"الجحفة"... زفّة العروس السعيدة في تونس

تونس

خباب عبد المقصود

avata
خباب عبد المقصود
11 اغسطس 2017
64F503DE-8031-46A5-954F-958976749BF9
+ الخط -
تخرج العروس التونسية بكامل زينتها من منزل والدها وسط رفيقاتها وعائلتها بعد أن تُزيَّن باللباس التقليدي الخاص بهذه المناسبة، يكون الجمل في انتظارها لتمتطيه، تُدّق الطبول ويُنفخ في المزامير، يحيط بها الفرسان على الأحصنة ويبدأ الاحتفال.

ويُعد موكب "الجحفة"، الذي يعتمد بالأساس على الجمل عادةً متوارثة من عادات الزفاف في بوادي الجنوب التونسي، تضرب بجذورها في القدم، قيل إنها أتت مع الدولة الفاطمية، لكنها اندثرت في بلاد المشرق العربي، وحافظت على صمودها بلادُ المغرب العربي وظلت تتوارثها الأجيال، وتحرص على ممارستها كإحدى أهم عادات الأعراس التقليدية.

ولا تكتمل هذه العادة الاحتفالية إلا بتبخير الجمل الذي سينقل العروس، ووضع جحفة (هودج) تصنع عادة من القصب أو الخشب الذي كان يجلب من السودان -قديماً - في شكل أقواس متداخلة ترتبط ببعضها البعض على هيئة قبة عالية، تجلس العروس وتغطى بأبهى ما عندها، وتزين الجحفة عادة بأحزمة ملونة، ويتدلى من أسفل الجحفة تروس الحلي التقليدي.

ومن العادات المرافقة لهذا الطقس الاحتفالي الشعبي، أن تظهر العروس يديها حين تمر الجحفة على موكب العريس، كما جرت العادة أن تصب الماء عند كل ممر تمر منه، دلالة على الخصب والفأل الحسن، وفي جزيرة جربة التونسية، تحرص العروس على إبراز يدها اليمنى المخضّبة بالحنّاء من فتحة في الهودج بمجرّد وصولها والركب المرافق لها وتنثر عند حلولها ببيت زوجها الشعير والماء يمنة ويسرة على الأرض وعلى الحاضرين، في إشارة واضحة إلى الخصوبة والخير.

يخرج الموكب من بيت العروس لبيت الزوجية، بصحبة الأهل والأقارب. ويتجلى البعد الجمالي في موكب الجحفة من خلال مجموعة من العناصر التزيينية التي تؤثث كل المحيطين بهذا الشكل الاحتفالي، سواء تعلق الأمر بالدابة (الجمل) التي تتركز حولها الأنظار لحمولتها الرمزية وإسهامها الواضح في نقل العروس، أو من خلال زغاريد النساء ورقصهن، أو حركات المكلفين بقرع الطبول، ثم هناك لباس وزينة العروس التي تخفي جسدها من منطلق الغموض والخوف من العين الشريرة أيضاً ليكتمل الاحتفال دون أي عنصر من المفاجآت.

وإذا كانت العديد من الأسر في الجنوب التونسي تحرص على الالتزام بهذه العادة والحفاظ عليها من الاندثار بما تحفل به من دلالات وممارسات شعبية، فإنها بدأت تتراجع في قرى ومدن كثيرة، جراء التحولات الاجتماعية والاقتصادية، لتعوض السيارة الجحفة.