لم يمر حزب "العدالة والتنمية" المغربي في مرحلة عسيرة طيلة تاريخه السياسي أكثر مما يعيشه حالياً من أوضاع، أدت إلى حصول نوع من الفوران الداخلي الذي تجسد في توترات غير مسبوقة ومواقف غاضبة من قيادات داخل الحزب. واجتمعت على حزب "العدالة والتنمية" ما يسميه البعض عوامل استهداف خارجية ترمي إلى إفشال مسيرة هذا الحزب الذي احتل المرتبة الأولى مرتين متواليتين في الانتخابات التشريعية لعامي 2011 و2016، وأيضاً عوامل تنظيمية وسياسية داخلية، ساهمت كلها في بلوغ الحزب مرحلة من "الشك السياسي"، وفق مراقبين.
وانطلق محللون يتحدثون في الفترة الأخيرة عما أسموه احتمال "أفول" حزب "العدالة والتنمية"، في خضم توالي الضربات التي يتلقاها، إما من جهات خارجية، وهو ما دأب زعماء الحزب على تسميته بالتماسيح والعفاريت بلغة عبدالإله بنكيران، أو التشويش و"الدولة العميقة" بلغة قيادات أخرى.
هذا التراجع السياسي للحزب، بحسب محللين ومراقبين للمشهد السياسي في المملكة، يتوزع بشأنه قياديون في الحزب الإسلامي إلى ثلاثة فرق؛ الفريق الأول يوافق على هذا الطرح مشيراً إلى أن من عوامل التراجع أخطاء داخلية في اتخاذ قرارات أضرت بتوازن الحزب وصورته لدى الرأي العام الداخلي. أما الفريق الثاني من قيادات الحزب فاختار الدفاع باستماتة عن الحزب وتمجيد قوته التي يقولون إنها لا تزال مستمدة من الشعب، وتكرار الخطابات نفسها التي كانت تُردد قبل خوض الانتخابات الماضية، بينما فريق ثالث لجأ إلى الصمت ومحاولة عدم الانجرار إلى التصريحات أو التعليقات العلنية، باعتبار أن البيت الداخلي كفيل بحل أية مشاكل إن وجدت.
ويرى محللون أن من أبرز مؤشرات "التراجع السياسي" لحزب "العدالة والتنمية" في المشهد السياسي، أولاً الانتخابات التشريعية الجزئية التي مُني فيها الحزب الأول في البلاد بخسارات متوالية، باعتبار أنه من ضمن 11 دائرة انتخابية لم يفز سوى في دائرة واحدة بمدينة تطوان شمال المملكة، فيما الباقي تخلى فيها عن قواعده لصالح أحزاب أخرى، في أغادير والجديدة وتارودانت وغيرها.
قيادات "العدالة والتنمية" تُبرر النتائج المخيّبة للحزب في هذه الانتخابات الجزئية المعادة بكونها تعبيراً من المواطنين عن تذمرهم من الشأن السياسي بشكل عام وليس من أداء الحزب تحديداً، بدليل نسبة المشاركة المتدنية، وبالتالي النتائج ليست تصويتاً عقابياً للحزب. بينما يجد الكثيرون أن تلك النتائج هي نتيجة حتمية لطريقة إدارة الحزب لتشكيل الحكومة وما بعدها.
ومن المؤشرات التي يعتبرها مراقبون دليلاً على تراجع شعبية "العدالة والتنمية" في الفترة الأخيرة، المسيرة التي دعا إليها الحزب تضامناً مع فلسطين قبل أيام، والتي اتسمت بحضور ضعيف للجماهير نسبياً. مؤشر ثالث على ما يعتبره محللون تراجعاً في الجاذبية السياسية للحزب مقارنة مع ما كان عليه في ولاية عبدالإله بنكيران، هو تناقص أعداد الجماهير التي تحضر إلى المؤتمرات الحزبية في عدد من المناطق، وهو ما سبق أن رد عليه رئيس الحزب والحكومة سعد الدين العثماني بأن الكمّ لا يعني شعبية الحزب، وبأن الحزب لا يزال يستقطب الآلاف في اللقاءات والمؤتمرات التي يرأسها.
أما شكاوى الاستهداف الخارجي للحزب فتتمثّل، وفق مراقبين، في ما يعتبره عدد من قيادييه تشويشاً على الحزب من خلال إثارة معارك هامشية لتضييع جهده في الرد عليها، ومن ذلك ترويج إجراء انتخابات سابقة لأوانها، خصوصاً بعد إعفاء الملك لوزراء على خلفية ملف مشاريع "الحسيمة منارة المتوسط". ورد العثماني بصفته الأمين العام للحزب ورئيس الحكومة على هذه الأخبار مشدداً على أنها مجرد إشاعات من خصوم الحزب تهدف لإضعافه وضربه تحت الحزام، والإضرار بتماسك الأغلبية الحكومية، مؤكداً أكثر من مرة أن الحكومة منسجمة على الرغم من كل الاختلافات الموجودة، وبأن ولايته ستستمر إلى 2021 وما بعدها في الانتخابات المقبلة.
