"الفجيرة" ..استديو تصوير درامي حيّ!

13 أكتوبر 2014
من الأعمال الدراميّة المصورة في الفجيرة(العربي الجديد)
+ الخط -
المدقق لإمكانيات إمارة الفجيرة ومميزاتها الطبيعية في دولة الإمارات العربية المتحدة، لابد أن يدرك أن الإمارة تحمل كافة المواصفات التي تجعل منها مركزاً دولياً لتصوير الأعمال الدرامية، وهي مواصفات تعززت مع التسهيلات الرسمية والقرارات التي تصدر يوماً بعد يوم، في سبيل دعم هذا القطاع.

بحسب محمد سعيد الضنحاني نائب رئيس هيئة الفجيرة للثقافة والإعلام، والذي قال في كلمته عند افتتاح ملتقى الفجيرة الإعلامي الرابع، إن "الهيئة وبناء على توجيهات رئيسها سمو الشيخ راشد بن حمد الشرقي ستقوم بالعمل على جعل الفجيرة قبلة للمبدعين في مجالات التصوير السينمائي والتلفزيوني والدراما بشكل عام من خلال إقامة استوديوهات للتصوير في ثلاث مناطق تراثية مفتوحة هي (البدية والحيل ومدينة الفجيرة القديمة) نظراً لما تشتمل عليه من غنى تاريخي، وجماليات جغرافية، حيث البحر والجبال والوديان  والواحات والسهول، مما سيمكنها عبر كل هذا التنوع الخلاق أن تغدو مركزاً دولياً رئيساً لانطلاق الأعمال الإبداعية".

فنياً، تملك  الفجيرة القدرة على استيعاب الأعمال الاجتماعية والتاريخية على نطاق واسع، كما تمنح جبال الفجيرة والبحر فيها، فضلاً عن الطبيعة الخضراء للإمارة خيارات لا تنتهي للمخرجين..وللأعمال الفنية، سينمائية كانت أم تلفزيونية...ولعل القيمة التاريخية التي لم تزل تختزنها الفجيرة في أبنيتها من شأنها أن تفتح الباب على مصراعيه أمام دراما تراثية تدور في أماكنها الحقيقة، مع تعديلات بسيطة لصالح إثارة الملامح المعاصرة.

وفق كل ما سبق، يمكن رصد اتجاهين في علاقة الدراما مع إمارة الفجيرة، الأول يتمثل في استعداد الفجيرة لوجستياً لاستقبال أي عمل درامي ينشد تصويره في  أراضي الإمارة، وذلك بتقديم التسهيلات والدعم اللامحدود لعمليات التصوير الدرامي، أما الاتجاه الثاني، وهو الأكثر وضوحاً، فهو الإنتاج الدرامي المحلي، الذي يتم بمشاركة عدد من شركات الإنتاج المحلية، وتقوده شركة "أرى الإمارات للإنتاج الفني"، التي ترصد في عدد مهم من أعمالها تاريخ الإمارات وتراثه الإنساني الغني ضمن قوالب حكائية درامية، تحمل بمدلولاتها هي الأخرى ما يعزز الوجه الإنساني الإماراتي، ويجعل من العمل الفني أقرب إلى وثيقة خلود لإمارة الفجيرة تضاف إلى معالمها التاريخية والحضارية وذاكرة سنوات طويلة من عمرها.
المثال الأوضح على قيمة "الفجيرة" الدرامية، وكيفية الاستثمار في الدراما لخدمة الفجيرة، تبدو أكثر وضوحاً في آخر الأعمال الدرامية التراثية التي احتضنت الفجيرة تصويرها، فوفقاً لمصادر شركة "أرى الإمارات للإنتاج الفني"، فإن فريقها استغرق أكثر من ستة شهور، بين  تخطيط وتصميم وتنفيذ، لإنجاز موقع تصوير خاص بالجزء الأول من مسلسل "القياضة"(يجري التحضير لتصوير جزء ثان من العمل) ينبض بالحياة الإماراتية وتفاصيلها المعمارية في ستينيات القرن الفائت. وإعادة صياغة المكان الموجود بما ينسجم ويتسق مع أجواء المسلسل وزمن أحداثه.

وتكشف الشركة أنها نجحت في موقع قريب من قرية البدية في الفجيرة، في "استعادة روح خمسين عاماً مضت، حيث قامت بترميم بيتين متهالكين، ليكونا نواة قرية تراثية متكاملة تضم بيوتاً عديدة، وفق أسلوب البناء الإماراتي التقليدي، وسط أشجار كثيرة من النخيل، إلى جانب مسجد وسوق وآبار ماء، وتدب فيها حياة على نحو مشابه لما كانت عليه في الستينيات"، وإلى جانب مقاربة التراث العمراني في المنطقة، يقارب العمل الثقافة الشفهية والمظاهر الاجتماعية شديدة الخصوصية في التراث الإماراتي المحلي.
المشروع بمجمله يتناغم وفكرة الاستثمار بالدراما لصالح "الفجيرة"...فالقرية التراثية التي أنجزها فريق "القياضة"، مؤهلة، وفق الشركة المنتجة، لتكون أستوديو تصوير دائم، بوسعه أن يحتضن أي أعمال درامية أخرى ذات بعد تراثي، فقد تم دعم الموقع بكل ما يوفر إمكانية استقباله الفرق الفنية،  إلى جانب الاهتمام بأدق التفاصيل التراثية في معمار تلك القرية، وهذه الأخيرة تكاملت فيما بينها لتؤسس قرية تراثية حقيقية، تمتلك المواصفات الكافية لتكون متحفاً عن فترة ما قبل  ستينيات القرن الفائت من تاريخ الإمارات التي تستقطب السياح وزوار المنطقة.
المساهمون