وأجرى الحزب انتخابات داخلية في 45 ولاية تركية، أمس الإثنين، لاختيار النواب الذين سيترشحون على قائمته للانتخابات البرلمانية المقبلة في يونيو/حزيران المقبل، وذلك في الوقت الذي عقدت فيه قيادات الحزب اجتماعاً موسعاً في مدينة اسطنبول، لعرض مقطع فيديو يتحدث عن حياة زعيم الحزب كمال كلجدار أوغلو في إطار الحملة الانتخابية.
رفع الحزب شعار "كمال الأناضول" و"كمال الدين للجمهورية"، في إشارة رمزية للتشابه مع اسم مصطفى كمال أتاتورك ورمزية الأناضول للأمة التركية، ليردد الحاضرون هتاف "كمال أمل الأمة"، ثم ركز كلجدار أوغلو، أثناء حديثه، على أصوله الفقيرة التي تعود إلى إحدى القرى التابعة لمدينة تونجلي (ديرسيم)، ومعاناته للحصول على التعليم الجامعي ونضاله الحزبي.
لم يعد الصراع على الهوية بين "الكماليين" العلمانيين والمحافظين المتدينين، هو الأساس بين حزبي "العدالة والتنمية" و"الشعب الجمهوري" الذي يدرك عدم قدرته على الانتشار في حال استمرار الصراع، في وقتٍ يُشكّل المتديّنون أغلبية واضحة في المجتمع التركي.
ويحاول الحزب إعادة العامل الطبقي إلى الواجهة، إذ تعتمد حملته الانتخابية، على الجانب الاقتصادي بشكل أساسي، عبر رفع شعارات "محاربة الفساد ورفع المستوى المعيشي والقضاء على الفقر"، مانحاً وعوده برفع الحدّ الأدنى للأجور.
اقرأ أيضاً: اليسار التركي يحلم بـ"سيريزا جديدة" في الانتخابات
وتعهّد كلجدار أوغلو خطياً قبل أيام، بصرف أجر شهرين للمتقاعدين سنوياً، إما في عيد الفطر أو في عيد الأضحى، كما يتبع الحزب منذ فترة، سياسات واضحة للتقرّب من المتدينين، بلغت ذروتها بالتوافق مع حزب "الحركة القومية"، على ترشيح المحافظ المتدين أكمل الدين إحسان أوغلو، للانتخابات الرئاسية في أغسطس/آب الماضي، الذي حقق فيها زعيم "العدالة والتنمية" رجب طيب أردوغان، انتصاراً ساحقاً.
ويُشكّل هذا البرنامج تعبيراً واضحاً عن التحوّل الذي قاده كلجدار أوغلو منذ وصوله إلى زعامة الحزب عام 2010، في مواجهة السياسات النيوليبرالية لـ "العدالة والتنمية"، وذلك بالعودة إلى الفكر اليساري "الاشتراكي الديمقراطي"، الذي كان سائداً في فترة رئيس الوزراء السابق بولنت أجاويد، في سبعينيات القرن العشرين، قبل اندلاع تمرّد حزب "العمال" الكردستاني في الثمانينيات، والذي دفع الحزب نحو الابتعاد عن الفكر اليساري لصالح مواقف قومية متشددة.
وطالما ارتبط اسم "الشعب الجمهوري" بفترات الأزمات الاقتصادية، كون معظم الطفرات التي عاشها الاقتصاد التركي، كانت بيد أحزاب يمينية منذ عهد "الحزب الديمقراطي" برئاسة رئيس الوزراء السابق عدنان منديريس، مروراً بحزب "الوطن الأم" بقيادة تورغوت أوزال، وانتهاء بالانتعاش الأخير الذي قادته حكومة حزب "العدالة والتنمية".
وللتغلب على ذلك، وفي محاولة لنيل ثقة كبار الصناعيين الأتراك والمستثمرين الأجانب، وتطمينهم إلى استمرار العجلة الاقتصادية في البلاد، بعد رحيل الفريق الاقتصادي لـ "العدالة والتنمية" بقيادة نائب رئيس الوزراء علي باباجان، قدّم "الشعب الجمهوري" فريقاً اقتصادياً بقيادة الرئيس السابق لبرنامج التنمية التابع للأمم المتحدة كمال درويش.
وأشارت عودة درويش إلى العمل السياسي ضمن صفوف الحزب، بإعلانه قبول العرض الذي قدمه له كلجدار أوغلو برئاسة الفريق الاقتصادي للحزب، في حال مشاركته في تشكيل الحكومة، وذلك على الرغم من أن جميع استطلاعات الرأي تؤكد عدم هبوط مستوى أصوات "العدالة والتنمية" إلى ما دون 48 في المائة، وعدم تجاوز أصوات "الشعب الجمهوري" حاجز الـ 30 في المائة.
وسبق لدرويش، الخبير الاقتصادي في البنك الدولي، أن استُدعي أيام رئيس الوزراء السابق بولنت أجاويد في العام 2001، لوضع خطة للنهوض باقتصاد البلاد والتغلّب على واحدة من أكبر الأزمات التي عاشها الاقتصاد التركي في حينه. وعلى الرغم من هشاشة الحكومة الائتلافية في ذاك الوقت، إلا أن درويش استطاع القيام بعدد من الإصلاحات الهيكلية في الاقتصاد والبنك المركزي، ليتبع فريق "العدالة والتنمية" الاقتصادي بقيادة باباجان برنامج درويش مع الفريق نفسه، لسنوات عدة بعد وصولهم للحكم عام 2002.
اقرأ أيضاً: الانتخابات التركية: معارضة "إثبات الوجود" لكسر صدارة حزب أردوغان