التعامل بالتقسيط ليس جديداً في العراق، لكنّه كان مقتصراً على طبقة محددة من الناس، أي الفقراء الذين كانوا قلّة. لكنّ وزارة التخطيط أشارت، مطلع العام الجاري، إلى ارتفاع مستوى الفقر في البلاد إلى 30 في المائة
تتوقف عمليات البيع والشراء إن توقّف العمل بأسلوب الأقساط. هذا ما يتّفق عليه عراقيون كثر، إذ إنّ العمل والتسوّق بـ"التقسيط" باتا من الأساسيات. ويزداد عدد المتسوّقين بالتقسيط، بحسب ما يؤكد تجّار وأصحاب محال مختلفة، حتى صار هذا الأسلوب هو السائد في تعاملات الأسواق.
عادل الكرعاوي يعمل في تجارة الأدوات الكهربائية، يقول إنّ "خسارة كبيرة لحقت بعدد كبير من التجّار بسبب العمل بأسلوب التقسيط. لكنّهم لم يتحوّلوا عن هذا الأسلوب في التعامل، وإن تعرّضوا لخسائر". ويوضح لـ"العربي الجديد" أنّ "ما يهمّ التاجر هو أن يبيع بضاعته ويعمل على استيراد بضائع أخرى. فهو يتعامل في السوق مع أصحاب محال تجارية يبيعون المستهلك مباشرة، ويتعاملون مع معظم المستهلكين بالأسلوب نفسه". لكنّه يلفت إلى أنّ "بعض الزبائن اختفوا وكانت في ذممهم مبالغ كبيرة للتجّار".
وقد رُفعت قضايا عدّة أمام المحاكم العراقية على خلفية عدم تسديد الأقساط، ويشير المحامي عمر حسين، إلى أنّها بمعظمها تنتهي بالتفاوض بين المتخاصمين والتنازل عن القضية. يضيف لـ"العربي الجديد" أنّ "ثمّة قضايا ترد إلى المحاكم العراقية حول عدم تسديد ديون التقسيط. وأكثر هذه القضايا تحلّ بالاتفاق والتراضي، مع إعطاء مهلة للتسديد بكفالة أشخاص أو رهن عقار". ويوضح أنّ "ثمّة قضايا تتعلق بعدم دفع أقساط بسيطة لا تتعدى قيمتها أحياناً 300 ألف دينار عراقي (أكثر من 250 دولاراً أميركياً) فيما يكون المدّعى عليه في مثل هذه القضايا مديناً لجهات عدّة ويمرّ بضائقة مالية".
في أحياء مختلفة من العاصمة بغداد، إمّا راقية وإمّا يقطنها ميسورون وأصحاب الدخل المتوسط، يقرّ أصحاب محال تجارية بأنّ التعامل مع السكان بالتقسيط هو "سرّ" مواصلتهم عملهم. رشيد فياض على سبيل المثال، رجل سبعيني يملك محلاً لبيع اللحوم في حيّ المنصور، يقول لـ"العربي الجديد" إنّه يعمل داخل هذا الحيّ منذ 40 عاماً، لكنّه لم يعمد في يوم إلى البيع بالتقسيط لزبائنه. يضيف أنّ "الناس هنا في المنصور جميعهم من ميسوري الحال أو من أصحاب الدخل المتوسط، وهو ما يفسّر غلاء أسعار العقارات فيه". لكنّه يلفت إلى أنّ "الحال اختلفت عمّا كانت في السابق، إذ لم تعد للفقراء اليوم أحياء محددة، أو لنقل إنّه لم يعد ثمّة حيّ يخلو من سكان فقراء".
اقــرأ أيضاً
تتوقف عمليات البيع والشراء إن توقّف العمل بأسلوب الأقساط. هذا ما يتّفق عليه عراقيون كثر، إذ إنّ العمل والتسوّق بـ"التقسيط" باتا من الأساسيات. ويزداد عدد المتسوّقين بالتقسيط، بحسب ما يؤكد تجّار وأصحاب محال مختلفة، حتى صار هذا الأسلوب هو السائد في تعاملات الأسواق.
عادل الكرعاوي يعمل في تجارة الأدوات الكهربائية، يقول إنّ "خسارة كبيرة لحقت بعدد كبير من التجّار بسبب العمل بأسلوب التقسيط. لكنّهم لم يتحوّلوا عن هذا الأسلوب في التعامل، وإن تعرّضوا لخسائر". ويوضح لـ"العربي الجديد" أنّ "ما يهمّ التاجر هو أن يبيع بضاعته ويعمل على استيراد بضائع أخرى. فهو يتعامل في السوق مع أصحاب محال تجارية يبيعون المستهلك مباشرة، ويتعاملون مع معظم المستهلكين بالأسلوب نفسه". لكنّه يلفت إلى أنّ "بعض الزبائن اختفوا وكانت في ذممهم مبالغ كبيرة للتجّار".
