"إنهاء الاحتلال" أمام التصويت وسط انتقادات الفصائل الفلسطينية

29 ديسمبر 2014
الفصائل تتهم القيادة بمصادرة القرار الفلسطيني (حازم بدر/فرانس برس)
+ الخط -
تبدو القيادة الفلسطينية عازمة على إكمال طريقها نحو مجلس الأمن الدولي لإقرار مشروع إنهاء الاحتلال، على الرغم من الانتقادات الحادة التي وجهتها الفصائل والقوى الفلسطينية، ودعوتها لسحب المشروع بسبب التنازلات الخطيرة التي يحملها، بحسب اعتقادها. توجّهٌ يعزّز من الرؤية التي تقول إنّ القرار الفلسطيني بات منفرداً ومنحصراً بشخص واحد هو الرئيس الفلسطيني محمود عباس.
واعتبر قادة في الفصائل الفلسطينية أنّ الإصرار على تقديم مشروع القرار لمجلس الأمن اليوم، على أن يتم التصويت عليه يوم غدٍ الثلاثاء أو الأربعاء، إمعاناً في التفرّد، وتجاهلاً لانتقادات الفصائل الفلسطينية ودعوتها لسحب المشروع.
وعبّر نائب أمين عام "الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين"، قيس عبد الكريم، عن استغرابه من التصريحات الفلسطينية بخصوص تقديم المشروع اليوم لمجلس الأمن، قائلاً: "نحن نستغرب هذه التصريحات، التي تأتي قبل أيام قليلة من بداية العام الجديد 2015، والذي يتوقع أن يحمل تغييرات جذرية في تركيبة مجلس الأمن الدولي لصالحنا. سنكسب على أساسها من ثلاثة إلى أربعة أصوات".

وتابع عبد الكريم  في حديث لـ "العربي الجديد" "هناك حاجة ملحة لإدارة حوار شامل بين القوى والفصائل داخل منظمة التحرير وخارجها، ضمن صيغة تفعيل المنظمة، لدراسة هذه القرارات الهامة التي تخص كل ما يتعلق بالمشروع من صيغته إلى موعد تقديمه".

وكان السفير الفلسطيني لدى الأمم المتحدة رياض منصور، قد أكّد في تصريحات للإذاعة الرسمية الفلسطينية أمس أنّه "سيتم تقديم المشروع إلى مجلس الأمن حتى يتم التصويت عليه يوم الإثنين"، متوقعاً أن يتم التصويت عليه يوم الثلاثاء أو الأربعاء على أبعد تقدير، بسبب "احتمال طلب عدد من الدول مدة 24 ساعة لاتخاذ قرارها النهائي".
وكانت "الجبهة الديمقراطية" وعدد آخر من الفصائل الفلسطنية مثل "الجبهة الشعبية" وحركات "المبادرة الوطنية الفلسطينية" و"فدا" و"الجهاد الإسلامي" و"حماس" قد وجّهوا انتقادات حادة لمشروع القرار، الذي لم يتم إطلاع أعضاء القيادة من أمناء فصائل وقيادات عليه. ودعت "الجبهة الديمقراطية" في بيان إلى سحب مشروع القرار، رغم التعديلات التي أدخلتها القيادة عليه، مؤكدة أن "تقديم المشروع وإدخال تعديلات عليه أكثر من مرة، بطريقة غامضة، يؤكد افتقار القيادة الرسمية إلى رؤية سياسية واستراتيجية واضحتين في تحركاتها الدبلوماسية، وإن امتناعها عن نشر النص الكامل للمشروع على الرأي العام يبعث على المزيد من الشك والقلق في صوابية مواقفها".
من جهتها، قالت القيادية في "الجبهة الشعبية"، خالدة جرار، لـ "العربي الجديد": "بحسب ما أكد (كبير المفاوضين الفلسطينيين) صائب عريقات للإعلام، فقد تم إدخال التعديلات بناء على الانتقادات التي وجهتها الفصائل للقيادة في اجتماعها يوم 18 من الشهر الجاري، وتتعلق بالقدس الشرقية واللاجئين والاستيطان".

