بعد أيّام من اجتياح إعصار "هارفي" المدمّر الولايات المتحدة الأميركية، تلقّى الأميركيون ضربة طبيعية أخرى.. إعصار "إيرما".
في هذه الأثناء، يكمل إعصار "إيرما" مساره على أن يبلغ في الساعات الباكرة من يوم غد الأحد جنوبيّ ولاية فلوريدا الأميركية بحسب التوقعات، بعدما ضرب منطقة جزر الكاريبي مخلّفاً دماراً كبيراً فيها. كذلك، من المتوقّع أن ينقطع التيار الكهربائي عن الولاية لأيام وسط تخوّف من الأضرار التي قد يخلّفها هناك. تجدر الإشارة إلى أنّ إعصار "إيرما" الذي صُنّف من الفئة الخامسة بالغة الخطورة، وهو أعلى تصنيف لدى المركز الأميركي الوطني للأعاصير، قد خُفّض إلى الفئة الرابعة أمس الجمعة، في حين يبقى مخرّباً.
ويأتي هذا الإعصار بحسب خبراء كواحد من أعنف أعاصير المحيط الأطلسي خلال 100 عام. يُذكر أنّ حصيلة الوفيات الرسمية إلى حين كتابة هذه الأسطر، هي 14 وفاة مرشّحة للارتفاع.
وكان رئيس الوكالة الاتحادية الأميركية لإدارة الطوارئ في الولايات المتحدة الأميركية، بروك لونغ، قد أفاد في تصريحات صحافية أمس الجمعة، بأنّ المسؤولين المعنيين في الوكالة يجرون استعدادات ضخمة لمواجهة إعصار "إيرما" المتوقّع وصوله اليوم السبت إلى ولاية فلوريدا. وأكّد لونغ أنّ إعصار إيرما ما زال يمثّل تهديداً وسوف ينشر الدمار في الولايات المتحدة الأميركية، في فلوريدا أو في بعض الولايات في جنوبيّ شرق البلاد. وحذّر لونغ كذلك من احتمال انقطاع التيار الكهربائي عن أجزاء من ولاية فلوريدا لأيام عدّة إن لم يكن أكثر، مشيراً إلى أنّ أكثر من 100 ألف شخص قد يحتاجون إلى مأوى.
وقدّرت مؤسسة الصليب الأحمر الأميركي عدد الأشخاص المتضررين من جرّاء إعصار "إيرما" بـ 1.2 مليون شخص، مشيرة إلى أنّ هذا الرقم مرشّح إلى الارتفاع بصورة حادة ليصل إلى 26 مليون شخص. وعبّرت المؤسسة عن مخاوف من انتشار الأمراض فى المناطق حيث تنهار شبكات مياه الشرب وخدمات الصرف الصحى.
ومن المتوقع أن يكون إعصار "إيرما" قد بلغ جزر بهاما بحسب معنيين كانوا قد أوضحوا في الأمس أنّه يكمل مساره على طول الساحل الكوبي، في اتجاه تلك الجزر ليصل إليها في وقت باكر من السبت (اليوم)، قبل أن يصل إلى جنوبيّ فلوريدا غداً الأحد. يُذكر أنّ حالة الطوارئ كانت قد أعلنت في كلّ من كوبا وولايتَي جورجيا وفلوريدا الأميركيتَين، في حين أجلت كوبا آلاف السيّاح من المناطق الساحلية.
تحصينات في فلوريدا (جو رييدل/ Getty) |
إلى ذلك، حذّر لونغ سكان جنوب فلوريدا من تجاهل أوامر الإخلاء، مشدداً على وجوب أن يمتثلوا إلى التحذيرات ويخلوا منازلهم، لافتاً إلى أنّ ثمّة آلافاً من الموظفين المستعدين للتعامل مع الموقف، في حين جُهّزت ملايين الوجبات وزجاجات المياه. في السياق نفسه، أوضحت هيئة الأرصاد الجوية أنّ أمس الجمعة كان اليوم الأخير لإخلاء المناطق من السكان، قبل أن تصل سرعة الرياح إلى مستويات خطيرة. وبعدما كانت شركات الطيران قد صرّحت يوم الخميس الماضي بأنّها سوف تسيّر رحلات إضافية من فلوريدا، عادت لتعلن بعد ظهر أمس الجمعة عن خطط لوقف كل الخدمات في بعض مطارات جنوب الولاية.
وفي حين راح إعصار "إيرما" يجتاح منطقة البحر الكاريبي، جرت إعادة تصنيف لعاصفتَين أخريَين في المنطقة لتصبح كلّ منهما "إعصاراً"، وهما "كاتيا" في خليج المكسيك و"خوسيه" الذي يتبع إيرما في المحيط الأطلسي.
في سياق متّصل، كان وزير الداخلية الفرنسي جيرار كولوم قد صرّح، أمس الجمعة، بأنّ تسعة أشخاص لاقوا حتفهم في حين فُقد سبعة آخرون، بعدما ضرب إعصار إيرما جزيرتَي سان بارتيليمي وسان مارتان الفرنسيتَين في البحر الكاريبي. يُذكر أنّ جزيرة مارتان مقسومة بين فرنسا وهولندا. أضاف كولوم أنّ 112 شخصاً أصيبوا بجروح مختلفة، وعدد الضحايا مرشّح للارتفاع. وخلّف الإعصار في الجزيرتَين أضراراً كبيرة إذ اقتلعت الرياح القوية أسقف المباني، فيما تعطّلت حركة المطارات والمرافئ وكذلك شبكات الهاتف وانقطع التيار الكهربائي والمياه.
وكانت الولايات المتحدة الأميركية قد خبرت منذ عام 1851 ثلاثة أعاصير فقط تصنيفها من الفئة الخامسة. وعلى الرغم من أنّ إعصار "إيرما" قد خُفِّض تصنيفه إلى الفئة الرابعة، فإنّه يُعدّ أقوى بكثير من إعصار "أندرو" وهو الأخير الذي ضرب الولايات المتحدة الأميركية في عام 1992.
وبالنسبة إلى جيل كامل في جنوبيّ فلوريدا، لطالما كان إعصار "أندرو" هو الذي يختصر "العاصفة الوحش". لكنّ هؤلاء الذين تابعوا ضحايا ذلك الإعصار، يروون أنّ إعصار "إيرما" أسوأ بكثير بحسب كل المقاييس تقريباً. وقد صرّح خبير في الأعاصير يُدعى براين نوركوس - كان بطلاً خلال إعصار "أندرو" - أنّ تأثير "إيرما" على فلوريدا سوف يكون أضخم، إذ رأى أنّه "ظاهرة من مستوى آخر".