اقــرأ أيضاً
ومن الأمور التي يشكو "العدالة والتنمية" من استهدافه عبرها، ترويج معطيات مفادها أن الحزب في عهدة العثماني يحاول جاهداً كسب ود حزب آخر هو "الأحرار" الذي يقوده عزيز أخنوش، بخلاف ما كان عليه الأمر في فترة بنكيران الذي وقف ضد شروط أخنوش بإدخال حزب "الاتحاد الاشتراكي" إلى الحكومة، ليتم إعفاؤه من قِبل الملك واستبداله بالعثماني.
ومقابل "الضربات الخارجية" التي استهدفت هذا الحزب، ويرى البعض أنها باتت موكلة لأطراف سياسية غير حزب "الأصالة والمعاصرة" الذي كان "متخصصاً" في مواجهة "العدالة والتنمية"، يكاد يجمع محللون على أن هناك ضربات داخلية هزت "عرش العدالة والتنمية" في المشهد السياسي للمملكة.
ومن أقسى "الضربات الداخلية" التي ساهمت بشكل أو بآخر في تراجع جاذبية "العدالة والتنمية"، الحدث المفصلي المتمثل في إعفاء بنكيران ومجيء العثماني الذي سرعان ما قِبل بالشروط التي كان رفضها سلفه، وهو ما أحدث شرخاً سياسياً ونفسياً كبيراً ما يزال مستمراً بين مؤيد لهذا الطرف ومناصر للثاني. هذا الشرخ الذي هز "العدالة والتنمية" تواصل بعد ذلك من خلال تواجد تيارين بارزين داخل الحزب، على الرغم من نفي قياداته لهذا الأمر، الأول يؤيد بنكيران وطريقته في إدارة شؤون الحزب وحتى تسييره للحكومة، ويهاجم أحياناً فترة العثماني، والثاني يناصر الأخير ويدعم قراراته وتوجّهاته لحماية تماسك الحزب.
لكن ظهرت "ضربة داخلية" أخرى لا تقل قوة عن السابقة، متمثلة في حملة المقاطعة الشعبية التي شملت ثلاثة منتجات استهلاكية تتعلق بنوع معين من الحليب والمياه المعدنية وشركة محروقات، وظهر تباين كبير في مواقف قيادات الحزب، بين وزراء عارضوا المقاطعة، وقيادات أخرى في الحزب انحازوا إلى جهة المقاطعين. واصطف وزراء القطاعات المعنية بحملة المقاطعة إلى جانب الشركات "المغضوب عليها"، من خلال التحذير من الإضرار بالاقتصاد الوطني، وعدم اتخاذ مواقف حازمة من أوصاف أطلقها وزراء آخرون بشأن المقاطعين منها "المداويخ"، إذ اختار وزراء "العدالة والتنمية" تارة الصمت وتارة "الدفاع" بطريقة ضمنية عن مصالح الشركات التي أغضبت المغاربة.
في المقابل، ظهرت وسط الحزب نفسه أصوات قياديين مثل أمينة ماء العينين وعبد العزيز أفتاتي وآخرين، انتقدوا بحدة مواقف زملائهم الوزراء في الحكومة من حملة المقاطعة، ودعوهم إلى الإنصات إلى الشعب عوض مناصرة الشركات الكبرى، باعتبار أن الشعب هو من أوصل الحزب إلى سدة الحكومة.
وانطلق محللون يتحدثون في الفترة الأخيرة عما أسموه احتمال "أفول" حزب "العدالة والتنمية"، في خضم توالي الضربات التي يتلقاها، إما من جهات خارجية، وهو ما دأب زعماء الحزب على تسميته بالتماسيح والعفاريت بلغة عبدالإله بنكيران، أو التشويش و"الدولة العميقة" بلغة قيادات أخرى.
هذا التراجع السياسي للحزب، بحسب محللين ومراقبين للمشهد السياسي في المملكة، يتوزع بشأنه قياديون في الحزب الإسلامي إلى ثلاثة فرق؛ الفريق الأول يوافق على هذا الطرح مشيراً إلى أن من عوامل التراجع أخطاء داخلية في اتخاذ قرارات أضرت بتوازن الحزب وصورته لدى الرأي العام الداخلي. أما الفريق الثاني من قيادات الحزب فاختار الدفاع باستماتة عن الحزب وتمجيد قوته التي يقولون إنها لا تزال مستمدة من الشعب، وتكرار الخطابات نفسها التي كانت تُردد قبل خوض الانتخابات الماضية، بينما فريق ثالث لجأ إلى الصمت ومحاولة عدم الانجرار إلى التصريحات أو التعليقات العلنية، باعتبار أن البيت الداخلي كفيل بحل أية مشاكل إن وجدت.
