يتداخل خيار اعتماد ممثلين من بلدان مختلفة مع مضمون المسرحية، حيث أنها تتناول قضية الهجرة السرية من خلال مجموعة أفراد يقرّرون الهجرة إلى أوروبا بحراً، ونجد من بين هؤلاء - كما في قوارب الموت تماماً - أكثر من جنسية من بلدان الجنوب. تتناوب الشخصيات خلال العرض سرد حكاياتها والتي تفتح على إشكاليات متعدّدة تعيشها المجتمعات الأفريقية والعربية مثل انعدام الأمن وموارد الرزق والتعصّب الديني والعرقي.
إذا كانت المسرحية من إخراج كلّ من سيرين قنون ومجدي أبو مطر، فإن فكرتها كانت حاضرة في دفاتر المسرحي التونسي الراحل عز الدين قنون (1952 - 2015)، ولم تكن شرارتها الوحيدة تلك المآسي التي عرفها المتوسط جرّاء موجة الهجرات بين 2011 و2015، وإنما كان هذا العمل على صعيد آخر شكلاً من أشكال تجسيم طموحات المشروع الذي أطلقه قنون في 2001؛ "المركز العربي الأفريقي للتكوين والبحوث المسرحية"، حيث كان يطمح من خلاله إلى إنتاج أعمال عابرة للحدود الثقافية.
لعلّ غياب صاحب الفكرة كان سبباً في نجاح العمل، ويبدو أن فريق المسرحية قد تخلّى عن فكرة سلسلة العروض المحدودة التي طُرحت في البداية، ويعود ذلك أيضاً للعلاقة الشخصية التي تربط بين كلّ عنصر في العمل مع صاحب مسرحية "غيلان"، حيث تحوّل هذا العمل إلى نوع من الاعتراف بالجميل أو الاستعادة المتجدّدة لقنّون، دون أن ننسى أيضاً طلب الجمهور عليها خصوصاً وأن موضوع المسرحية لا يزال راهناً إلى يومنا.
يشارك في أداء العرض كلّ من: بحري رحالي، وعبد المنعم شواط، وريم حمروني، وأسامة كشكار من تونس، وندى حمصي من سورية، وصوفيا موسى من لبنان، وغي إيسونوسيه ومريم دارا من بينين.