"التحكّم"... تهمة جديدة للتراشق بين الأحزاب المغربية

03 نوفمبر 2015
بنكيران: "الأصالة والمعاصرة" يسعى للتحكّم بالواقع السياسي (فرانس برس)
+ الخط -
بات مصطلح "التحكّم" رائجاً بقوة في المشهد السياسي في المغرب، مع تحوّله إلى "الكلمة المفتاح" لكثير من السجالات والصراعات، التي لا تكاد تنتهي بين الأحزاب القوية في البلاد. وأضحى المصطلح، أيضاً، تهمة جاهزة يلقي بها كل طرف على الطرف الآخر، من أجل كسب نقاط انتخابية.

وتبادلت أحزاب "العدالة والتنمية"، و"التقدم والاشتراكية"، و"الأصالة والمعاصرة"، و"الاتحاد الاشتراكي"، و"الاستقلال" في الآونة الأخيرة، تهماً كثيرة بشأن التحكّم في السياسة في البلاد، تحديداً بين الأحزاب المُشاركة في الائتلاف الحكومي، وأبرز أحزاب المعارضة.

في هذا السياق، لم يتردّد رئيس الحكومة المغربية، الأمين العام لحزب "العدالة والتنمية"، عبد الإله بنكيران، في الإعلان، أخيراً، لإحدى القنوات المحلية أن "حزبه، كما أحزاباً سياسية أخرى، يعاني من التحكّم الذي يمارسه قياديون في حزب الأصالة والمعاصرة المعارض"، مشيراً تحديداً إلى نائب الأمين العام لـ"الأصالة والمعاصرة"، إلياس العماري.

ويشرح بنكيران ما الذي يقصده بـ"التحكّم"، قائلاً إن "حزب الأصالة والمعاصرة يسعى للتحكّم في الواقع السياسي، ويُخطط لأن يجعل الأحزاب السياسية كلها رهن إشارته، وفي خدمته، ومنخرطة في برنامجه ومشروعه". ويشدّد على أن "من صوّت للعدالة والتنمية في الانتخابات، إنما فعلوا لاقتناعهم بأنه حزب وقف في وجه التحكّم".

اقرأ أيضاً: سابقة… الملك المغربي يشارك الاتحاديين ذكرى اختفاء بنبركة 

ويضرب بنكيران مثالاً على ذلك، بكشفه أن "الأصالة والمعاصرة حصل على 18 في المائة فقط في انتخابات الغُرف المهنية، ومع ذلك فاز بـ24 غرفة من أصل 35 غرفة، كما حلّ ثانياً في الانتخابات الجهوية، وحصل على خمس جهات من بين 12 جهة". ويرى أن "كل ذلك تمّ بالضغط والتخويف".

وتُلاقي كتلة "العدالة والتنمية" البرلمانية، كلام بنكيران، بدعوتها إلى أن "تكون سنة 2016، وهي السنة التي ستُجرى فيها الانتخابات البرلمانية، فرصة للقطع مع تغوّل الفساد والتحكّم بالمغرب. وأن تكون الانتخابات التشريعية مناسبة لإعلان نهاية التحكّم وهزمه هزيمة نهائية، لا رجعة فيها".

وفي رأي فريق الحزب الحاكم في البرلمان، فإن "التناقض الحقيقي اليوم ليس بين الأغلبية والمعارضة، أو بين الحداثة والتقليد، بل بين القوى التي تسعى إلى تحقيق الانتقال الديمقراطي، وبين التحكّم والنفوذ الذي يشتغل لحسابه الخاص، وبأساليب تسعى إلى ردّ عقارب الساعة إلى الوراء".

كما دخل حزب "التقدم والاشتراكية"، العضو في الائتلاف الحكومي، في دوره على خط تبادل الاتهامات بشأن السعي نحو "التحكّم" في الحياة السياسية في البلاد. ويوجّه الحزب أصابع الاتهام إلى أطرافٍ، لم يُسمّها، مشيراً إلى أنها "تعمل بشكل حثيث على التحكّم في رقاب الأحزاب والعملية السياسية برمتها".

في هذا الصدد يقول الأمين العام لـ"التقدم والاشتراكية"، محمد نبيل بن عبدالله، في تصريحات لـ"العربي الجديد"، إن "انتخابات رؤساء الجهات، وأيضاً أعضاء مجلس المستشارين، كشفت إلى حدٍّ كبير ممارسات تنمّ عن تبعية القرار السياسي، بفعل اختلاط المعايير، وتصويت بعض مرشحي الأغلبية لصالح المعارضة".

ويستطرد: "إن ما حصل كان مؤشراً على تواجد جهات تقف حجرة عثرة أمام المسار الديمقراطي السلس، وأمام بلوغ العمليات الانتخابية ذروتها ونهايتها العادية، في محاولة من هذه الأطراف (التي رفض تسميتها)، السيطرة على دواليب المشهد الحزبي برمته، عن طريق التحكم السياسي".

ويُشدّد على أن "الصراع السياسي بالمغرب لم يعد كما كان، في سنوات خلت، بين أطراف رجعية وأخرى تقدمية، باعتبار أن هذه التصنيفات باتت متجاوزة إلى حدّ كبير في البلاد، ولكن الصراع الذي تستخدم فيه شتى الأسلحة، تحول بين معترك يحارب الفساد، ومن بينه حزب التقدم والاشتراكية، ومعترك مضاد يتلبس بالاستبداد والتحكّم".

من جهته، لم يتردد حزب "الأصالة والمعاصرة"، الذي تشير إليه تصريحات حزب "العدالة والتنمية"، وتلميحات حزب "التقدم والاشتراكية"، وحتى حزبا "الاستقلال" و"الاتحاد الاشتراكي"، في ردّ الكيل كيلين إلى الحزب الحاكم، متهماً إياه بـ"ممارسة التحكّم في الأحزاب"، باعتبار أنه هو من يقود الحكومة التي يمتلك السلطة للتأثير على المشهد السياسي بالبلاد.

وكان "الأصالة والمعاصرة"، قد دعا على لسان نائب أمينه العام، إلياس العماري، أكثر من مرة رئيس الحكومة، إلى"الانكباب على حل مشاكل المواطنين المغاربة، عوضاً عن توزيع الشتائم والاتهامات على معارضيه، ووصفهم بمصطلحات صارت من الماضي، من قبيل التحكّم الحزبي والفساد السياسي".

اقرأ أيضاً: تنمية القرى تُحدث شرخاً داخل الحكومة المغربية

المساهمون