بعد ثلاثة أشهر استغرقها "الحوار الوطني الكبير"، وعد رئيس الحكومة الفرنسية، إدوار فيليب، اليوم الثلاثاء، بأن الرئيس إيمانويل ماكرون سيعلن قريبا عن "توجهات قوية وملموسة"، وبأنه ينوي فتح "الورشات الكبرى"، وذلك خلال كلمة لفيليب أمام النواب البرلمانيين.
وعلى مدى نصف ساعة حاول فيليب الاستماع لمواقف معارضة تشكك في الحوار تعتبره مهزلة أو مضيعة للوقت وللأموال، ومن يعتبرون أن ماكرون وحكومته لن يكونا في مستوى رفع التحدي.
وكرر فيليب ما قاله أمس، تقريباً، مستعرضاً المتطلبات الأربعة، التي تمخض عنها الحوار الوطني، سواء عبر التظلمات أو المشاركة في لقاءات واجتماعات أو تلك التي تمت عن طريق الإنترنت.
وتحدث رئيس الحكومة عن ضعف القدرة الشرائية، وغياب أو اختفاء الأخوة، والسقوط في العزلة وفي التخلي، بسبب ضعف وسائل المواصلات كالقطارات أو ضعف واختفاء المرافق الاجتماعية ومرافق الدولة، كالبريد وغيره.
واعتبر أن هذه الوضعية عرفتها فرنسا قبل وصول ماكرون إلى السلطة، قبل سنتين، كما أنها حالة عرفتها دول أخرى كبريطانيا والولايات المتحدة وغيرهما، كل بلد بطريقته. وشدد على أن جواب حكومة ماكرون لم ينتظر نتائج الحوار الكبير، فقد "خفضنا كثيراً من الضرائب، وقمنا بلفتات تجاه المتقاعدين".
وأضاف فيليب أن الرئيس الفرنسي كان جريئاً حين أطلق الحوار الكبير.
وعدَّد مَطالب الفرنسيين في أربعة محاور رئيسية، أولها العدالة والإنصاف، وتحدث عن حَذَر عام للفرنسيين من السياسيين، وهو حذرٌ لم يَسلم منه أي حزب ولا أي نقابة أو منظمة، عدا العُمدات. وإذ اعترف بضرورة الانفتاح على ديمقراطية تشاركية في بعض الميادين، إلا أنه أكد أنه لا شيء يمكن أن يحل محل الديمقراطية التمثيلية.
ثم تطرق للمطلب الثاني، وهو "السخط الضريبي"، فأكد، مرة ثانية، على أن الفرنسيين يريدون خفض الضرائب، ولكنهم واعون بأن الأمر ليس ممكنا من دون خفض الإنفاق الحكومي. وتطرق لوزارات وقطاعات قال إنه لا يمكن التخفيف من ميزانياتها كالجيش والشرطة والتربية وغيرها، في حين أن ثمة قطاعات سيتم خفض ميزانيتها لتعويض خفض الضرائب عن الفرنسيين.
أما الموضوع الثالث، فهو موضوع العزلة، وأيضا عدم التوازن بين المدن وضواحيها، فأكد على ضرورة مصالحتهما، كما فعلت باريس مع ضاحيتها الكبرى.
وفي هذا الموضوع، تحدث عن سياسة القرب، وشدد على تعزيز الإنترنت من الآن إلى 2022، ومواجهة معاناة مناطق قروية من غياب أطباء.
وأخيرا، متطلب الإيكولوجيا، فعبّر عن الاعتزاز لأن الفرنسيين منخرطون من أجل المناخ.
وتطرق فيليب لهواجس أخرى عبر عنها الفرنسيون في هذا الحوار، ومن بينها القلق من نظام الصحة، وكيفية الوصول للعلاج، والقلق من الشيخوخة وكيفية تمويل دور العجزة، ثم تربية الأطفال وتكوينهم.
ثم تطرق إلى قضايا قال إن الحوار الوطني الكبير لم يُعِرها الانتباه، وهي البطالة، التي كانت غائبة بشكل كبير جدا.
كذلك غاب الأمن، أيضاً، من الحوار. وأضاف رئيس الحكومة أن المواطنين يطالبون بخفض ميزانية الدفاع، والإنفاق العسكري، ولكنه استدرك بالقول إن "الحكومة لن تقوم بذلك، لأن العالم في خَطر، وبالتالي لن نغيّر توجهاتنا. وسنقوم بتعزيز وسائل الجيش والشرطة".
كما أن العولمة وأوروبا كانتا غائبتين في الحوار الكبير.
ورأى فيليب، في نوع من الرضا الذاتي، حظي بتصفيق حاد من قبل نواب أغلبيته، بأن بعض هذه المطالب، وهي قليلة، "دعوة لنا لتصحيح توجهاتنا في بعض المجالات.. وثمة مطالب كثيرة تتلاقى مع توجهاتنا، والتوجهات التي أعلن الرئيس ماكرون".
واعتبر فيليب أن الفرنسيين يتذمرون لأنهم لا يرون نتائج، وهو استنتاج تحدث عنه ماكرون، من قبل، و"إذن، فعلينا أن نضاعف من الجهود. وإن أربعة أشهر من الحراك الاجتماعي كشفت الحاجة الماسة إلى إحداث تحولات في البلد، وهذا ما تقوم به حكومة ماكرون، وما ستواصل القيام به في خريطة الطريق التي رسمها ماكرون"، يقول رئيس الحكومة الفرنسي، الذي وعد بأن تكون إجابات ماكرون وإجراءاته "قوية وملموسة".