ودعا مكتب "الإخوان المسلمين" في الخارج، في بيان، القوى الدولية والحكومات لـ"التوقف عن دعم الأنظمة الديكتاتورية والاستماع لأصوات الشعوب التي تنادي بالحرية والديمقراطية"، قائلاً إنّ "تقرير البرلمان أورد حقائق عن الإخوان المسلمين، ونبذهم للإرهاب والعنف، وعن نهجهم وممارساتهم التي يعرفها الجميع".
وأضاف المكتب، في بيان، أنّ "الجماعة تلقت تقرير البرلمان الذي يصف تقرير الحكومة البريطانية بالمضلل، بإيجابية"، مؤكّدةً على أنّ "التقرير أهمل حقائق هامة عن الجماعة، ومواجهتها لانقلاب عسكري، وتعرضها للاضطهاد والإقصاء".
جاء هذا بعدما أكّد تقرير لجنة الشؤون الخارجية في البرلمان البريطاني أنّ الدلائل تشير إلى أنّ مصر كانت ستؤول إلى "مكان أكثر عنفاً لو دعمت جماعة الإخوان العنف أو أقرّته"، ما يعني أن الجماعة لم تتبن فعلا هذا النهج.
ولفتت اللجنة البريطانية إلى "التحقيق الذي أجرته حول تعامل الحكومة البريطانية مع ملف الإخوان"، مضيفةً أنّ "على وزارة الخارجية البريطانية إدانة النفوذ الذي يمارسه العسكر في مصر في السياسة على اعتبار أن ذلك مناقض للقيم البريطانية"، حسب قولها.
وقالت لجنة الشؤون الخارجية في البرلمان البريطاني، إنّ "تعيين السير جون جينكينز، سفير بريطانيا لدى المملكة العربية السعودية، ليترأس التحقيق المتكتم عليه، أعطى الانطباع بأن دولة أجنبية مارست نفوذًا غير ملائم على التقرير"، متهمةً وزارة الخارجية البريطانية بـ"تعطيل استفساراتها وتحقيقاتها من خلال رفضها إعطاء اللجنة نسخة كاملة أو حتى محررة من التحقيق وكذلك عدم سماحها للسير جون بأن يتقدم بشهادة شفهية أمام اللجنة".
وكان قد وقع تأخير استغرق ثمانية عشر شهراً بين لحظة استكمال التحقيق ولحظة الإعلان عن نتائجه الرئيسية في ديسمبر/ كانون الأول الماضي، في اليوم الأخير من عمل مجلس العموم قبل أن ينفض لإجازة أعياد الميلاد.
وشاعت تكهنات بأن التقرير إنما تم تأجيل الإعلان عنه لأن بعض الحلفاء المهمين في الشرق الأوسط والمشاركين في القتال ضد تنظيم "الدولة الإسلامية" (داعش)، ما كانت لتسرهم نتائج التحقيق. وحسب اللجنة، فإن أسلوب التعامل مع التحقيق أثار قلقًا واسعًا بشأن سلوك وزارة الخارجية البريطانية تجاه "الإسلام السياسي".
وتابع التقرير: "لقد سعى هذا التحقيق المتكتم عليه إلى فهم جماعة الإخوان المسلمين، إلا أنه أخفق في أن يذكر بعض أهم العوامل التي أثرت في جماعة الإخوان، ولا أقل من ذلك من الإطاحة بالجماعة من السلطة في مصر في عام 2013 وما تبع ذلك من قمع لمؤيديها".
وكان البرلمان البريطاني شكل لجنة يترأسها كريسبين بلانت، رئيس لجنة الشوون الخارجية في البرلمان، للتحقيق في تعامل الحكومة مع ملف جماعة الإخوان المسلمين، بعد اتهامات للحكومة بعدم الشفافية، وبالخضوع لإملاءات دول خليجية طالبت بإدانة الجماعة بعد الانقلاب العسكري على الرئيس مرسي في يوليو/ تموز 2013.
وانتهى التقرير إلى نتائج عدّة، أهمها:
- الإسلاميون السياسيون الذين يعرفون أنفسهم على أنهم ديمقراطيون، هؤلاء اعتنقوا الانتخابات كآلية للتنافس على السلطة والفوز بها. ينبغي أن يسمح لهم بالمشاركة بحرية في العمليات الديمقراطية، وينبغي على وزارة الخارجية البريطانية أن تستخدم قدرة الإسلاميين السياسيين على المشاركة كواحدة من المواصفات الأساسية، لتمييز الانتخابات الحرة التي تجري في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا.
