سياسة الحصار اتبعها النظام كـ"عقاب" للبلدات والمدن السورية الثائرة، ولكن جهوده في هذا الإطار تركزت على ريف دمشق، كونه يشكل حزاماً للعاصمة التي يريدها النظام "مرتاحة" ليوحي للرأي العام العالمي أنه لا يزال قوياً وممسكاً بكل أوراق "اللعبة".
وتعاني مدن وبلدات عدة محيطة بدمشق من حصار جائر، منها معضمية الشام، وقدسيا، والهامة، فضلاً عن أحياء جنوب دمشق، والغوطة الشرقية، ولكن الحصار على مدينة التل يأخذ أبعاداً مأساوية كونها تضم نحو مليون و200 ألف مدني ضمن نطاق جغرافي ضيق.
وذكرت تنسيقية المدينة، على صفحتها على موقع التواصل (فيسبوك)، أن قوات النظام "لاتزال تغلق حواجزها في وجه المواطنين، وتمنعهم من المرور عنها لليوم التاسع والخمسين على التوالي، إذ لا تسمح إلا للطلاب والموظفين بالمرور مشياً على الأقدام".
وأشارت إلى أن "معظم المحلات التجارية أغلقت لعدم توفر البضائع، والصيدليات تبدو شبه خالية، خاصة من الأدوية الضرورية وأدوية الأمراض المزمنة". ولجأ أهالي المدينة للحطب وسيلة للطبخ، بعدما فُقدت المحروقات بشكل كامل في المدينة، وفق التنسيقية.
وزاد النظام السوري من معاناة الأهالي المحاصرين بقطع خطوط الإنترنت لليوم الثالث على التوالي، ليفصلها عن العالم الخارجي.
ونزح عدد كبير من السوريين، ومن مختلف المحافظات إلى مدينة التل خلال سنوات الثورة، حتى باتت تضم نحو مليون نازح إضافة إلى سكانها البالغ عددهم نحو 130 ألفا، وفق شبكة (سوريا مباشر)، التي قالت في تقرير لها صدر منذ أيام إن قوات النظام أحكمت طوق الحصار على المدينة بنشرها حواجز على مداخلها السبعة، أشارت إلى أن فرناً واحداً يعمل في المدينة المكتظة بالسكان.
من جهته، قال أحمد البيانوني، المتحدث باسم تنسيقية مدينة التل، إن "عدداً من مرضى المدينة باتوا مهددين بالموت بسبب انعدام الأدوية، والمشفى الوحيد في طريقه للإغلاق بسبب نفاد الأوكسجين، والمحروقات والمواد التخديرية التي تستخدم في العمليات"، محذراً من كارثة صحية وخاصة بين الأطفال حيث لم يعد لحليبهم وجود في المدينة.
وأشار البيانوني، إلى "وجود أزمة غذائية كبيرة بسبب الحصار، وخاصة أن الأهالي استهلكوا مخزونهم الغذائي بشكل كامل، وهناك انقطاع تام للطحين ما أدى إلى إغلاق أفران المدينة".
وتلفت تنسيقية المدينة، إلى أنه "لا توجد أراض زراعية واسعة داخل طوق الحصار، وإن وجدت فلا يوجد مورد للمياه لري الأراضي الزراعية. كما أن مصادر مياه الشرب تقع خارج المدينة التي لا توجد فيها أعداد كبيرة من الدواجن والأغنام، إلا ما يربيه الأهالي في بيوتهم وهي نادرة جداً".
وأطلق ناشطون سوريون منذ أيام، حملة على مواقع التواصل الاجتماعي بعنوان "أنقذوا مدينة التل" لتسليط الضوء على معاناة أكثر من مليون مدني في ظل الحصار الخانق، الذي بات يُطبق على مدينة "تموت بصمت، إذ يعيش سكانها تحت وطأة معاناة إنسانية متعددة الأوجه" وفق أحد ناشطيها.
اقرأ أيضاً "الهولوكوست المصور": ضحايا تعذيب النظام السوري في المشافي العسكرية