"الغارديان": يجب ألا تتعاون الديمقراطيات الغربية مع بوتين في سورية

01 اغسطس 2018
تعاون فرنسي روسي في سورية(Getty)
+ الخط -
تطرقت صحيفة "الغارديان" البريطانية إلى التعاون الفرنسي الروسي في سورية، والذي كانت بادرته شحنة المساعدات الإنسانية التي قدمت من فرنسا إلى قاعدة حميميم يوم 21 يوليو/ تموز الماضي، واصفةً تلك الخطوة بأنها "اللحظة التي باع فيها الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون نفسه للرئيس الروسي فلاديمير بوتين في سورية". وحذرت من أن هذه الخطوة لا تتعلق فقط بصورة فرنسا، وإنما تدل على مرض غربي، متسائلةً "كيف يمكن للديمقراطيات أن تضحي بمبادئها وكيف تستطيع الدكتاتوريات استغلال هذا الضعف؟".

وترى "الغارديان"، في عددها الصادر، اليوم الأربعاء، أنّ فرنسا قد سمحت لنفسها بأن تكون جزءاً من آلة الدعاية الروسية في سورية، والتي أظهرت تعاوناً روسياً مع دولة أوروبية انتقد دبلوماسيوها لسبع سنوات سياسات رئيس النظام بشار الأسد وبوتين في سورية، مبينةً أن "آلات الدعاية الروسية مثل قناة "آر تي" و"سبوتنيك" تلقفت الخبر بحماسة (وهي الواجهات الإعلامية التي انتقدها ماكرون العام الماضي)"، في حين أغفلت وسائل الإعلام الفرنسية الخبر.

إلا أن أهمية الخبر تتجاوز حدود فرنسا، وفقاً للصحيفة، فالغزل الروسي الفرنسي قد يكون بداية لاستسلام الدول الغربية لروسيا حول سورية. وترى "الغارديان" في السماح لروسيا بإدارة عمليات الإغاثة في سورية، وهي الكارثة الإنسانية التي تسببت بنزوح الملايين ومقتل مئات الآلاف، مسألة ذات أبعاد أخلاقية، عدا عن الشك في مدى التزام روسيا بتوصيل هذه المساعدات إلى مستحقيها، وعدم توزيعها على مرتكبي جرائم الحرب، مشيرةً إلى أن "المندوب الفرنسي في الأمم المتحدة، فرنسوا ديلاتر، كان قد شكك في مدى مصداقية أية تصريحات قادمة من جانب النظام السوري أو داعميه". 

وترى الصحيفة أن المواقف الغربية تجاه سورية قد أصابها الإرهاق الناجم عن الإحساس بالعجز أمام الرعب القادم منها، والذي فاقم منه صعود اليمين المتطرف الأوروبي الذي يدعم عمل بوتين في سورية، إضافة إلى تشكيك اليسار المتطرف بحقيقة ما يجري فيها.

"وبالطبع، فإن تقرب الرئيس الأميركي، دونالد ترامب من الأنظمة الدكتاتورية التي تستغل نرجسيته وسطحيته، خاصة أن سياسته في سورية حالياً تتركز على حماية إسرائيل من التهديد الإيراني، بغض النظر عما يصيب السوريين".

وتضيف "الغارديان" أن فرنسا التي كان لها موقف ثابت من المجازر المرتكبة في سورية ودور روسيا فيها بدأت تبيض هذا الدور الروسي، في خطوة تقوض من مصداقية مبادئها الإنسانية، وتدل على توجه نحو إفلاس أخلاقي، متسائلة "ولماذا؟ أحد التفسيرات المطروحة تلقي باللوم على ترامب، الذي بسياساته المتقلبة تجاه سورية، دفع بماكرون، وهو الذي يحاول الحفاظ على دور له في سورية، إلى أحضان بوتين".

ووفقاً للصحيفة، فإن بوتين يحاول استغلال هذا الوضع الدولي بهدف دعم جهوده "للمصالحة وإعادة الإعمار" في سورية، والذي سيتم بمجمله تحت الإشراف الروسي.

إلا أن "الغارديان" ترى أن الاعتقاد الأوروبي بضرورة الالتزام بالواقعية حول موازين القوى، وضرورة بناء استراتيجية تمنع تدهور الأوضاع نحو الأسوأ والمزيد من القمع والتطرف في سورية أمر، والتغافل عن المجازر التي ارتكبتها روسيا، ودورها في عرقلة الدبلوماسية الدولية في مجلس الأمن والتظاهر بأنها حليف في الأمور الإنسانية أمر آخر.

وبينما ينشغل الإعلام الفرنسي بقضية بنعلا، جاء التعاون بين ماكرون وبوتين فضيحة أخرى يجب أن لا يغفل عنها. فهي تخص طريقة تعامل ديمقراطية أوروبية مع جرائم ضد الإنسانية ومع من ارتكبوها على نطاق واسع. فبوتين يسعى لتواطؤ غربي معه للتغطية على المجازر التي ارتكبها في سورية، ويسعى لإعادة كتابة التاريخ لكي يرسم روسيا على أنها قوة للخير بدلاً من شريك مجرم للأسد.

بل إنه ذهب أبعد من ذلك ليتلاعب بالمشاعر الأوروبية حول مسألة المهاجرين، داعياً الغرب إلى التعاون معه لإعادتهم إلى حضن الأسد، والذي لا ينوي التخلي عن السلطة مطلقاً، وهو الذي أفرجت سلطات مخابراته عن قوائم بآلاف القتلى تحت العذيب في سجونه بالتزامن مع دعوة بوتين اللاجئين للعودة إلى سورية.

المساهمون