"الحشد" تطالب الجيش العراقي بقواعد عسكرية...وموازنتها نصف مليار دولار

30 نوفمبر 2016
تتصل "الحشد" مباشرة برئيس الحكومة العراقية (كارولين كول/Getty)
+ الخط -
انتقلت مليشيا "الحشد الشعبي" إلى مستوى ثانٍ في العلاقة مع المؤسسات الرسمية العراقية، بعد أن باشر قادتها، يوم الاثنين، عملية تحديد القواعد التي ستكون خاصة بها وبقواتها، وفقاً للقانون الجديد، الذي شرعه البرلمان يوم السبت الماضي. وقد أبلغت المليشيا قيادة العمليات المشتركة، بأنها "ستسلّمها قائمة بالقواعد التي ترغب بها ويجب إخلاؤها فوراً من الجيش للبدء بالانتقال إليها". ووفقاً للقانون الجديد، فإن "مليشيات الحشد تعمل بشكل منفصل عن وزارتي الدفاع والداخلية، ولها موازنة مالية منفصلة وبرنامج تسليح خاص بها، وترتبط برئيس الوزراء بشكل مباشر، لا وزير الدفاع. كما تملك صلاحية اقتحام المدن وتحديد الأهداف ومعالجتها، وفقاً للقانون"، الذي حمل تطابقاً كبيراً مع المادة 105 من الدستور الإيراني المتعلق بتشكيل الحرس الثوري الإيراني عام 1981.

في هذا السياق، كشف مسؤول عسكري عراقي رفيع من بغداد، لـ"العربي الجديد"، أن "تلك المليشيات تريد القواعد الاستراتيجية المهمة، من دون أن تعلم خطورتها. كما أن هناك قواعد جوية تابعة للجيش منذ عام 1921". وأشار إلى أن "العدد الحالي لتلك المليشيات لا تكفيه أقل من 10 قواعد، وهذا طبيعي، لكن المشكلة تكمن في أن قادة تلك المليشيات وعدداً من المعنيين، يريدون قواعد مهمة في محيط بغداد وداخلها وقريبة إلى الحدود مع بعض دول الجوار. وهو ما سيُشكّل أزمة مقبلة لبغداد داخلياً وخارجياً".

ولفت إلى أن "الإشارات الحالية تكشف أن رئيس الوزراء حيدر العبادي موافق، بحجة الأزمة المالية وعدم إمكانية بناء قواعد أو مقرات جديدة لهم بالوقت الحالي، بالتالي يجب تخصيص عدد من قواعد الجيش لهم". وأضاف أنه "لم يمض يومان فقط وبدأت زعامات تلك المليشيات تنافس الجيش العراقي على بناه التحتية". من جانبه، قال القيادي في "الحشد" أبو كرار الحسناوي، لـ"العربي الجديد"، إن "الحشد تريد أن تكون لها مقراتها الخاصة، فعقيدتها تختلف بالتأكيد عن عقيدة الجيش العسكرية، كما أنها لا تخضع للضوابط نفسها ولا للمرجعية نفسها". وأردف أنه "لن تكون هناك أي مشاكل حول مقراتنا، فالموضوع توافقي وبيد رئيس الوزراء بالنهاية"، مشيراً إلى أنه "حالياً نحن بحالة حرب وأغلب أفرادنا في ساحات القتال، لكن عندما ينتهي هذا كله سنحتاج إلى مقرّاتنا".

في غضون ذلك، رأى عضو حزب الدعوة في بغداد، حسين الطائي، في حديثٍ لـ"العربي الجديد"، أن "قواعد مجاهدي الحشد ستكون منتشرة في كل مكان باستثناء كردستان". وشدّد على أن "تواجدهم لن يكون داخل المدن بل في محيطها، للتدخل بأي وقت وبسرعة. كما ستكون لهم قواعد قرب الحدود مع بعض الدول، التي يتسلل منها الإرهاب والفكر التكفيري". وأشار إلى أنه "في مطلع الشهر المقبل، ستكون هناك لجان مشتركة بين الحشد الشعبي والحكومة، لتفعيل القانون وتطبيقه على الأرض، تحديداً بما يتعلق بتصويب وضع قوات الحشد ومرتباتهم ومقراتهم".



