اعتاد عليه من مسلمات وثوابت، أو كما يصفها الكاتب الفرنسي دانيال بناك في كتابه "متعة القراءة"، بأنها "القدرة على أن يكون القارئ في كل مكان، وأن يتخلّص من سلطة الزمان".
"القراءة والتمرد: مختارات من كتابات راديكالية للطفل" عنوان الندوة التي تُقام عند السابعة من مساء اليوم الأربعاء في "هاوس مان راديكال بوك سيلرز" في لندن، ويتحدّث خلالها الباحثون كيم رينولدز وجين روزين ومايكل روزن، حيث يقدّمون مختارات جديدة من كتابات "راديكالية" للأطفال منذ النصف الأول من القرن العشرين.
يعود المتحدّثون إلى الفترة الممتدة بين عامي 1900 و1960، حيث تبنّت قطاعات كبيرة من الشعب البريطاني مجموعة من الأيديولوجيات اليسارية على أمل خلق مجتمع أكثر عدلاً، وأقل طبقية، وأكثر تخطيطاً وأكثر إمتاعاً للجميع، وراجت فيها العديد من الكتب والمؤلّفات التي تدعو إلى هذه الأفكار.
يشير بيان المنظّمين إلى أن "كتب الأطفال والدوريات كانت جزءاً أساسياً من النشاط الراديكالي، حيث كان من المتوقع أن تصنع الأجيال الجديدة المجتمع الجديد، وكانت القراءة تعتبر الطريقة الأكثر مباشرة لمساعدتهم على اكتساب المهارات اللازمة لهذه المهمة".
يناقش المشاركون العديد من الأمثلة كالكتب المصورة، والدوريات، وكتب المعلومات، والمسرحيات، وكتب الأغاني، والنشرات، والروايات، وأدب الأطفال، حيث تحتوي المختارات المقدّمة على مجموعة واسعة من أنواع المواد التي كان الآباء اليساريون والتقدميون يريدون لأطفالهم قراءتها، والتي يستوعبها الأطفال كجزء من انتمائهم إلى طبقة راديكالية سياسية.