قيادات "العدالة والتنمية" تُبرر النتائج المخيّبة للحزب في هذه الانتخابات الجزئية المعادة بكونها تعبيراً من المواطنين عن تذمرهم من الشأن السياسي بشكل عام وليس من أداء الحزب تحديداً، بدليل نسبة المشاركة المتدنية، وبالتالي النتائج ليست تصويتاً عقابياً للحزب. بينما يجد الكثيرون أن تلك النتائج هي نتيجة حتمية لطريقة إدارة الحزب لتشكيل الحكومة وما بعدها.
ومن المؤشرات التي يعتبرها مراقبون دليلاً على تراجع شعبية "العدالة والتنمية" في الفترة الأخيرة، المسيرة التي دعا إليها الحزب تضامناً مع فلسطين قبل أيام، والتي اتسمت بحضور ضعيف للجماهير نسبياً. مؤشر ثالث على ما يعتبره محللون تراجعاً في الجاذبية السياسية للحزب مقارنة مع ما كان عليه في ولاية عبدالإله بنكيران، هو تناقص أعداد الجماهير التي تحضر إلى المؤتمرات الحزبية في عدد من المناطق، وهو ما سبق أن رد عليه رئيس الحزب والحكومة سعد الدين العثماني بأن الكمّ لا يعني شعبية الحزب، وبأن الحزب لا يزال يستقطب الآلاف في اللقاءات والمؤتمرات التي يرأسها.
أما شكاوى الاستهداف الخارجي للحزب فتتمثّل، وفق مراقبين، في ما يعتبره عدد من قيادييه تشويشاً على الحزب من خلال إثارة معارك هامشية لتضييع جهده في الرد عليها، ومن ذلك ترويج إجراء انتخابات سابقة لأوانها، خصوصاً بعد إعفاء الملك لوزراء على خلفية ملف مشاريع "الحسيمة منارة المتوسط". ورد العثماني بصفته الأمين العام للحزب ورئيس الحكومة على هذه الأخبار مشدداً على أنها مجرد إشاعات من خصوم الحزب تهدف لإضعافه وضربه تحت الحزام، والإضرار بتماسك الأغلبية الحكومية، مؤكداً أكثر من مرة أن الحكومة منسجمة على الرغم من كل الاختلافات الموجودة، وبأن ولايته ستستمر إلى 2021 وما بعدها في الانتخابات المقبلة.
ومن الأمور التي يشكو "العدالة والتنمية" من استهدافه عبرها، ترويج معطيات مفادها أن الحزب في عهدة العثماني يحاول جاهداً كسب ود حزب آخر هو "الأحرار" الذي يقوده عزيز أخنوش، بخلاف ما كان عليه الأمر في فترة بنكيران الذي وقف ضد شروط أخنوش بإدخال حزب "الاتحاد الاشتراكي" إلى الحكومة، ليتم إعفاؤه من قِبل الملك واستبداله بالعثماني.
ومقابل "الضربات الخارجية" التي استهدفت هذا الحزب، ويرى البعض أنها باتت موكلة لأطراف سياسية غير حزب "الأصالة والمعاصرة" الذي كان "متخصصاً" في مواجهة "العدالة والتنمية"، يكاد يجمع محللون على أن هناك ضربات داخلية هزت "عرش العدالة والتنمية" في المشهد السياسي للمملكة.
لكن ظهرت "ضربة داخلية" أخرى لا تقل قوة عن السابقة، متمثلة في حملة المقاطعة الشعبية التي شملت ثلاثة منتجات استهلاكية تتعلق بنوع معين من الحليب والمياه المعدنية وشركة محروقات، وظهر تباين كبير في مواقف قيادات الحزب، بين وزراء عارضوا المقاطعة، وقيادات أخرى في الحزب انحازوا إلى جهة المقاطعين. واصطف وزراء القطاعات المعنية بحملة المقاطعة إلى جانب الشركات "المغضوب عليها"، من خلال التحذير من الإضرار بالاقتصاد الوطني، وعدم اتخاذ مواقف حازمة من أوصاف أطلقها وزراء آخرون بشأن المقاطعين منها "المداويخ"، إذ اختار وزراء "العدالة والتنمية" تارة الصمت وتارة "الدفاع" بطريقة ضمنية عن مصالح الشركات التي أغضبت المغاربة.
في المقابل، ظهرت وسط الحزب نفسه أصوات قياديين مثل أمينة ماء العينين وعبد العزيز أفتاتي وآخرين، انتقدوا بحدة مواقف زملائهم الوزراء في الحكومة من حملة المقاطعة، ودعوهم إلى الإنصات إلى الشعب عوض مناصرة الشركات الكبرى، باعتبار أن الشعب هو من أوصل الحزب إلى سدة الحكومة.