وقالت إنّ القيادة الفلسطينية لم توفر للفصائل صيغة المشروع الأساسية، ولم تطلعهم أيضاً على صيغة القرار بعد تعديله، "ما يؤكد أن هناك استفراداً في القرار، ووجود مشاورات فلسطينية أحادية مع العرب". وأشارت إلى أن "جوهر هذه التحركات التي يحملها المشروع هو عودة الجهود الدولية لإطلاق مفاوضات مع الاحتلال الإسرائيلي ثنائية ومباشرة بمرجعيات هزيلة وأقل من القرارات الدولية بما فيها قرار 242".
ولم يصار إلى الدعوة لعقد أي اجتماع آخر بعد اجتماع 18 ديسمبر/كانون الأول، الذي جاء بعد ساعات من تقديم مشروع القرار أمام مجلس الأمن، وجرى خلاله  توجيه انتقادات حادة لأبو مازن حول صيغة القرار، التي لم يطلع عليها أي من أعضاء القيادة.

وفي السياق نفسه، قالت مصادر مطلعة في اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير، فضلت عدم نشر اسمها، لـ "العربي الجديد": "لم يتم إطلاعنا على مشروع القرار بصيغته الأولى أو المعدلة، وعندما سألنا أبو مازن أجابنا لقد نشرته وسائل الإعلام، وتهرّب عريقات من مطالبنا بإطلاعنا على مسودة القرار طيلة الإجتماعات التي عقدتها القيادة بعد استشهاد الوزير زياد أبو عين  في العاشر من الشهر الجاري، فضلاً عن أننا لا نعرف بالضبط ماذا جرى في المشاروات مع الأميركيين والأوروبيين نظراً لتضارب التصريحات".
كما أكّد أمين عام "الجبهة العربية لتحرير فلسطين"، جميل شحادة، لـ "العربي الجديد" أنه "لم يتم إتاحة أي فرصة أمام القيادة للإطلاع على المشروع بصيغته الأولى أو المعدلة"، مشيراً إلى أنّ "التعديلات هي في مضمون ما تمت مناقشته في اجتماع القيادة الأخير، وهي تعديلات جذرية".
وشدّد على ضرورة "عقد اجتماع قريب للقيادة يتم فيه مناقشة كل الظروف التي أحاطت بمشروع قرار إنهاء الإحتلال وتقديمه لمجلس الأمن".

وكان أبو مازن قد اتهم في مقابلة أجرتها معه  قناة "الحياة" المصرية يوم السبت في 20 من الشهر الجاري، الفصائل التي انتقدته بأنّها "بتتلكك". فيما ردّ عريقات على انتقادات الفصائل الفلسطينية وقولها إنه لم تجر استشارتها حول المشروع، في مؤتمر صحافي عقده في رام الله الأسبوع الماضي قائلاً "هذه طبيعة الحياة السياسية الفلسطينية".
أما أكثر ما أثار حفيظة الفصائل الفلسطينية فكانت تصريحات وزير الشؤون الدينية محمود الهباش، المقرب من عباس، بقوله في خطبة صلاة الجمعة يوم 19 ديسمبر/كانون الأول الجاري إن "كل الأصوات يجب أن تسكت إلا صوت الطلب الفلسطيني في مجلس الأمن". قبل أن يضيف قبل يومين من مسجد التشريفات في مقرّ الرئاسة أمام أبو مازن إن "القيادة الفلسطينية تواصل طريقها وسياستها الراهنة بـ(حماس) أو من دونها وبالفصائل أو من دونها".
ورأى الكاتب والمحلل السياسي أحمد أبو العزم، في حديث لـ "العربي الجديد" أنّ "هناك حلقة ضيقة تتخذ قرارات الدبلوماسية الفلسطينية، تتكوّن من الرئيس وقلّة محيطة به. وحتى القلة المحيطة لا تكون واثقة تماماً من أنّه لا يوجد مفاوضات أو اتصالات سرّية".