"الديكتاتورية وكأس العالم8"..لعنة سور برلين تحرم ألمانيا من المونديال

10 يونيو 2014
الجيل الألماني الذهبي يحتفل بآخر تتويج بكأس العالم 1990(Getty)
+ الخط -

أدت مساعي الديكتاتور أدولف هتلر، التوسعية بهدف بناء دولة نازية كبرى الى اندلاع الحرب العالمية الثانية، التي انتهت عام 1945 بهزيمة مدوية لألمانيا، وفرضت عليها الانقسام الى دولتين: ألمانيا الاتحادية (الغربية) وألمانيا الديمقراطية (الشرقية).

 

وبعد تسعة أعوام استعادت ألمانيا شرف المشاركة في بطولة كأس العالم لكرة القدم في سويسرا، وذلك بعد أن حرمتها "فيفا" من الاشتراك بنسخة 1950 في البرازيل لماضيها السياسي النازي، والكوارث التي تسببت فيها في الحرب العالمية.

 

في وقت تأهلت ألمانيا الغربية الى المونديال، ووقعت في مجموعة تضم المرشح الأول للقب منتخب المجر، بجانب تركيا وكوريا الجنوبية، وانصبت التوقعات لمصلحتها في التأهل الى ربع النهائي برفقة منتخب بوشكاش الذهبي.

 

افتتحت ألمانيا الغربية مشوارها بفوز كبير على تركيا (4 – 1)، لكنها تعرضت للإذلال أمام المجر وخسرت بشكل فاضح (8 – 3) ، لتعود وتسحق تركيا (7 – 2)، في مباراة تحديد صاحب المركز الثاني.

 

في دور الثمانية أزاحت يوجوسلافيا (2 – 0)، وفي المربع الذهبي أطاحت النمسا بعد فوز كبير (6 – 1)، لتتكرر المواجهة أمام المجر في المباراة النهائية، في وقت تأكد العالم بأن بطل المونديال الجديد سيكون المنتخب المجري من دون شك.

 

لكن حدث ما لم يتوقعه أحد وتفجرت "معجزة بيرن"، كما لقبت المباراة نسبة الى المدينة السويسرية، فرغم تقدم المجر بهدفين لبوشكاش وزيبور، نجح الألمان في قلب الطاولة وتسجيل ثلاثة أهداف عبر مورلوك وهيلموت رون، (هدفين) لينتزعوا اللقب العالمي الأول في تاريخهم.

 

 استفادت ألمانيا سياسيّاً من هذا الانتصار الرياضي الذي رفع من معنويات الشعب بعد سنوات طويلة من العذاب النفسي بسبب الحرب، ورفع الألمان رؤوسهم أمام العالم بعد أن عاشوا أذلاء لفترة طويلة عقب الاحتلال، وخلدت عبارة "المستحيل ليس ألمانيا" منذ ذلك التوقيت، فقد ضربت ألمانيا مثلاً في الصمود والنجاح لبلد مهزوم ووطن مدمر، حيث صنعت سيناريو لم يتكرر في تاريخ نهائيات كأس العالم، ليكون الانجاز حجر الأساس لدولة عملاقة صارت تملك أقوى اقتصاد في أوروبا والعالم حاليّاً.

 

في المقابل أصبحت ألمانيا الغربية أكثر غنى ولجأت الى الرأسمالية على عكس ألمانيا الشرقية ذات الفكر الاشتراكي والتي عانت من أزمات اقتصادية، وتم تشييد جدار يفصل بين البلدين في 13 أغسطس 1961 لينفصل أبناء الوطن الواحد. 

 

وشاءت الأقدار أن تصطدم ألمانيا الغربية بالشرقية مرتين على المستطيل الأخضر، الأولى في التصفيات المؤهلة لمونديال 1954 والثانية في دور المجموعات بمونديال 1974 على أرض الأولى، وهو ما كان فأل خير على ألمانيا الاتحادية، حيث توجت بالبطولة في كلتا النسختين.

   

في حين وقبل مونديال سويسرا فازت ألمانيا الغربية على جارتها الشرقية (3 – 0) ذهاباً و(3 – 1) إياباً، لتمضي في طريقها نحو "معجزة بيرن وبعد 20 عاماً استضافت ألمانيا الغربية مونديال 1974، وتأهلت إليه ألمانيا الشرقية، وحدث اللقاء بينهما في ثالث جولات دور المجموعات، وكان كلاهما آنذاك قد ضمن التأهل للدور الثاني، مما جعل الأجواء باردة داخل ملعب مدينة "هامبورج"، رغم أنها كانت متوترة للغاية في الخارج، حيث كانت الإجراءات الأمنية مشددة تحسباً لوقوع أي مشاكل بين الجارتين اللدودتين.

 

حضر الصدام المونديالي الأول والاخير بين شقي ألمانيا نحو 60 ألف متفرج، وكانت المفاجأة فوز ألمانيا الشرقية بهدف واحد سجله اللاعب سبارفاسر، وفي الدور الثاني دخلت ألمانيا الغربية، بقيادة نجميها بيكنباور ومولر ورفاقهما، مجموعة أخرى حققت فيها الصدارة على حساب بولندا والسويد ويوغوسلافيا لتتأهل للمباراة النهائية في "ميونخ".

 

أما ألمانيا الشرقية فكانت أسوأ حظاً، حيث اصطدمت بهولندا والبرازيل والأرجنتين، واكتفت بالمركز الثالث لتودع المونديال، فيما تأهل الجيل الذهبي للطاحونة البرتقالية بقيادة الأسطورة كرويف الى النهائي.

 

وللمرة الثانية نجح الألمان في قهر منتخب ذهبي كان أوفر حظاً في التتويج بالكأس، حيث انضمت هولندا للضحية الأولى المجر، وحصد الاتحاديون اللقب بعد الفوز بهدفي بريتنر ومولر، رغم تقدم نيسكينس للخصم، ليتحقق الحلم بعد طول انتظار وتهدم الجدار الفاصل بين الدولتين الشرقية والغربية، وذلك في التاسع من نوفمبر 1989 لتعم الفرحة بين أبناء البلدين عقب التوحيد.

 

لكن بعد عام واحد كان منتخب ألمانيا الغربية مضطراً لخوض نهائيات مونديال 1990 في إيطاليا بنفس مسماه القديم، بعد أن تأهل عبر التصفيات بهذا الاسم، وللمرة الثالثة سجلت ألمانيا الغربية اسمها في سجلات التاريخ بالفوز في المونديال على حساب أرجنتين مارادونا، على أرض روما بهدف من ركلة جزاء في الوقت القاتل سجلها أندرياس بريمه، ليحتفل جيل كلينسمان وفولر ولوثار ماتيوس، بالإنجاز الذي أعطى توحد ألمانيا سياسيّاً مذاقاً أكثر حلاوة.

 

في حين أن المفارقة تكمن في أنه وبعد توحد "المانشافت" لم تعد ألمانيا لتفوز بكأس العالم مرة أخرى في خمس نسخ متتالية، من بينها نسخة 2006 على أرضها، كما لو كان هدم سور برلين لعنة حرمت الألمان من ملامسة الكأس مرة رابعة، وكانت الفرصة الأقرب في 2002 على أرض كوريا الجنوبية واليابان بعد الوصول للمباراة النهائية، لكن برازيل رونالدو، انفردت بالكأس الخامسة.

المساهمون