اتهمت منظمة العفو الدولية، اليوم الأربعاء، في تقرير لها بعنوان "سجن النساء، وانتزاع الأطفال: رقابة الشرط على الجنس والزواج والحمل في الأردن"، الحكومة الأردنية، بإساءة معاملة نساء وفتيات يعتقد أنهن تجاوزن سلطة ولي الأمر، أو تصرفن بشكل يعتبر غير أخلاقي، وذلك عبر فرض الحجز الإداري عليهن ومصادرة حريتهن.
وأشارت مديرة المكتب الإقليمي للشرق الأوسط وشمال أفريقيا في منظمة العفو الدولية، هبة مرايف، في مؤتمر صحافي للإعلان عن التقرير في العاصمة الأردنية عمّان اليوم، إلى تعرّض نساء متهمات بمغادرة منازلهن من دون إذن أو ممارسة الجنس خارج إطار الزواج، لاحتمال "التحفظ الإداري" عليهن والإهانة من خلال خضوعهن لـ"فحص العذرية"، في حين تواجه نساء حوامل خارج إطار الزواج "انفصالا قسريا عن أطفالهن حديثي الولادة".
وأضافت "على السلطات الأردنية الكف عن التواطؤ مع نظام وصاية ذكوري مسيء للسيطرة على حياة النساء والحد من حرياتهن الشخصية"، مبينة أن العام الحالي شهد حجزا إداريا لحوالي 85 سيدة وفتاة، معتبرة أنه "يجب على الحكومة الأردنية أن تعالج، على وجه السرعة، هذه الانتهاكات المشينة التي تناضل المنظمات النسائية الوطنية ضدها منذ عقود، بدءاً من الاستخدام المفرط للاحتجاز من قبل الحكام الإداريين (المحافظين) للمحافظات، وصولاً إلى نظام الوصاية التمييزي للذكور الذي يسمح بالقبض على النساء البالغات بسبب مغادرتهن المنزل من دون إذن".
— منظمة العفو الدولية (@AmnestyAR) ٢٣ أكتوبر ٢٠١٩ " style="color:#fff;" class="twitter-post-link" target="_blank">Twitter Post
|
وشمل تقرير منظمة العفو الدولية في الأردن مقابلات مع 121 فرداً، وكانت 49 من هذه المقابلات مع ضحايا لانتهاكات لحقوق الإنسان، بما فيها 29 مقابلة أجريت في فبراير/شباط 2019 مع نساء كن رهن الاحتجاز الإداري في "مركز إصلاح وتأهيل الجويدة"، وهو السجن الرئيسي للنساء في الأردن. كما أجرت المنظمة 58 مقابلة مع خبراء في المجتمع المدني ومع 14 مسؤولاً حكومياً وقضائياً. وأسندت المقابلات بتحليلات للقوانين النافذة، والسياسات المعتمدة، والأحكام الصادرة عن المحاكم.
وقالت مرايف "يسيء الحكام الإداريون في الأردن استخدام نص في تشريع قانون منع الجريمة، من أجل الاحتجاز الإداري لعشرات النساء في أي وقت"، مشيرة إلى أنه جاء في رد مكتب رئيس الوزراء على منظمة العفو الدولية أن هناك 149 امرأة رهن الاحتجاز الإداري، وأن 1259 امرأة قد تم إطلاق سراحهن من الاحتجاز الإداري خلال الأشهر الستة الأولى من 2019. وتم احتجازهن لعدة أسباب، من بينها "الغياب" عن المنزل من دون إذن ولي الأمر الذكر، وممارسة الجنس خارج إطار الزواج (الزنا).
— منظمة العفو الدولية (@AmnestyAR) ٢٣ أكتوبر ٢٠١٩ " style="color:#fff;" class="twitter-post-link" target="_blank">Twitter Post
|
وأضافت "أبلغ مكتب رئيس الوزراء منظمة العفو الدولية أيضا أن 85 امرأة يحتجزن إدارياً حتى الآن في 2019 بسبب الزنا، لكنه نفى أن يتم سجن النساء على الإطلاق بسبب "غيابهن"، ما لم يكن يشتبه في ارتكابهن جريمة أخرى.
وأشار التقرير إلى أنه "عندما زار باحثو منظمة العفو الدولية سجن الجويدة في فبراير 2019، التقوا بـ22 امرأة قلن إنهن محتجزات إدارياً بعد أن اشتكى أولياء أمورهن من أنهن سعين إلى الخروج من منزل الأسرة من دون إذن، أو كنّ على صلة باتهامات ممارسة الجنس خارج إطار الزواج (الزنا). وقالت أكثر من نصف هؤلاء النساء إنهن تعرّضن للسجن لأكثر من ثلاثة أشهر، والعديد منهن لأكثر من عام.
— منظمة العفو الدولية (@AmnestyAR) ٢٣ أكتوبر ٢٠١٩ " style="color:#fff;" class="twitter-post-link" target="_blank">Twitter Post
|
وأشار التقرير إلى أن هذا الرد "يتناقض مع التصريحات التي أدلى بها العديد من المسؤولين الحكوميين في اجتماعات مع منظمة العفو الدولية في فبراير 2019. وقال مسؤولون في مديرية الأمن العام للمنظمة إنه إذا كان لأفراد الأسرة دوافع كافية للشكوى إلى السلطات بأن النساء "غائبات"، فذلك يعني أن لهم دوافع كافية لإلحاق الأذى بهن، ولذلك تحتجز النساء "الغائبات" أيضا لحمايتهن.
وأشار التقرير إلى افتتاح وزارة التنمية الاجتماعية "دار آمنة" في يوليو/تموز 2018 بالشراكة مع منظمة "مجموعة القانون من أجل حقوق الإنسان (ميزان) غير الحكومية"، مبينا أنه لم يتم السماح لمنظمة العفو الدولية بمقابلة أي من النساء النزيلات هناك، وأثناء زيارة المنظمة أبلغ مسؤولو وزارة التنمية الاجتماعية الباحثين أن هناك 24 امرأة في المرفق، وأنه سيتم نقل ما يصل إلى 12 امرأة أخرى من سجون الأردن إلى الملجأ في الشهر التالي.
— منظمة العفو الدولية (@AmnestyAR) ٢٣ أكتوبر ٢٠١٩ " style="color:#fff;" class="twitter-post-link" target="_blank">Twitter Post
|
وبناء على ما سبق، دعت منظمة العفو الدولية السلطات الأردنية المعنية، التنفيذية منها والتشريعية والقضائية، إلى اتخاذ خطوات لحماية حقوق المرأة وتعزيزها، ومن بين هذه الخطوات "إلغاء وصاية الرجل على المرأة في القانون والواقع الفعلي، عبر إصلاح قانون الأحوال الشخصية".
كما دعت المنظمة إلى "إصلاح قانون العقوبات لإلغاء الأحكام التي تجرم العلاقات الجنسية التي تتم بالتراضي وتقيّد قرارات المرأة الإنجابية، بما في ذلك تجريم الزنا والإجهاض، وضمان الإفراج عن جميع النساء المحتجزات بالعلاقة مع هذه التهم وإسقاط التهم عنهن وشطب سجلاتهن الجنائية". بالإضافة إلى وضع حدّ لإجراء القبض على النساء اللاتي يحاولن العيش خارج نطاق الوصاية المنزلية من دون إذن، ووقف إجراء فحوصات العذرية وغيرها من فحوصات الطب الشرعي المهينة، وإلغاء إجراء الاحتجاز الإداري.