وقد رُفعت قضايا عدّة أمام المحاكم العراقية على خلفية عدم تسديد الأقساط، ويشير المحامي عمر حسين، إلى أنّها بمعظمها تنتهي بالتفاوض بين المتخاصمين والتنازل عن القضية. يضيف لـ"العربي الجديد" أنّ "ثمّة قضايا ترد إلى المحاكم العراقية حول عدم تسديد ديون التقسيط. وأكثر هذه القضايا تحلّ بالاتفاق والتراضي، مع إعطاء مهلة للتسديد بكفالة أشخاص أو رهن عقار". ويوضح أنّ "ثمّة قضايا تتعلق بعدم دفع أقساط بسيطة لا تتعدى قيمتها أحياناً 300 ألف دينار عراقي (أكثر من 250 دولاراً أميركياً) فيما يكون المدّعى عليه في مثل هذه القضايا مديناً لجهات عدّة ويمرّ بضائقة مالية".
في أحياء مختلفة من العاصمة بغداد، إمّا راقية وإمّا يقطنها ميسورون وأصحاب الدخل المتوسط، يقرّ أصحاب محال تجارية بأنّ التعامل مع السكان بالتقسيط هو "سرّ" مواصلتهم عملهم. رشيد فياض على سبيل المثال، رجل سبعيني يملك محلاً لبيع اللحوم في حيّ المنصور، يقول لـ"العربي الجديد" إنّه يعمل داخل هذا الحيّ منذ 40 عاماً، لكنّه لم يعمد في يوم إلى البيع بالتقسيط لزبائنه. يضيف أنّ "الناس هنا في المنصور جميعهم من ميسوري الحال أو من أصحاب الدخل المتوسط، وهو ما يفسّر غلاء أسعار العقارات فيه". لكنّه يلفت إلى أنّ "الحال اختلفت عمّا كانت في السابق، إذ لم تعد للفقراء اليوم أحياء محددة، أو لنقل إنّه لم يعد ثمّة حيّ يخلو من سكان فقراء".
في مناطق فقيرة عند أطراف المدن، يشيع التعامل بالتقسيط، لا سيّما وأنّ السكان بمعظمهم يعملون في مهن متواضعة، مداخيلها متدنية جداً. رزاق عبد الرسول (52 عاماً) على سبيل المثال، يجمع العلب المعدنية من مكبات النفايات، وهو بحسب ما يقول يعتمد بصورة كلية على التعامل بالتقسيط. ويخبر "العربي الجديد" أنّ "مدخولي المادي لا يتجاوز شهرياً 600 ألف دينار (أكثر من 510 دولارات)، وأسدد شهرياً 150 ألف دينار (نحو 130 دولاراً) بدل إيجار مسكني فيما يتوجّب عليّ إعالة أسرتي المؤلفة من زوجتي وأولادي الخمسة بما تبقّى من مال". ويؤكد أن ذلك "صعب جداً". ويشير عبد الرسول إلى أنّ "أولادي يساعدونني ويعملون معي خلال عطلهم المدرسية، لكنّني أحاول جاهداً أن أدفع بهم ليكملوا دراستهم. وطريقي الوحيد هو الاعتماد على التعامل بالتقسيط وشراء ما احتاجه للضرورة". ويوضح: "أتعامل بالتقسيط في معظم شؤون حياتي اليومية. على سبيل المثال، أقصد وأولادي الحلاق مرّة واحدة كلّ شهرَين، ويكلّفني ذلك 20 ألف دينار (نحو 17 دولاراً)، لكنّني أدفعها على دفعات أسبوعية على مدى شهر واحد".
في فرن للصمون (الخبز العراقي المعروف) في حيّ شعبي شماليّ بغداد، يمتلئ سجلّ صاحبه حسين الزبيدي بأسماء أشخاص، ومقابل كلّ اسم أرقام، وُضعت على بعضها إشارات مختلفة. يقول الزبيدي لـ "العربي الجديد" إنّ "هؤلاء يشترون بالتقسيط، والإشارات تعني إمّا تسديد المبلغ كاملاً أو تسديده جزئياً أو غير ذلك". والزبيدي رجل خمسيني يعمل في هذه المهنة منذ أكثر من 30 عاماً، يخبر أنّه لم يشهد في حياته فقراً في العراق مثلما يشهده في الوقت الحالي. يضيف أنّه "من الممكن بيع كلّ شيء بالتقسيط إلا الصمون. لم يتوقع أحد أن يحصل هذا في يوم ما". ويوضح أنّ "عدد الزبائن الذين يشترون منّي بهذه الطريقة إلى تزايد. هم يشترون في كلّ يوم كميّة قليلة، فأدوّن ثمنها في سجلي، ليسددوا بحسب إمكانياتهم. بعضهم بصورة أسبوعية وآخرون مرّتَين أو ثلاث مرات في الأسبوع".
