"الجمعيات" مصرف السوريات لإعالة أسرهن

26 يوليو 2014
عوائل سورية لاجئة في تركيا(ادم التان/فرانس برس/Getty)
+ الخط -

وجد السوريون طرق ادخار وتمويل تغنيهم عن القروض المصرفية التي يهربون منها لاعتبارين، أحدهما تجنب الربا والآخر أنها حكر على العاملين في الدولة وتحتاج الى كفلاء وضمانات، ولا يمكن الحصول عليها دونما دفع رشى.

والآن وتحت وطأة الظروف الضاغطة جراء الحرب التي يشنها الرئيس بشار الأسد على الشعب السوري، لجأت النساء السوريات الى أسلوب "الجمعيات"، وهي إحدى أشكال التمويل لسد الاحتياجات المنزلية عادة، لمواجهة حالات التفقير التي اعتمدها نظام الأسدين، الأب والابن.

حيث أعتمد النظام السوري نظام أجور ثابتاً لم تغير منذ ما قبل الثورة. وهو عبارة عن 15 ألف ليرة "حوالى 300 دولار". ورغم ارتفاع نسبة التضخم وتراجع الليرة السورية ظل الأجر ثابتاً.

وبحسب المفهوم السوري، فالجمعيات هي اتفاق غير مكتوب بين سيدات يجمع بينهن الحي أو العمل، أو الصداقة وصلات القربى، يتفقن فيما بينهن على دفع مبلغ شهري لتتقاضاه إحداهن في نهاية الشهر، عادة ما تكون الأكثر حاجة أو صاحبة الفكرة أو مديرة الجمعية .

من جانبها،تقول المعلمة أم علي من ادلب شمال سورية  إن تراجع سعر صرف الليرة السورية وغلاء الأسعار عريّا الراتب الشهري الذي لم يحصل عليه زيادة رغم بلوغ نسبة التضخم أكثر من 15 في المئة منذ بداية الثورة عام 2011.

وأضافت ، كنا نأخذ قروضا مصرفية قبل الثورة يذهب جزء منها للفائدة المرتفعة، ونحن أحق بها الآن. وتضيف أم علي لـ"العربي الجديد": اتفقنا 6 معلمات في المدرسة على "جمعية شهرية" تدفع كل واحدة منا 8000 آلاف ليرة "نحو 100 دولار" لتستلم المبلغ واحدة في نهاية الشهر.

وتعيش سورية فورة غلاء أسعار، فسعر كيلو الطماطم كان قبل الثورة نحو 10 ليرات ويبلغ سعره  اليوم  60 وكيلو السكر بنحو 200 ليرة والجبنة بـ 500 ليرة.

من جانبها،  قالت الناشطة الإعلامية سلمى الأدلبي: شاركت بجمعيتين لأن دخلي من"الإعلام" يسمح لي، فأنا أتقاضى لقاء التقارير التي أرسلها لشركات التلفزة والصحف أحياناً بالدولار، ونتيجة تراجع سعر صرف الليرة يصل دخلي الشهري لأكثر من دخل خمس موظفات في سورية.

وأضافت الناشطة الإعلامية: فصلني النظام من عملي الوظيفي بتهمة تأييد الثورة، ووجدت في نقل الحقائق من الأرض وعكس معاناة السوريين للإعلام عملاً يعود علي بأضعاف أجري السابق، واليوم"أساعد المحتاجين في الجمعية الأولى وتأخذ أسرتي الجمعية الثانية، لأن سبل الحياة تقطعت بعد القصف وتهديم القطاع الزراعي" .

وحمل السوريون عموماً عاداتهم الاستهلاكية وأنماطهم المعيشية إلى مهاجرهم الجديدة، وبدأت آثار سلوكيات السوريين على "السكان الأصليين"، تظهر تباعاً، وخاصة في بلاد فتحت أبوابها للهاربين من حمم وقذائف النظام السوري، دونما شروط .

وتقول مها تركاوي في القسم الآسيوي في اسطنبول: بدأ التقارب مع سكان البناء الأتراك من خلال إهداء الطعام وتبادل الزيارات، وانتهى بدخولهم معنا في "الجمعيات الشهرية" .

وتضيف تركاوي لـ"العربي الجديد" يعمل زوجي في معمل جلديات في قوجي ايلي بضواحي مدينة ازميت بأجر 1000 ليرة تركي ويعمل ابني الأكبر في "سوبر ماركت" نتيجة إجادته اللغة التركية وكثرة السوريين هنا، والثاني يعمل في مقهى لنفس السبب، فتعلمنا التركية فتح لنا باب رزق وبات أرباب العمل الأتراك يطلبونا.

التفاف على الفائدة والتضخم

وتمرست المرأة السورية في أساليب الادخار وطرق التحايل على التفقير الذي اعتمده النظام السوري منذ الأسد الأب، ما دفعها للعمل الوظيفي أو القيام بأعمال في البيت من قبيل الخياطة وغزل الصوف أو حتى أحياناً تجهيز الأغذية للمطاعم أو ميسوري الحال، ما ولد لديها دخلاً إضافياً درجت العادة أن تكمل به أثاث منزلها، أو تجدده، أو أحياناً تشتري الحلي والذهب .

ويقول الاقتصادي حسين حسون: عمل الجمعيات قديم في سورية، لكنه كان لاعتبارات دينية نتيجة القناعة أن أموال المصارف يشوبها الحرام، وقد غذى بعض رجال الدين وأئمة المساجد هذه القناعة من خلال الحديث" كل قرض درّ نفعاً فهو ربا" ولكن تنامت الجمعيات خلال الثورة وبعد تراجع الدخول وغلاء الأسعار.

ويضيف حسون لـ"العربي الجديد": لا توجد قروض مصرفية في سورية اليوم، بل معظم المصارف الخاصة هربت أو توقفت نتيجة الخطر والخسائر وضياع القروض عليها، و كانت نسبة الفائدة على القروض المصرفية قبل الثورة تصل اسمياً لنحو 11% ولكن لو احتسبنا قطع القسط الأول والرشى التي يدفعها المدين، فربما تصل الفائدة التي يخسرها المقترض لأكثر من 15%.

دلالات
المساهمون