يحتفل اللبنانيّون في التاسع من مارس/آذار، بعيد المعلم. طُبع هذا العيد في السنوات الماضية، بتحركات الأساتذة المطالبة بإقرار سلسلة الرتب والرواتب. في الشكل، لم يشذ احتفال هذا العام عن الأعوام السابقة. أمّا لجهة المضمون فالأمر مختلف كثيراً. فالمطالب هذا اليوم، جاءت برعاية رسميّة من وزير التربية اللبناني الياس بو صعب. تختلف هذه الرعاية عن أي رعاية سابقة. فقيادة رابطة الأساتذة الثانويين (الإطار النقابي للأساتذة الثانويين في القطاع العام)، التي انتخبت منذ أسابيع، جاءت بتوافق معظم الكتل السياسيّة ضدّ الشيوعي حنا غريب، الذي تولّى رئاسة الرابطة في السنوات الماضية. عملياً، شكّلت انتخابات رابطة الأساتذة تلك، "تعميد" العونيين في النظام السياسي اللبناني.
العونيون لم يكونوا جزءاً من المنظومة التي ضربت الاتحاد العمالي العام في تسعينيات القرن الماضي، وحوّلته إلى اتحاد أشباح، لا يُشارك العمال بتحركاته ولا يثقون بقيادته. تدارك العونيون الأمر، من خلال قيادتهم "الانقلاب الأبيض" على قيادة رابطة الأساتذة، وهو انقلاب تُرجم بأن بات وزير التربية، وهو يُمثل العونيين، ناطقاً باسم الرابطة، بينما من المفترض أنه يُمثّل السلطة السياسيّة، المطالَبة بإقرار الحقوق. ولا يُمكن نسيان واقع أن بو صعب نفسه، هو عراب إعطاء طلاب الشهادات الرسميّة إفادات نجاح، بدل تصحيح الامتحانات التي امتنع الأساتذة عن تصحيحها كورقة ضغط لنيل حقوقهم.
تُعتبر هذه الخطوة الثانيّة للعونيين من هذا النوع. الأولى، هي استقالة الوزير اليساري شربل نحاس في فبراير/شباط من العام 2012، من الحكومة اللبنانية، وهو الذي كان يُمثل العونيين، بسبب عدم سير فريقه السياسي بالمشروع الإصلاحي الذي طرحه لرواتب الموظفين. تُرك نحاس وحيداً، واستقال، وأقر تعديل للأجور لا يُلبي طموحات العمال.
تختصر الحادثتان سقوط مشروع "الإصلاح والتغيير" الذي رفعه النائب ميشال عون، في فخ التسويات اللبنانيّة التقليدية. سقوط، يؤسس لتحوّل العونيين إلى حالة سياسيّة تقليدية بعد رفع شعارات التغيير. قد لا يكون من الصدف أن يحمل لنا عيد المعلم تأكيداً للتخلي العوني عن شعاراته، بعد أن قال يوماً أحد "معلمي" السياسة في لبنان: "سندخل عون في التركيبة اللبنانيّة بالتقسيط".