على مدى الأيام القليلة الماضية، تبلورت ملامح الموجة الجديدة من التصعيد بين روسيا وأقرب حلفائها بيلاروسيا، بعد وصف الرئيس البيلاروسي، ألكسندر لوكاشينكو، تلميحات روسيا بـ"تعزيز التكامل" بأنها "خطط الاستحواذ" وتأكيده رفضه "بيع البلاد مقابل برميل من النفط".
وجاءت تصريحات لوكاشينكو التي أدلى بها لوسائل إعلام روسية، بعد تأكيد رئيس الوزراء الروسي، دميتري مدفيديف، يوم الخميس الماضي، أن "بيلاروسيا لن تشتري موارد الطاقة الروسية بنفس أسعار المستهلكين في روسيا إلا بعد استكمال الإجراءات المنصوص عليها في اتفاقية تشكيل دولة الاتحاد المؤرخة بديسمبر/كانون الأول 1999، بما فيها مصلحة جمارك موحدة، ومحكمة، وانتهاج سياسة ضريبية موحدة وغيرها". ووصل الأمر إلى تلويح لوكاشينكو بإمكانية عدم عقد لقائه مع نظيره الروسي، فلاديمير بوتين، المحدد تاريخه بـ25 ديسمبر الحالي. وسبق للوكاشينكو أن طالب بوتين خلال قمة الاتحاد الاقتصادي الأوراسي في وقت سابق من هذا الشهر، بأن "يكون سعر الغاز لبلاده 70 دولاراً لكل ألف متر مكعّب، كما هو سعر الوقود الأزرق في السوق الداخلية الروسية، بدلاً من 129 دولاراً". إلا أن بوتين رد على ذلك بأن "ألمانيا تدفع 250 دولاراً مقابل كل ألف متر مكعب من الغاز الروسي، أي نحو ضعف أسعار بيلاروسيا".
ومع ذلك، أكد المتحدث باسم الرئاسة الروسية، دميتري بيسكوف، في تصريحات صحافية، أمس الاثنين، أن "مسألة توحيد روسيا وبيلاروسيا غير مطروحة"، واصفاً جارة بلاده بأنها "أقرب شريك وحليف إستراتيجي". وفي معرض إجابته عن سؤال عما إذا كان يتم النظر في إمكانية تكامل روسيا وبيلاروسيا وتكوين دولة موحدة سيترأسها بوتين بعد عام 2024، قال بيسكوف: "لم يطرح هذا الموضوع بمثل هذه الصياغة على جدول الأعمال. لم تتم مناقشته، ولا يجري أي حديث عن ذلك". إلى ذلك، شككت الصحافة والخبراء الروس أيضاً في واقعية "استحواذ" روسيا على بيلاروسيا على غرار ضم شبه جزيرة القرم وسط تفاقم الأزمة الأوكرانية عام 2014.
في هذا الإطار، اعتبر رئيس مركز الدراسات السياسية في موسكو، بوريس ماكارينكو، أنه "يجب الفصل بين الحروب التجارية التي تجري بين البلدين بسبب أسعار النفط والغاز، والتصريحات التي أدلى بها لوكاشينكو بعد انتشار شائعات تأسيس دولة موحدة بقيادة بوتين". وأضاف في حديثٍ لـ"العربي الجديد"، أن "هناك بالفعل حرباً تجارية تجري بين موسكو ومينسك، إذ كانت روسيا تزود بيلاروسيا بموارد الطاقة بأسعار مخفضة، ثم تشعر بالغيرة بعد قيام هذه الأخيرة بإعادة تصدير مشتقات النفط بأسعار عالمية. لكن اليوم لم تعد لدى روسيا موارد مالية لإنقاذ اقتصادها، فكيف ستنقذ الاقتصاد البيلاروسي"؟
اقــرأ أيضاً
وحول مدى واقعية توحيد روسيا وبيلاروسيا بحلول عام 2024، قال ماكارينكو: "أعتقد أن هذه نظرية مؤامرة وشائعات أثيرت في ظل بدء الولاية الرئاسية الأخيرة لبوتين بموجب الدستور، ولكن إقامة دولة جديدة كان سيتيح له بدء العد من جديد، ولكنني لا أرى ذلك واقعياً".
في السياق عينه، اعتبر الصحافي الروسي المعارض، أوليغ كاشين، بحديث لصحيفة "ريبابليك" الإلكترونية، أمس الاثنين، أن "اللعب على أوتار توحيد روسيا وبيلاروسيا سيتيح لقيادة البلدين تسوية مهامها الخاصة بشقيها الداخلي لموسكو، والخارجي لمينسك".
