افتتحت مليشيات تحالف جماعة أنصارالله (الحوثيين) وقوات الرئيس اليمني المخلوع، علي عبدالله صالح، العام الجديد بانتهاك جديد ضد الصحافيين، إذ اختطفت، أمس الإثنين، الصحافي تيسير السامعي من منطقة الدمنة الواقعة تحت سيطرتها، جنوب شرق محافظة تعز اليمنية، واقتادته إلى جهة مجهولة.
وتأتي عملية الاختطاف بعد قيام المليشيات الانقلابية بقتل شقيق الصحافي السامعي، مروان السامعي في مطلع شهر نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، أثناء قيامه برعي الأغنام في إحدى قرى جبل سامع في ريف تعز الجنوبي، على يد قنّاص.
ويعدّ الصحافي السامعي من أبرز الصحافيين اليمنيين المناهضين للانقلاب، من خلال استخدام الدعابة والنكتة. وكان قد عمل لفترة طويلة في صحيفة "الناس" المحلية وفي مواقع إخبارية عدة.
ولم يختلف عام 2016 عن العام السابق، لناحية العداء الممنهج ضدّ الحريات الصحافية في اليمن، إذ بقي الصحافيون هدفاً رئيسياً لجماعة عبدالملك الحوثي، وارتكبت حوالي 80 في المائة من إجمالي الانتهاكات ضدهم، بينما اقتصر دور نقابة الصحافيين اليمنيين على إصدار بيانات التنديد.
وفي هذا السياق، قال سكرتير "دائرة الحقوق والحريات" في نقابة الصحافيين اليمنيين، أشرف الريفي، إنه "في ظل استمرار القمع تجاه الحريات الصحافية والإعلامية في البلد تسعى نقابة الصحافيين إلى مواجهتها من خلال البيانات المنددة والرافضة والفعاليات الاحتجاجية والتواصل مع اتحاد الصحافيين العرب والاتحاد الدولي للصحافيين لخلق رأي عام عربي ودولي رافض للانتهاكات ومتضامن مع الصحافيين اليمنيين، ووصل هذا الجهد إلى مستوى مخاطبة الاتحاد الدولي للصحافيين للأمم المتحدة والمبعوث الأممي في أكثر من رسالة لحماية الصحافيين وإطلاق المعتقلين منهم"، في حديثه لـ"العربي الجديد".
وأضاف الريفي أن "نقابة الصحافيين تدعو دائماً إلى عدم الزج بالصحافيين في الصراعات وتقدير مهنتهم ومهامهم، وتدعو أيضاً وسائل الإعلام لتدريب المراسلين والمصورين على إجراءات السلامة المهنية والتأمين على حياتهم".
يذكر أن ستة صحافيين قتلوا في اليمن خلال 2016، كما لا يزال هناك 17 صحافياً معتقلاً، منهم 16 معتقلاً لدى مليشيات الحوثي وصحافي واحد معتقل لدى تنظيم "القاعدة" في حضرموت، ورصد ما يزيد عن 170 حالة انتهاك طاولت الصحافة والصحافيين خلال العام، منها 12 حالة تعذيب، بالإضافة إلى 15 حالة حجب لمواقع إلكترونية.
وكانت المليشيات قد اختطفت تسعة صحافيين من فندق "قصر الأحلام" في العاصمة صنعاء، بتاريخ 9 يوليو/ تموز عام 2015، وهم عبدالخالق عمران وتوفيق المنصوري وهشام طرموم وحسن عناب وعصام بلغيث وهشام اليوسفي وأكرم الوليدي وحارث حميد وهيثم الشهاب.
واقتادتهم إلى "سجن مكافحة الإرهاب"، وسط صنعاء، وعذبتهم جسدياً ونفسياً، ثم نقلتهم بعد حوالي شهر ونصف الشهر إلى جهة مجهولة، وظهروا في "سجن قسم شرطة الثورة" في منطقة نقم في صنعاء.