في السياق، يرى المحلل الاقتصادي، حسن السامرائي، أنّ "توقّف أعمال كثيرة وانتشار العنف والطائفية والإرهاب، كلّ ذلك أدّى إلى هرب أصحاب رؤوس الأموال والأغنياء من البلاد. وهو الأمر الذي تسبّب في تعليق مشاريع وأعمال مختلفة كانت توفّر فرص عمل لأرباب عشرات آلاف العوائل". ويصف السامرائي "التقسيط" أنّه "ظاهرة طبيعية في العراق بعد تعرّضه لأزمات متلاحقة". يضيف "في كل بلدان العالم مواطنون يعتمدون على التقسيط، وهذا موجود في العراق منذ سنين، لكنّه لم يكن بالتأكيد مثلما هو اليوم".
ويوضح السامرائي أنّ "الفقر هو ما يفتح المجال أمام هذه الظاهرة للانتشار"، مشيراً إلى "أسباب عدّة للفقر. والجميع يعلم أنّ العراق مرّ وما زال بمشاكل أمنية وسياسية واقتصادية ومجتمعية". ويشدّد قائلاً: "يخطئ من يقول إنّ العراق عرف أزماته بعد الغزو الأميركي في عام 2003، بل إنها ظهرت في أول سنة من الحصار الاقتصادي في تسعينيات القرن الماضي". يُذكر أنّ مجلس الأمن كان قد أصدر في السادس من أغسطس/ آب من عام 1990 القرار رقم 661 الذي يقضي بفرض عقوبات اقتصادية على العراق بسبب غزوه الكويت.
اقــرأ أيضاً
في فرن للصمون (الخبز العراقي المعروف) في حيّ شعبي شماليّ بغداد، يمتلئ سجلّ صاحبه حسين الزبيدي بأسماء أشخاص، ومقابل كلّ اسم أرقام، وُضعت على بعضها إشارات مختلفة. يقول الزبيدي لـ "العربي الجديد" إنّ "هؤلاء يشترون بالتقسيط، والإشارات تعني إمّا تسديد المبلغ كاملاً أو تسديده جزئياً أو غير ذلك". والزبيدي رجل خمسيني يعمل في هذه المهنة منذ أكثر من 30 عاماً، يخبر أنّه لم يشهد في حياته فقراً في العراق مثلما يشهده في الوقت الحالي. يضيف أنّه "من الممكن بيع كلّ شيء بالتقسيط إلا الصمون. لم يتوقع أحد أن يحصل هذا في يوم ما". ويوضح أنّ "عدد الزبائن الذين يشترون منّي بهذه الطريقة إلى تزايد. هم يشترون في كلّ يوم كميّة قليلة، فأدوّن ثمنها في سجلي، ليسددوا بحسب إمكانياتهم. بعضهم بصورة أسبوعية وآخرون مرّتَين أو ثلاث مرات في الأسبوع".
في السياق، يرى المحلل الاقتصادي، حسن السامرائي، أنّ "توقّف أعمال كثيرة وانتشار العنف والطائفية والإرهاب، كلّ ذلك أدّى إلى هرب أصحاب رؤوس الأموال والأغنياء من البلاد. وهو الأمر الذي تسبّب في تعليق مشاريع وأعمال مختلفة كانت توفّر فرص عمل لأرباب عشرات آلاف العوائل". ويصف السامرائي "التقسيط" أنّه "ظاهرة طبيعية في العراق بعد تعرّضه لأزمات متلاحقة". يضيف "في كل بلدان العالم مواطنون يعتمدون على التقسيط، وهذا موجود في العراق منذ سنين، لكنّه لم يكن بالتأكيد مثلما هو اليوم".
ويوضح السامرائي أنّ "الفقر هو ما يفتح المجال أمام هذه الظاهرة للانتشار"، مشيراً إلى "أسباب عدّة للفقر. والجميع يعلم أنّ العراق مرّ وما زال بمشاكل أمنية وسياسية واقتصادية ومجتمعية". ويشدّد قائلاً: "يخطئ من يقول إنّ العراق عرف أزماته بعد الغزو الأميركي في عام 2003، بل إنها ظهرت في أول سنة من الحصار الاقتصادي في تسعينيات القرن الماضي". يُذكر أنّ مجلس الأمن كان قد أصدر في السادس من أغسطس/ آب من عام 1990 القرار رقم 661 الذي يقضي بفرض عقوبات اقتصادية على العراق بسبب غزوه الكويت.