- في ما يتعلق بالطريقة التي تصرفوا بها حينما وصلوا إلى السلطة، فإن بعض الأحزاب السياسية الإسلامية، وبشكل خاص النهضة في تونس، أبدوا استعدادا أكبر للقبول بالثقافة الديمقراطية الأوسع، بما في ذلك الالتزام بالتنازل عن السلطة بعد تكبد خسارة في الانتخابات. ينبغي على وزارة الخارجية البريطانية تشجيع فهم أوسع للديمقراطية، وأن تندد بالممارسات التي تؤثر الأغلبية وتمارس الإقصاء سواء كانت هذه الممارسات صادرة عن الأحزاب الإسلامية أو عن خصومها أو عن الحكومات.
- يتوجب على وزارة الخارجية البريطانية إدانة النفوذ الذي يمارسه العسكر في السياسة على اعتبار أن ذلك مناقض للقيم البريطانية. ما كان ينبغي على وزارة الخارجية البريطانية أن تسمح لنفسها بأن تظهر بمظهر المبرر للطريقة التي أطيح بها بحزب الحرية والعدالة من السلطة في مصر، وينبغي عليها أن تكون صريحة ومباشرة في مواجهة الحكومة المصرية بالتناقضات الكامنة في إقصاء جماعة الإخوان المسلمين، ومنعها من المشاركة في العمليات الديمقراطية.
- إن القمع الذي تعرضت له جماعة الإخوان المسلمين في مصر، وفي غيرها من مناطق الشرق الأوسط، سيجعل من المستبعد أن تكون الجماعة شفافة كليا في ما يتعلق بتركيبتها وعملياتها. لقد وجدنا جماعة الإخوان المسلمين منظمة كتومة ولكنها ليست منظمة سرية. ما تتسم به بعض الجماعات الإسلامية السياسية من نزوع نحو التكتم يجعل من الأهمية بمكان أن تسعى وزارة الخارجية البريطانية إلى فهم أفضل لهذه الجماعات، وأن تحصل على الموارد اللازمة لتمكينها من تحقيق هذا الفهم.
- في ما يتعلق بالرسائل الصادرة عنها، لقد رأينا ما يدل على أن بعض الجماعات الإسلامية السياسية توجه من الرسائل ما يختلف باختلاف المتلقين، وبشكل خاص، تجدهم ينوعون في المحتوى بناءً على ما إذا كانت الرسالة بالإنكليزية أم بالعربية. لا يمكن الادعاء بأن هذه الصفة تخص الإسلاميين السياسيين دون غيرهم.
- هناك تنوع يبديه الإسلاميون السياسيون من حيث السياسات التي ينهجونها وهم في السلطة. بعضهم أبدى درجة عالية من البراغماتية، إلا أن البعض الآخر كان أكثر جمودا. لقد كانت المخاوف من أن يقدم حزب الحرية والعدالة في مصر على فرض تفسير متشدد للشريعة الإسلامية ناجمة عن تخمينات متعلقة بالمستقبل وكذلك عن تجربة سابقة. ينبغي على وزارة الخارجية البريطانية أن ترى في براغماتية بعض الأحزاب الإسلامية السياسية فرصة للتواصل والحوار معها وللتأثير في رؤيتها الحالية، بالإضافة إلى الأخذ بالاعتبار نواياها المستقبلية.
- ينبغي على وزارة الخارجية البريطانية تشجيع جماعات الإسلام السياسي على القبول بتفسير للعقيدة من شأنه أن يحمي الحقوق والحريات والسياسات الاجتماعية التي تنسجم مع القيم البريطانية، مع الإشارة هنا إلى أن حزب النهضة في تونس يشكل النموذج الأول للجماعات التي تحركت فعلا بهذا الاتجاه. كما أن وزارة الخارجية البريطانية محقة في البحث عن مؤشرات على أن الإسلاميين السياسيين قد يعملون على النيل من هذه القيم. ولكن ينبغي عليها أيضا أن تحمل جميع الحكومات – في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، بل وحول العالم بأسره – مسؤولية الالتزام بالمعايير نفسها، بغض النظر عن معتقداتها.
- لم تصنف المملكة المتحدة جماعة الإخوان المسلمين منظمة إرهابية، ونحن نتفق معها في هذا القرار. تصرح جماعة الإخوان المسلمين بأنها لا تطمح إلى تحقيق أهدافها من خلال العنف.
ولكننا نلاحظ أن الحكومة تعتقد بأن الجماعة قد تكون مستعدة للتفكير بتبني العنف فيما لو لم يُجْدِ التدرّج نفعا. ومع ذلك، فإن ما يتوفر من دليل حتى الآن من داخل مصر يشير إلى أنه لو دعمت جماعة الإخوان المسلمين العنف أو أقرته، لكانت مصر اليوم مكانا أكثر عنفا بكثير.