وأفادت مصادر لـ"العربي الجديد" أن المليشيات اعتادت نقل المخطوفين إلى "سجن الأمن القومي" للتحقيق معهم وتعذيبهم. ومكثوا هناك ستة أشهر، ثم أعادت المليشيات نقلهم إلى "سجن احتياطي هبره" شمال شرق صنعاء، وظلوا مختفين هناك فترة بدون معرفة أهاليهم.
كما تعرضوا هناك للتعذيب الجسدي والنفسي بوحشية. وعندما بدأوا الإضراب عن الطعام في 8 مايو/ أيار 2016، نقلتهم المليشيات إلى جهة مجهولة، وأجبرتهم على وقف إضرابهم بعد أكثر من خمسين يوماً، ليظهروا في "سجن الأمن السياسي" في صنعاء أخيراً، ولايزالون هناك حتى اليوم.
وبعد تدخلات ووساطات من منظمات دولية وإقليمية، سُمح لأهالي المخطوفين بزيارتهم مرة واحدة أسبوعياً، وتجري الزيارة من خلف القضبان، ولا تتجاوز الـ15 دقيقة، وسط مراقبة المسلحين.
وأفاد أقرباء المخطوفين أن وضعهم الصحي سيئ جداً، ورفضت المليشيات نقلهم إلى مستشفى. وأشارت عائلة الصحافي، عبدالخالق عمران، إلى أنه يعاني من مشاكل في العمود الفقري نتيجة التعذيب، وأصبح غير قادر على الحركة.
ويعاني الصحافي، أكرم الوليدي، من أمراض في القولون والمعدة، وتوفيق المنصوري يعاني من ألم في رقبته وأسنانه نتيجة الصفع واللكم.
وفي السياق، أكد الصحافي، عبدالباسط القاعدي، وهو شقيق الصحافي المختطف، صلاح القاعدي، أن شقيقه ورفاقه المخطوفين "يتعرضون لأنواع من التعذيب تتنوع بين الضرب بالهراوات على الرأس والظهر والفخذ والذراعين والإمساك بالرأس وضربه بالجدار حتى يسيل الدم، بالإضافة إلى التعذيب النفسي من خلال الإشاعة بأن الصحافيين أخطر من تنظيم "القاعدة" ومن المسجونين بتهم الإرهاب والقضايا الجنائية، كما أن المليشيات لا تسمح للمخطوفين بالحصول على أي من احتياجاتهم مثل الملابس والبطانيات وموس الحلاقة ومستلزمات النظافة"، في حديثه لـ"العربي الجديد".
ورأى مراقبون أن توجه عداء المليشيات ضد الصحافيين والاعلاميين سببه التحريض الذي تشنه بين الحين والآخر قيادات من جماعة الحوثيين، ويترجم بارتكاب جرائم الاختطافات والاعتداءات ضد الصحافيين، وهي جرائم تعاقب عليها القوانين الدولية.
وصرّح المحامي والناشط في الدفاع عن حقوق الانسان، ياسر المليكي، لـ"العربي الجديد" أن الكثير من الممارسات والجرائم التي ارتكبتها مليشيات الحوثي وصالح بحق الصحافيين ترقى إلى جرائم الحرب، كالقتل الممنهج للصحافيين أثناء تغطيتهم للنزاعات المسلحة، بالإضافة الى الاختطافات والاعتقالات العشوائية، والإغلاق ومنع الصحافيين من ممارسة أعمالهم، ومهاجمة منازلهم وتفجير منازل آخرين.
وتجدر الإشارة إلى أن زعيم جماعة الحوثيين، عبدالملك الحوثي، حرض ضد الصحافيين، عبر خطاب متلفز، معتبرا أنهم يشكلون خطراً أكبر من المقاتلين، وعلى الجيش واللجان الشعبية التصدي لهم، في سبتمبر/أيلول 2015.