وأُعلن، أمس الخميس، عن تشكيل "الجبهة الشامية"، التي ضمّت خمسة فصائل معارضة تحت رايتها، وهي: "حركة نور الدين زنكي" و"جيش المجاهدين" و"تجمّع استقم كما أمرت" و"الجبهة الإسلامية في حلب" و"جبهة الأصالة والتنمية" و"حركة النور". وتقاتل معظم هذه الفصائل قوات النظام السوري شمالي حلب، وقوات "داعش" في ريفها الشمالي.
وتمّ الإعلان عن تولّي قائد "لواء التوحيد والجبهة الإسلامية" في حلب، عبد العزيز السلامة، قيادة التشكيل الجديد، كما عُيّن قائد "جيش المجاهدين" المقدم محمد بكور، قائداً عسكرياً للتشكيل الجديد.
ويبدو أن فصائل المعارضة السورية في حلب، بدأت تستشعر الخطر الداهم، الذي يُشكّله تقدم قوات النظام السوري شمال المدينة، وسعيها إلى فرض حصار كامل عليها. الأمر الذي فرض عليها تجاوز خلافاتها والتوحّد في ظل قيادة عسكرية واحدة، خوفاً من وقوعها جميعاً تحت الحصار الكامل الذي بات يهددها.
كما أن حشد تنظيم "داعش" لمزيد من قواته في منطقة اخترين وريفها، الذي يسيطر عليه في ريف حلب الشمالي، كان بلا شك دافعاً إضافياً لقوات المعارضة للتوحد، لمواجهة محاولات التنظيم للتقدم. ويسعى التنظيم منذ أشهر للسيطرة على مدينة مارع، ومن ثم التمدد نحو مدينة أعزاز الحدودية، من أجل فصل مناطق سيطرة المعارضة السورية عن الأراضي التركية.
وكانت قوات التحالف الدولي لمحاربة "داعش" قد استهدفت منذ أيام، للمرة الأولى، نقاط تمركز التنظيم قرب خطوط اشتباكه مع قوات المعارضة في ريف حلب الشمالي. وأفادت مصادر محلية لـ "العربي الجديد"، عن "قيام ثلاث طائرات تابعة للتحالف الدولي، بشنّ ست غارات على مواقع التنظيم في قرى العيون وحوار النهر وتل مالد ودابق، وأدت الغارات بحسب شهود عيان إلى مقتل حوالى عشرين من عناصر التنظيم في دابق، وآخرين في تل مالد، وفي محيط حوار النهر والعيون. وتقع جميع تلك القرى على خطوط التماس، بين مناطق سيطرة داعش ومناطق سيطرة المعارضة".
ويأتي تدخّل طيران التحالف الدولي ضد "داعش" في ريف حلب الشمالي، في الوقت الذي شوهدت فيه تعزيزات كبيرة للتنظيم في المنطقة. وتحدث شهود عيان لـ "العربي الجديد"، عن "حشد داعش لمزيد من قواته في المنطقة، تحضيراً لشن هجوم على مناطق سيطرة المعارضة".
وأوضح الناشط الإعلامي ثائر الحسن، في حديث لـ "العربي الجديد"، أن "قوات المعارضة المتمثلة بحركة "حزم"، قد تمكنت نهاية الأسبوع الماضي من رصد دبابتين لداعش، قرب محور تل مالد، جنوب شرق مارع. فاستهدفتهما بصاروخين من نوع تاو، وتمكنت من تدمير إحداها، في حين انسحبت الأخرى قبل إصابتها".
ولا تقتصر التحديات التي تواجهها المعارضة السورية في حلب وريفها الشمالي على ضغط قوات النظام السوري وتنظيم داعش عليها فقط، بل تمتد إلى تهديدات "جبهة النصرة" واعتداءاتها المستمرة على قوات المعارضة في حلب.
وذكر بيان صادر عن "دار القضاء في بلاد الشام"، وهي الهيئة الادارية والقضائية التي تتبع "جبهة النصرة"، وتقوم بإدارة المناطق التي تسيطر عليها، أن "أي دعم أو مناصرة للتحالف الدولي وقوات الولايات المتحدة في سورية، ضد أي فصيل إسلامي يعمل فيها يُعتبر كفراً صريحاً، الأمر الذي يوجب قتال من يرتكب ذلك"، في إشارة إلى فصائل المعارضة السورية التي تتلقى دعماً من الولايات المتحدة.
وكانت "جبهة النصرة" قد نشرت حواجز عدة في مناطق سيطرة قوات المعارضة في حلب في الأيام الأخيرة، بهدف ملاحقة عناصر حركة "حزم"، المتواجدين على جبهات قتال قوات النظام السوري في المدينة. وقد أصدرت قيادة حركة "حزم" في حلب، بياناً ذكرت فيه "جبهة النصرة" بالاتفاق المُبرم بين الطرفين في شهر نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، والذي قضى بتحييد مدينة حلب، بحكم وضعها العسكري الحساس، عن الصراع الدائر بين "جبهة النصرة" من جهة و"جبهة ثوار سورية" وحركة "حزم" من جهة ثانية، الأمر الذي خرقته "الجبهة" باعتقالها عددا من عناصر "الحركة".
ولا يبدو أن "حركة حزم" قادرة وحدها على مواجهة هجوم "النصرة" المتوقع عليها، فالحركة خسرت معظم مناطق سيطرتها في ريف إدلب لمصلحة "جبهة النصرة" في الشهر الماضي. ولا بدّ أن يدفع ذلك قيادة الحركة في حلب، للسعي إلى الاندماج مع فصائل المعارضة الأخرى في المدينة في تشكيلها الجديد.
إلا أن تلقي "الحركة" دعماً أميركياً، أكان بالأسلحة المضادة للدروع، أو عبر تلقّي عناصرها التدريب، قد يعوّق عملية اندماجها مع بقية فصائل المعارضة في حلب، بسبب الطبيعة الخاصة لتركيب "الحركة"، والنوعية الخاصة لمقاتليها. غير أن ذلك لن يمنع "حركة حزم" من مواصلة التنسيق مع فصائل المعارضة في حلب، في قتال قوات النظام السوري و"داعش".