- بناءً على تجربة تونس، يمكن للإسلام السياسي في بعض البلدان أن يشكل وسيلة لتوفير بديل ديمقراطي للتنمية الاقتصادية والاجتماعية والسياسية، وخطابا مضادا في مواجهة المعتقدات الأكثر تشددا.
- إن الأغلبية العظمى من الإسلاميين السياسيين لا يشاركون في أي نوع من أعمال العنف، ولهذا السبب، ونظرا لوضعهم العام "كجدار واق" ضد التشدد، فقد عانى الإسلاميون السياسيون من النقد والهجوم عليهم من قبل تنظيم "الدولة الإسلامية" في العراق والشام وغيرها من المنظمات المتطرفة.
- لا توجد حركة سياسية بإمكانها أن تتحكم تماما بالأفراد من منتسبيها أو مؤيديها، وخاصة إذا ما وجدوا في أجواء من التحريض الشديد. إن اعتقال النشطاء السياسيين وحبسهم دون محاكمات عادلة وإغلاق المحافل السياسية التي يمكن من خلالها النظر في التظلمات والشكاوى، من شأنه في الأغلب أن يدفع بعض الناس نحو التطرف.
- ليس الإسلام السياسي بأي حال من الأحوال "الجدار الواقي" الوحيد، ولكنه في العالم الإسلامي يشكل الوسيلة التي من خلالها يتمكن قطاع كبير من المواطنين من التعبير عما يشعرون به من حيف وما وقع عليهم من مظالم. الأغلب أن طبيعة الإسلام ستبقي الدين والسياسة في المستقبل المنظور على درجة عالية من التداخل، ولا مفر من أن تأخذ ذلك بالحسبان الأنظمة الناشئة المنتخبة ديمقراطيا، والخاضعة للمحاسبة والمساءلة.
- بينما أخفقت بعض جماعات الإسلام السياسي في إدانة العنف السياسي في المنطقة بشكل لا لبس فيه، إلا أنها كانت في الماضي وما تزال في الحاضر من ضحاياه. يتوجب على وزارة الخارجية البريطانية تسليط الضوء على انتهاكات حقوق الإنسان كافة والتنديد بها، بما في ذلك ما يرتكب منها ضد الإسلاميين السياسيين. لقد بلغ الاضطراب السياسي والمدني في مصر في السنوات الأخيرة مستويات غير مسبوقة. يجب على وزارة الخارجية البريطانية الاستمرار في بذل كل ما في وسعها للتشجيع على احترام حقوق الإنسان الأساسية والحقوق السياسية في هذا البلد.
- لقد خاب أملنا لأن الحكومة، وبالرغم من طلبين رسميين، لم تر من المناسب تزويد اللجنة بنسخة كاملة من التحقيق الخاص بجماعة الإخوان المسلمين، ولو حتى تحت ظروف يتم التحكم بها. كما لم تكن الحكومة على استعداد لتزويدنا بنسخة منقحة من التحقيق. كان ذلك بوضوح إجراءً معيقا لمهمتنا التدقيقية في أثناء التحقيق، ومثله كان رفض طلبنا بأن يقوم السير جون جينكينز بتقديم شهادة شفهية، وكانت حجة الحكومة أن أسئلتنا بخصوص التحقيق يتوجب أن يجيب عليها الوزير ومعه أحد المسؤولين في الوزارة.
- إضافة إلى ذلك، ومع أن الخلاصات الرئيسية جاءت على ذكر نماذج من القمع الذي تعرضت له جماعة الإخوان المسلمين في خمسينيات وستينيات القرن الماضي، إلا أن تقدير وزارة الخارجية البريطانية بأن فهم جماعة الإخوان "لم يحتج إلى" التحقيق في الأحداث التي أعقبت الإطاحة بالجماعة من السلطة في مصر.
– بما في ذلك قتل عدد كبير من المتظاهرين الذين تعاطفوا مع الإخوان في شهر أغسطس/ آب 2013 واستمرار إجراءات القمع ضد الجماعة داخل مصر وفي غيرها.
– يعتبر إغفالا فظيعا.. يعتبر هذا العنف والاضطهاد بوضوح عاملين مؤثرين في طريقة تصرف الإخوان. كان ينبغي على التحقيق أن يأخذهما بالحسبان عند تقييم الجماعة، وينبغي على وزارة الخارجية البريطانية أن تفعل ذلك في المستقبل.