وفي مقال بعنوان "مينسك لنا. شائعات الضم الروسي لبيلاروسيا تصب في مصلحة الجميع"، اعتبر كاشين أنه "يصعب عدم أخذ تلميحات لوكاشينكو على محمل الجد، منذ أن باتت أي شائعات حول خطط موسكو التوسعية مدعومة بسابقة ضم القرم"، مشيراً في الوقت نفسه إلى أن "بيلاروسيا هي جمهورية سوفييتية سابقة فريدة من نوعها تخلت منذ بداية التسعينيات عن المشروع القومي على غرار نموذجي البلطيق وأوكرانيا، وبنت دولتها الجديدة على الحنين إلى السوفييتية".
ومع ذلك، أوضح كاشين أنه "منذ نهاية العقد الأول من القرن الجديد، لم يعد لوكاشينكو يبدو زعيماً موالياً لروسيا يهدف إلى استعادة الاتحاد السوفييتي، بل تمكن من الإثبات أن خطاب التكامل والرموز السوفييتية ليست عائقاً أمام الاستقلال".
وجاءت تصريحات لوكاشينكو التي أدلى بها لوسائل إعلام روسية، بعد تأكيد رئيس الوزراء الروسي، دميتري مدفيديف، يوم الخميس الماضي، أن "بيلاروسيا لن تشتري موارد الطاقة الروسية بنفس أسعار المستهلكين في روسيا إلا بعد استكمال الإجراءات المنصوص عليها في اتفاقية تشكيل دولة الاتحاد المؤرخة بديسمبر/كانون الأول 1999، بما فيها مصلحة جمارك موحدة، ومحكمة، وانتهاج سياسة ضريبية موحدة وغيرها". ووصل الأمر إلى تلويح لوكاشينكو بإمكانية عدم عقد لقائه مع نظيره الروسي، فلاديمير بوتين، المحدد تاريخه بـ25 ديسمبر الحالي. وسبق للوكاشينكو أن طالب بوتين خلال قمة الاتحاد الاقتصادي الأوراسي في وقت سابق من هذا الشهر، بأن "يكون سعر الغاز لبلاده 70 دولاراً لكل ألف متر مكعّب، كما هو سعر الوقود الأزرق في السوق الداخلية الروسية، بدلاً من 129 دولاراً". إلا أن بوتين رد على ذلك بأن "ألمانيا تدفع 250 دولاراً مقابل كل ألف متر مكعب من الغاز الروسي، أي نحو ضعف أسعار بيلاروسيا".
في هذا الإطار، اعتبر رئيس مركز الدراسات السياسية في موسكو، بوريس ماكارينكو، أنه "يجب الفصل بين الحروب التجارية التي تجري بين البلدين بسبب أسعار النفط والغاز، والتصريحات التي أدلى بها لوكاشينكو بعد انتشار شائعات تأسيس دولة موحدة بقيادة بوتين". وأضاف في حديثٍ لـ"العربي الجديد"، أن "هناك بالفعل حرباً تجارية تجري بين موسكو ومينسك، إذ كانت روسيا تزود بيلاروسيا بموارد الطاقة بأسعار مخفضة، ثم تشعر بالغيرة بعد قيام هذه الأخيرة بإعادة تصدير مشتقات النفط بأسعار عالمية. لكن اليوم لم تعد لدى روسيا موارد مالية لإنقاذ اقتصادها، فكيف ستنقذ الاقتصاد البيلاروسي"؟
وحول مدى واقعية توحيد روسيا وبيلاروسيا بحلول عام 2024، قال ماكارينكو: "أعتقد أن هذه نظرية مؤامرة وشائعات أثيرت في ظل بدء الولاية الرئاسية الأخيرة لبوتين بموجب الدستور، ولكن إقامة دولة جديدة كان سيتيح له بدء العد من جديد، ولكنني لا أرى ذلك واقعياً".
وفي مقال بعنوان "مينسك لنا. شائعات الضم الروسي لبيلاروسيا تصب في مصلحة الجميع"، اعتبر كاشين أنه "يصعب عدم أخذ تلميحات لوكاشينكو على محمل الجد، منذ أن باتت أي شائعات حول خطط موسكو التوسعية مدعومة بسابقة ضم القرم"، مشيراً في الوقت نفسه إلى أن "بيلاروسيا هي جمهورية سوفييتية سابقة فريدة من نوعها تخلت منذ بداية التسعينيات عن المشروع القومي على غرار نموذجي البلطيق وأوكرانيا، وبنت دولتها الجديدة على الحنين إلى السوفييتية".
ومع ذلك، أوضح كاشين أنه "منذ نهاية العقد الأول من القرن الجديد، لم يعد لوكاشينكو يبدو زعيماً موالياً لروسيا يهدف إلى استعادة الاتحاد السوفييتي، بل تمكن من الإثبات أن خطاب التكامل والرموز السوفييتية ليست عائقاً أمام الاستقلال".