دعت جماعة "الإخوان المسلمين" في مصر، اليوم الأربعاء، القوى السياسية المصرية للاصطفاف الوطني حول المبادئ المشتركة، قائلةً إن "هذه المبادئ تجسّد تطلعات الشعب المصري، وتؤسس رؤية وطنية وقاسماً مشتركاً لقواه السياسية والمجتمعية، للتخلص من دولة الظلم والفساد، وبناء دولة العدل والقانون".
وشددت الجماعة، في بيان، على أنّ "هوية مصر وطنيّة عربيّة إسلاميّة، شارك في بنائها كل أبناء مصر وجماعاتها الوطنية بكل تنوعاتها، واسترداد الإرادة الوطنية، وتفكيك الدولة العميقة، وتطهير المؤسسات من العناصر الفاسدة".
وتعهدت بـ"استعادة حيوية المجتمع بكل مؤسساته المدنية والدينية والأهلية، وتحريره من تبعيته للسلطة التنفيذية، وتمكينه من أداء دوره الريادي كقاطرة للتنمية والنهوض. ويضاف إلى ذلك عدم الاعتراف بما وقَّعه الانقلاب العسكري من اتفاقيات وقوانين وتشريعات، وما ترتب عليه من آثار، لأنها دون سند شرعي، وليست صادرة عن رئيس ولا عن مؤسسات شرعية ودستورية".
وشدّد البيان على "ضرورة عودة الجيش إلى ثكناته، للقيام بوظيفته في حماية البلاد والدفاع عن الوطن، وتبنِّي كل السبل لاستعادة المسار الديمقراطي، والالتزام الكامل بالسلمية واللاعنف كمبدأ أصيل واستراتيجية ثابتة".
ونوّه إلى أهمية "إدارة المرحلة الانتقالية على أسس توافقية وتشاركية، على أن تتخذ كل القرارات بالتوافق بين الجميع، وفي القرارات المصيرية والمختلف عليها يُحتكم فيها إلى الشعب".
وأكّد أنّ من أولويات المرحلة "الإفراج الفوري عن المعتقلين، وتحقيق القصاص العادل، وسرعة الوفاء بحقوق كل الشهداء والمصابين والمضارّين، من خلال نظام مستقل للعدالة الانتقالية، يضمن كشف الحقائق، وجبر الأضرار، ومحاسبة المتورطين، والإصلاح المؤسسي، والمصالحة المجتمعية".
وطالبت الجماعة البدء بتحقيق "منظومة للعدالة الاجتماعية، وإنهاء الظلم الاجتماعي، وضمان حقوق الفقراء، لا سيما العمال والفلاحين والفئات المهمشة، وتبني استراتيجية شاملة لمكافحة الفساد واستعادة الأموال المنهوبة، وإنهاء كل أسباب الفساد الإداري والمالي في مؤسسات الدولة، وتحقيق الأمن الإنساني".
كما شدّدت على ضرورة "إعادة صورة القضاء المصري المستقل، واتخاذ الإجراءات المناسبة لذلك، وإعادة هيكلة الداخلية، وعدم تجاوز دورها، وصيانة الحريات وكرامة المواطن، وسيادة القانون، ومنع التعذيب، وتجريمه بأي صورة".
وأضافت أنه "بعد أربعين شهراً من الانقلاب العسكري الذي اغتال أول تجربة ديمقراطية في مصر صدرت هذا الأسبوع إجراءات اقتصادية ظالمة للشعب الذي ثار في 25 يناير تحت شعار (عيش حرية عدالة اجتماعية)، لتضيف لمعاناته آلاماً جديدة".
واستطردت قائلة إنّه "بأساليب الطغاة نفسها التي لا تنتهي، نسي هؤلاء أن فسادهم ونفوسهم الخربة التي قبضت ما يقرب من تسعين ملياراً من الدولارات ثمناً لخيانتهم لإرادة الشعب لن ينساها المصريون".
وقالت إنّ "وسط حملات التزييف والتضليل الإعلامي المستمر، وأمام هذه اللحظات الفارقة، وكعهد جماعة الإخوان طوال تاريخها، ومع كل ما بذلته من دماء الشهداء وعشرات الآلاف من الأبرياء، رجالاً ونساء، في السجون والمعتقلات، بما لم يشهد تاريخ مصر مثيلاً له، وحراك مستمر في شوارع مدن مصر وقراها، فإنها تؤكد مرة أخرى أنها لن تتخلف عن شعبها".
بدوره، لفت المتحدث الإعلامي باسم جماعة "الإخوان المسلمين"، طلعت فهمي، في 15 سبتمبر/ أيلول الماضي، إلى أنّ "الجماعة على تواصل مع كافة الرموز والقوى السياسية في الداخل والخارج، وسبق أن قدمت لهم مجموعة مبادئ للاصطفاف، وجرى حوار حولها، تمخض عن موافقة بعض الرموز والقوى السياسية عليها، وفي انتظار رأي البعض الآخر".
وفي هذا السياق، تشهد مصر حالة من الاستنفار السياسي والأمني، قبل ساعات من انطلاق تظاهرات "ثورة الغلابة".
ولجأت الحكومة المصرية إلى تشديد القبضة الأمنية، عبر قوات خاصة من وزارتي الدفاع والداخلية، وتوسيع دوائر الاشتباه والاعتقال، وتخصيص خطبة الجمعة من قبل وزارة الأوقاف للدعوة إلى الحفاظ على مصر. بالإضافة إلى نشر مدرعات مكافحة الشغب والأمن المركزي التابعة لوزارة الداخلية في عدد من الأحياء الرئيسة في القاهرة والجيزة، لاسيما الشوارع والميادين الكبرى العامة.
كما رصد نشطاء نزول قوات الجيش والأمن المركزي إلى شوارع مركزية، كطريق مصر - الإسماعيلية ومصر - السويس، والطريق الدائري، والأوتوستراد، وغيرها.
وفاقم من حالة التوتر، التي يعاني الشارع المصري منها حالياً، دعوة السفارة الروسية في القاهرة رعاياها، أمس الثلاثاء، إلى الابتعاد عن الأماكن المزدحمة يوم 11 نوفمبر/ تشرين الثاني، تحسباً لأي أعمال عنف.
فيما نشرت وزارة الداخلية خطة أطلقت عليها "الاستعدادات لتمكين البلاد في 11 نوفمبر"، وتتضمن الخطة قيام قوات الأمن بمطاردة الداعين للتظاهرات، قبل يوم الجمعة، وتقديمهم للنيابة العامة. ويضاف إليها انتشار الآلاف من عناصر الشرطة السرية المكلفة من قبل مديريات الأمن وقطاع الأمن الوطني، لرصد كل من يضبط متهماً بالتحريض بوسائل المواصلات، أو تصوير مشاهد أو فيديوهات عن الوضع الداخلي المصري، ورفع حالة الاستعداد القصوى.
كما اعتمدت القوات المسلحة خطة "السيطرة الشاملة"، بمشاركة أكثر من 120 ألف ضابط وجندي، بما يشمل تأمين مدن القناة والمجرى الملاحي لها، والدفع بقوات إضافية على الحدود مع قطاع غزة، ونشر القوات والمدرعات في مداخل ومخارج المدن الكبرى، في القاهرة والمحافظات كافة، وفق مصادر أمنية.