"التيكيناتشو" بين ألمانيا وإيطاليا..الظاهرة الأكثر نجاحاً في أمم أوروبا

03 يوليو 2016
ألمانيا حسمت التأهل بركلات الترجيح (Getty)
+ الخط -

"يرتبط الفوز في كرة القدم بالجودة، الخبرة، والتعامل مع الضغط، والألمان هم الأفضل في هذا المجال". يتحدث كارلو أنشيلوتي في مقال تحليلي بصحيفة التليغراف عن القمة الألمانية الإيطالية في اليورو، مشددا على أهمية استقرار المانشافت، من خلال النظام التكتيكي الصارم الذي يعمل به يواكيم لوف لسنوات طويلة، عكس معظم الفرق والمنتخبات الأخرى التي استخدمت أكثر من مدير فني، وبالتالي يحصل الألمان على ميزة إضافية أمام كافة منافسيهم.

قمة مختلفة
فاز الأزوري على الإسبان بكل سهولة، وتفوق أنطونيو كونتي باقتدار على ديل بوسكي، مع خطة لعب 3-5-2 التي أرهقت الإسبان كثيرا، بسبب صعوبة الضغط على ثلاثي الدفاع، واستحالة التعامل مع ثنائي هجومي قوي ومتنوع، لذلك سيطر الطليان على مباراة ثمن النهائي، ونجحوا في تسجيل هدفين مع سيطرة مطلقة على مجريات اللعب.

أجرى الشيخ ديل بوسكي بعض التغييرات ولعب بثنائي هجومي في بداية الشوط الثاني لكن دون تغيير، لأن طريقة 4-1-4-1 /4-4-2 لم تنجح في التكيف مع لاعبي الوسط المائلين للأطراف، والظهيرين الأقرب لدور الأجنحة على الرواق، لكن يواكيم لوف كان أكثر جرأة من مدرب إسبانيا، وحول سريعا من خططه إلى 3-5-2، ليقوم باستنساخ الوظيفة الإيطالية، لكن مع أدوات أكثر وخيارات أوفر.

لعبت ألمانيا بهذه الطريقة الجديدة ليتم بناء أفضل للهجمة من الخلف، عن طريق خماسي صريح، لاعب في العمق هو بواتينغ على يمينه ويساره ثنائي في كل جانب، مما يعطيه زوايا عديدة للتمرير، بالإضافة إلى التعامل مع الكرات الطولية الإيطالية أمام مرمى نوير، بوجود لاعب إضافي يغطي على زملائه، مع صعود مدافع لخط الوسط من أجل إعطاء أفضلية عددية في المنتصف، دون نسيان موللر وغوميز، ثنائي صريح أجبر بونوتشي ورفاقه على التعامل بحذر أمام بوفون.

بدون أفضلية
تغييرات لوف في البداية المباراة كانت ضرورية، حتى يستطيع الألمان الوقوف في وجه منافسهم، ورغم أن المانشافت هو أفضل فريق هجومي في اليورو، إلا أنه استسلم للواقع الإيطالي، وواجه أبطال العالم خصمهم بنفس أسلوبهم، لتكون المباراة متوازنة إلى أقصى درجة ممكنة.

بواتينغ أمام بونوتشي في الدفاع، وغوميز رفقة موللر ضد إيدير وبيلي، مع خط وسط قائم على ارتكاز عميق وثنائي متحرك إلى الطرف، لكن الفريق الألماني رغم حسن اخيتاره إلا أنه لم يبادر أبدا بالضغط، وتعامل يواكيم مع كونتي بجانب مضاعف من الحذر، خصوصا أن ألمانيا لم تضغط كثيرا على دفاعات إيطاليا، رغم أن بارولو أقل كثيرا من دي روسي الغائب.

استخدم كونتي لاعبه جياكيريني بذكاء، لأنه يعود إلى الدفاع دون الكرة مع التحول إلى 3-5-2، وفي حالة المرتدات، يصعد جياكيريني بالتبادل مع دي تشيلو، ليستفيد من البطء الواضح على البديل شفاينشتايغر، لتصبح الخطورة الإيطالية عن طريق هذه اللعبة فقط، بينما في المقابل اعتمد الألمان أكثر على صعود ثنائي الظهير، كيميتش أمام هيكتور، بمساندة واضحة من كروس وبواتينغ من الخلف، مع صعود أوزيل إلى منطقة الجزاء بالتبادل مع غوميز، حتى جاء هدف التقدم.

تيكيناتشو
لجأ الفريق الإيطالي في معظم الفترات إلى العودة دفاعيا، بسبب افتقاده إلى صناع لعب من قيمة فيراتي وماركيزيو، وبالطبع بيرلو، ومالت الكفة لصالح الألمان بسبب كثرة الخيارات المتاحة أمام لوف، الرجل الذي وصل بالتكتيك إلى نقطة حيادية أمام كونتي، مستخدما نفس طريقة اللعب تقريبا، لكن مع وجود صانع لعب أفضل كتوني كروس أمام ثلاثي الدفاع.

مرر 3 لاعبين من ألمانيا تمريرات تخطت الرقم 100، بواتينغ وكروس وهوميلز، في دلالة واضحة على قوة الألمان في عملية البناء من الخلف، لذلك حصل لاعبو الهجوم على أريحية أكبر، وسنحت فرص خطيرة لكل من غوميز، موللر، وأوزيل، لأنهم لعبوا أمام الظهيرين سريعة ودفاع يعرف كيف يبدأ الهجمة دون خوف.

يحسب للأزوري أيضا أنه عاد سريعا بعد تأخره، وفرض لاعبوه شخصية قوية خلال نهاية الشوط الثاني، مع قوة كبيرة في اللعب دون الكرة، مع إجبار ألمانيا على الدخول كثيرا إلى العمق، ليقل اللعب العرضي وتنعدم الفراغات في وبين الخطوط، حتى الوصول في النهاية إلى ركلات الجزاء.

مررت ألمانيا 719 تمريرة خلال المباراة، مع نسبة استحواذ فاقت الـ 60%، وحاول لاعبوها قدر المستطاع الوصول إلى منطقة جزاء بوفون، بينما اختار الأزوري العودة إلى المناطق الخلفية، وبرعوا في الوصول بالمباراة بعيدا رغم قلة عدد الأسماء المتاحة داخل القائمة، في قمة صعدت من خلالها استراتيجية "التيكيناتشو" في دلالة واضحة على ميل كل الفرق بلا استثناء إلى الواقعية، حتى في حالة المبادرة، لا مانع من كسر الانسجام في سبيل الفوز، هكذا أخبرنا يواكيم لوف في مواجهة أنطونيو كونتي.

المساهمون