"التسوية الإقليمية"... خدعة نتنياهو لتصفية القضية الفلسطينية

12 اغسطس 2016
نتنياهو وليبرمان يظهران حماسة كاذبة إزاء "التسويات الإقليمية"(ليور مزراحي/Getty)
+ الخط -
ترى أوساط إسرائيلية أن بعض الدول العربية، التي تحرص على التواصل والتعاون مع الحكومة الأكثر يمينية في تاريخ الكيان الصهيوني، تسهم في مساعدة هذه الحكومة على إدارة لعبة علاقات عامة تهدف إلى تضليل العالم والتغطية على تطرفها. كما توفر مظلة إقليمية لتكريس الاحتلال الإسرائيلي للأراضي الفلسطينية المحتلة. وأكثر ما يلفت نظر هذه النخب حقيقة أن رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، ووزير الأمن، أفيغدور ليبرمان، يظهران حماسة كاذبة إزاء فكرة "التسويات الإقليمية" لحل الصراع مع الفلسطينيين، دون أن يكون لديهما أي استعداد لتقديم أية مرونة حقيقية من أجل تطبيق هذا الحل.

يقول الأكاديمي، إيلي فودا، أبرز المستشرقين الصهاينة، إن نتنياهو وليبرمان يحاولان "توظيف المصالح المشتركة بين إسرائيل والأنظمة العربية السنية المعتدلة، لا سيما في مجال التعاون بمواجهة الإسلام السني المتطرف والتهديد الإيراني"، على حد وصفه.
ووفقاً لفودا فإن "الأمر يتعلق بتكتيك يهدف إلى حجب الأنظار عن القضية الفلسطينية وإبطال الحاجة إلى حل الصراع مع الفلسطينيين". وفي مقال نشرته صحيفة "هآرتس"، يرى فودا أخيراً أن حكومة نتنياهو لا تريد استغلال "قوة الضغط" التي تملكها الدول العربية وتوظيفها في إقناع الفلسطينيين بالتوصل لتسوية سياسية للصراع، لأن هذه الحكومة غير معنية بالأساس بدفع ثمن هذه التسوية، على حد وصفه.

ويعتبر فودا أن حكومة الاحتلال تحاول أن توظف تواصل بعض الأنظمة العربية معها، لبناء صورة "معتدلة" لها. ويتمثل هدفها في تحقق مكاسب على الصعيد الداخلي في السجال مع المعارضة، وتحسين صورتها الخارجية، دون أن تكون مستعدة للقيام بأية خطوة حقيقية تدل على "اعتدالها". ويلفت فودا إلى أن الجمهور الإسرائيلي "مرتاح تماماً" لهذا النمط من العلاقة مع العالم العربي، الذي يقوم على التعاون الأمني والاستخباراتي، والذي لا يلزم إسرائيل بتقديم تنازلات سياسية تجاه الفلسطينيين. ويشدد الأكاديمي نفسه على أن إسرائيل تخطئ في حال اعتقدت أنه بالإمكان الرهان على هذا النمط من العلاقة مع العالم العربي، مشيراً إلى أن الرأي العام العربي ينظر إلى هذه العلاقة بوصفها "غير شرعية"، مما جعل الحكام يحرصون على إضفاء طابع سرّي عليها. ويعيد التذكير بأن بعض الزعماء العرب دفعوا حياتهم ثمناً للعلاقة مع إسرائيل.


في سياق متصل، يسخر وكيل وزارة الخارجية الإسرائيلي الأسبق، أوري سافير، من المبادرة التي أعلنها رئيس النظام المصري، عبدالفتاح السيسي، والتي قال إنها تفضي إلى تطبيق حل الدولتين. وفي مقال نشرته صحيفة "معاريف" أخيراً، يعتبر سافير، أنه بخلاف ما يعتقد السيسي، فإن كل ما لدى نتنياهو "هو مجرد هذر"، مشدداً على أن رئيس حكومة الاحتلال لا ينوي المضي في أية تسوية سياسية للصراع مع الفلسطينيين. ويشدد سافير على أن الوحيد الذي "يملك لغة مشتركة" مع نتنياهو هو المرشح الجمهوري للانتخابات الرئاسية الأميركية المقبلة، دونالد ترامب.


من جهته، يشير الكاتب، تسفي بارئيل، إلى أن إسرائيل تطالب العالم بالاعتراف بحقها في مواصلة الأراضي الفلسطينية، التي سيطرت عليها عام 1967. وفي مقال نشرته صحيفة "هآرتس" أخيراً يلفت بارئيل إلى أن الاستراتيجية الدعائية، التي شرعت حكومة تل أبيب في تطبيقها في أرجاء العالم، والتي تفوق كلفتها مليار دولار، تطالب بإضفاء شرعية دولية على مواصلة احتلالها للأراضي الفلسطينية. وينوه إلى أن إسرائيل تحاول استنساخ تجربة الدول الإمبريالية التي سقطت، والتي تحولت إلى دول شرعية بعد تخلّيها عن احتلال أرض الغير.

من جانبه، يعتبر وكيل وزارة الخارجية الإسرائيلية، دوري غولد، أن "التعاون بين إسرائيل والدول العربية المعتدلة"، على حد وصفه، "يشكل عاملاً مهماً في حماية أوروبا وتحصينها من الخطر الإسلامي". وتنقل صحيفة "يسرائيل هيوم" أخيراً، عن غولد، قوله إن هذا التعاون "أسهم في منع هيمنة الحركات الجهادية على الكثير من المناطق في المحيط"، وهو الأمر الذي، لو حصل، كان من شأنه "أن يفاقم من حالة عدم الاستقرار في الإقليم والعالم"، على حد قوله.

ويمتدح غولد التعاون مع الحكام العرب "المعتدلين"، على حد وصفه، مشيراً إلى أنه يحول دون حدوث اضطرابات وتحولات تفضي إلى عدم استقرار المنطقة، وبالتالي قلّص من فرص نزوح المزيد من الملايين نحو أوروبا. ويشدد غولد على أن التعاون بين بعض العرب وإسرائيل "أحبط الكثير من التطورات التي يمكن أن توفر الظروف أمام تعاظم الخطر الأصولي، مما ينعكس إيجاباً على العالم وعلى وجه الخصوص أوروبا". يذكر أن غولد سبق له الإعلان أن مصر وإسرائيل شرعتا في صياغة استراتيجية مشتركة للتعاطي مع التحولات السياسية والأمنية في المنطقة.