إلى ذلك، أعلنت مصادر برلمانية عراقية أنه "سيتم اقتطاع نسبة من موازنة الأمن والدفاع العراقية للعام 2017، لصالح الحشد". وذكر برلماني عراقي لـ"العربي الجديد"، أن "موازنة العراق البالغة 85 مليار دولار للعام المقبل، خُصص منها 25 في المائة لوزارة الدفاع والداخلية، وحالياً وبعد القانون باتت المليشيات ضمن الموازنة". وتوقع أن "تبلغ موازنة المليشيات للعام المقبل ما بين 300 إلى 500 مليون دولار، لتغطية نفقات القتال والمرتبات وغيرها. وهو ما قد يثير مشكلة مع أربيل، التي تطالب منذ سنوات بتخصيص موازنة للبشمركة وترفض بغداد ذلك، وتصر على أن نفقات البشمركة تتكفلها أربيل ما دامت لا تأخذ تلك القوات أوامرها من بغداد".

من جهتها، طالبت القيادية في التحالف الوطني سميرة الموسوي، بعدم إخضاع اختيار قادة "الحشد" إلى التوافقات السياسية. وأضافت في بيان لها، أنها "لا تؤيد مقترح إرسال أسماء قادة الحشد إلى البرلمان، لغرض التصويت عليها كمسؤولين عن الحشد بعد القانون الجديد، لأنها ستخضع في حينها إلى التوافقات والتجاذبات السياسية، التي ستنعكس سلباً على أداء هذه المؤسسة، التي أثبتت قدرة وفاعلية عالية". ودعت إلى "الإبقاء على قادة فصائل الحشد الشعبي الحاليين". كما طالبت العبادي بـ"وضع نظام داخلي للحشد الشعبي، بالاستعانة بالأنظمة العسكرية المعمول بها في وزارة الدفاع العراقية".

وكان البرلمان العراقي قد أقرّ، يوم السبت، قانون مليشيات "الحشد"، عن طريق الأغلبية البرلمانية، وجعل القانون من "الحشد" قوة موازية للجيش العراقي وخارجة عن سلطته، كما منحها الحصانة من المساءلة القانونية، الأمر الذي عدّه تحالف القوى العراقية ضرباً للمصالحة الوطنية وتهميشاً للرأي الآخر. و"الحشد" مؤلفة حالياً من 71 مليشيا مسلحة، بتعداد قوامه نحو 140 ألف عنصر، وتشكّلت في 13 يونيو/ حزيران 2014، بعد أقل من 48 ساعة على اجتياح تنظيم "الدولة الإسلامية" (داعش) مساحات واسعة من البلاد بفتوى من المرجع الديني علي السيستاني.

وكان ائتلاف دولة القانون، بزعامة نوري المالكي، وهو عراب "قانون الحشد"، قد توعد بالملاحقة القانونية لكل شخص أو مؤسسة إعلامية تسيء إلى "الحشد الشعبي"، معتبراً أن توصيف المليشيا يضع قائله تحت طائلة القانون. وقال النائب عن الائتلاف، موفق الربيعي، في بيان صحافي، إنّ "أيّ شخص أو وسيلة إعلام عراقية أو عربية أو أجنبية تصف هيئة الحشد الشعبي، بأي صفة مسيئة ومنها ما يسمى (الميليشيات)، ستكون تحت طائلة القانون العراقي الذي يحاسب المسيئين للقوات الأمنية". وفي إطار التهديد والوعيد، اعتبر النائب عن الائتلاف ذاته، محمد الصيهود، أنّ "تشريع قانون الحشد وجّه صفعة مدوية بوجه المتآمرين على العراق في الداخل والخارج" على حد تعبيره. وقال الصيهود في بيان، إنّ "تشريع القانون أزال اللثام عن الوجه الحقيقي للسياسيين الدواعش، وخصوصاً أولئك الذين حاولوا عرقلة تشريعه لأجل ضمان شمول العصابات الإرهابية فيه تحت غطاء التهميش والإقصاء".

توعّد ائتلاف دولة القانون بزعامة نوري المالكي، بالملاحقة القانونية لكل شخص أو مؤسسة إعلامية تسيء الى مليشيات "الحشد الشعبي"، معتبرا أن توصيف المليشيا يضع قائله تحت طائلة القانون.