نجح الألماني مانفريد ويبر، رئيس الكتلة البرلمانية لحزب الشعب الأوروبي (يمين الوسط) وعضو الحزب الاجتماعي المسيحي في بافاريا، في انتزاع تأييد 79,2% من أصوات المندوبين الـ 720 خلال اجتماع عُقد، اليوم الخميس، في هلسنكي عاصمة فنلندا، من منافسه رئيس الوزراء الفنلندي السابق ألكسندر ستوب، لرئاسة المفوضية الأوروبية، بعد الانتخابات المقررة الربيع المقبل، في حال شكل أكبر كتلة داخل البرلمان الأوروبي.
وبات ويبر أول ألماني ومنذ أكثر من نصف قرن المرشح الأبرز لتولي هذا المنصب الأوروبي الرفيع بعد المسيحي الديمقراطي فالتر هالشتاين، الذي قاد المفوضية بين أعوام 1958 و1967.
وخاض ويبر حملة ترشحه تحت شعار "يجب إعادة أوروبا إلى الشعب"، آملاً بوصوله إلى أعلى مركز سياسي في بروكسل، واستطاع كسب تأييد رؤساء الدول والحكومات الأوروبية المحافظة بعد أن ركز في حملته على ضرورة اعتماد آلية ملزمة لفرض سيادة القانون في جميع دول الاتحاد الأوروبي.
وقال المرشح الألماني إنه يريد "فتح صفحة جديدة لأوروبا، التي عليها أن توحد جذورها الأصلية"، مشدداً على أنه "يجب أن تؤخذ مخاوف الإرهاب على محمل الجد".
وفي ملف الهجرة، اعتبر أن "حزب الشعب الأوروبي يجب أن يكون حصن الحدود الخارجية الآمنة"، قبل أن يشدد على أهمية العلاقات عبر الأطلسي، وفق ما ذكرت صحيفة "بيلد".
وفي كلمتها، اعتبرت المستشارة أنجيلا ميركل، التي شاركت في اللقاء بصفتها زعيمة للمسيحي الديمقراطي، المؤيد لترشيح ويبر، أن "القومية تقود في النهاية إلى الحرب"، لتنبه إلى أنه "في الحملات الانتخابية يجب أن نتأكد من أننا نتحدث جيداً عن بعضنا البعض حتى يحترم الناس أوروبا ولا يحتقروها".
وسيشكل انتخاب ويبر، الذي يثير الحماس في أوروبا، رئيساً للمفوضية بعد انتهاء ولاية الرئيس الحالي جان كلود يونكر، ربيع عام 2019، مكسباً للاتحاد، خاصة وأن الأخير برلماني أوروبي من ذوي الخبرة في أروقة بروكسل، بالإضافة إلى كونه رئيس أقوى كتلة في البرلمان المذكور، فضلاً عن أنه ليس كالرؤساء الآخرين الذين تناوبوا على المنصب، بعد تركهم لمناصبهم الرسمية في بلدانهم سابقاً.
ويبقى الأهم بالنسبة للمرشح الألماني أن تسير الأمور على ما يرام، ويضمن الانتصار الانتخابي، بسبب هياكل السلطة المعقدة في المؤسسات الأوروبية، رغم التوقعات بأن يكون حزب الشعب أكثر قوة في البرلمان الأوروبي الجديد، مع الإشارة إلى أن ويبر سيكون مع منافسه مرشح الاشتراكي الديمقراطي السياسي الهولندي فرانس تيمرمان، وكلاهما من الشخصيات المقنعة، في دائرة الضوء لمدة 6 أشهر، حتى موعد الانتخابات الأوروبية.
ولم يحدث أن عاش البرلمان الأوروبي، ومنذ أول تصويت له عام 1979، انتخابات بهذه الأهمية، إذ يعيش حالياً أزمة هوية مع بعض مسؤوليه في الوسط الأوروبي، أمثال رئيس وزراء المجر فيكتور أوربان، ووزير الداخلية الإيطالي ماتيو سالفيني.
وبات مطلب الناخبين أن يكون هناك جدل واضح حول الدور الذي تريد أوروبا أن تلعبه في العالم، ومدى الحاجة إلى الاستثمار في المساعدات العسكرية والتنموية، في ظل التحذيرات التي تطلقها الأحزاب المحافظة، وخوفها من الإخفاق في هذه الانتخابات، لكونها تتعلق هذه المرة بـ"روح أوروبا"، وكون أنه بدون محاكم مستقلة فإن السوق الأوروبية الموحدة لا يمكن أن تعمل في ظل سعي بعض الحكومات، ومنها الإيطالية، إلى خرق القواعد المتفق عليها في منطقة اليورو عن عمد، في مؤشر يوحي بتهديد العملة المشتركة، إلى ضرورة أن يشرح أي رئيس مستقبلي للمفوضية كيفية التعامل مع زعماء أمثال المجري والبولندي.