"الصابية": رقصة الانقسام الليبي

10 يناير 2015
(تصوير: محمد علي)
+ الخط -

تواصل "فرقة المسرح في أجدابيا" تقديم عروض "الصابية" على "مسرح التضامن" في المدينة. المسرحية التي توقّفت لشهور بسبب الأحداث العسكرية والانفلات الأمني، تتناول الأوضاع الراهنة في ليبيا، سيما أزمة النفط والاقتتال للسيطرة على حقوله وموانئه. وأجدابيا من المدن القريبة من منطقة الهلال النفطي، حيث يدور الصراع الذي اشتعل أخيراً، ويوجد في نطاقها ميناء نفطي هو ميناء الزويتينة.

الصابية، التي حمل العمل اسمها، شكل فني ينتمي إلى التراث الليبي، تقوم على وقوف مجموعة من الرجال متشابكي الأرجل، إلى جانب بعضهم بعضاً، والتصفيق والتغني بشتاوة (بيت شعر شعبي مقفى)، وينقسمون إلى صفين متقابلين فور دخول الحجّالة (الراقصة)، ليقوم كل صف باستمالتها إليه بإطلاق شتاوة معبّرة ترقص على إيقاعها الحجّالة. وهذه الرقصة، عند بدايتها، تكون صفاً واحداً، ولكن بعد دخول الراقصة يبدأ الصف بالانقسام، وهذا هو حال ثورة "17 فبراير"، بفارق أن الحجالة هي النفط والسلطة.

تنطلق فكرة العمل (تأليف وإخراج: فتحي القابسي، تمثيل: عبد الباسط الجارد ونعيمة بوزيد) من صراع الأزلي بين البدو والحضر، لكنه يبدأ ثقافياً هنا؛ إذ تأتي مجموعة من البدو في صابية الكشك، ومجموعة من الحضر منتظمين في الغيطة (شكل فني يمارسه أهل المدن)، ويصعدون المسرح حيث هنية، أم الشهيد، التي تجلس أمام كوخها تغني على الرحى.

هنية ليس لها إلا ابن وحيد استشهد في المعارك من أجل الحرية، والكل يعلم أن تحت كوخها بترول؛ لذا يستمر التقرّب منها، بل أن الصراع بين الحضر والبدو يتجلّى في طريقة تقرّب كل منهم إليها.

يأتي إليها الحضر في هيئة وفد من الأتراك لتكريمها بوصفها أم الشهيد، ومن ثم محاولة إقناعها بإعطاء صوتها للمرشّح الحضريّ، ليظهر البدو في هيئة فرقة كشّافة لتقديم الهدايا وتقديم رقصة احتفاء بها. ثم يعود الحضر مرّةً أخرى على أنّهم فرقة مالوف وموشحات (شكل غنائي مديني أصله من الأندلس)، ويطلبون منها، من خلال أغنية، إعطاء صوتها لمرشّحهم، ليأتي البدو كوفد يتكوّن من الأعشى وعنترة والزير سالم وأبو زيد الهلالي؛ لزيارتها والسؤال لمن ستمنح صوتها، مع الإشارة إلى أفضلية أن تعطيه للبدو.

يستمر الصراع على هذا النحو، حتى تُقام المناظرة بينهما، حيث يقدم كل منهما برنامجه الانتخابي والمشاريع التي سينفذونها . وبعد الانتخابات وتعادل النتيجة، يلجؤون إلى هنية، وهنا يتحول الصراع إلى حرب إعلامية، ومن ثم يتطور إلى المواجهة بالسلاح، فتقتل أم الشهيد برصاصة طائشة.

المساهمون