"إلغاء الفلسفة": تساؤلات التعليم ومجتمع الاستهلاك

04 مارس 2018
أندريه الباز/ المغرب
+ الخط -
لا يزال الجدل مستمراً حول قرار وزارة التربية والتعليم العالي المغربية الذي اتخذته الشهر الماضي بإلغاء مادة الفلسفة من الامتحان الوطني لطلبة البكالوريا المهنية (الثانوية العامة) واستبدالها بمادة التربية الإسلامية اعتباراً من العام الدراسي المقبل.

يأتي ذلك بعد حوالي عام من اعتراضات لعدد من الكتّاب والناشطين في البلاد حول ورود نصٍ في أحد مناهج التربية الإسلامية بعد أن جرى تغييرها، يتضمّن اتهامات للفلسفة بوصفها مادة لـ "الزندقة والضلال"، ما يراكم من الانقسامات والتجاذب حول النظام التعليمي وهويته خلال السنوات الأخيرة.

في حديثه لـ"العربي الجديد"، يقول الباحث في الفلسفة خالد لحميدي "نقف على بوادر هجمةٍ جديدةٍ أكثر شراسة من سابقاتها، تمسّ إنسانيته وهويته كذات عاقلة ومسؤولة عن أفعالها. وهي مسؤولية تقوم -حسب كانط- على ثلاث ركائز كبرى، تتلازم منطقياً هي؛ أولا، الكرامة فالاحترام والمساواة التي يقتضيها التعامل مع الفرد على الصعيدين؛ الأفقي، وأقصد بين الفرد وفرد آخر؛ والعمودي، وأعني به علاقة الفرد بالدولة".

وفق هذه الركائز التي يرى أنها "ترتفع بالفرد إلى مستوى السيادة التي لا يمكن بأي حال من الأحوال تعريضها لأي اعتداءٍ أو حيفٍ، أو تقزيم وتحجيم، فما بالك إذا كان هذا الحق نصاً دستورياً توافقت عليه الأمة وصوتت عليه بالإجماع مواطنين وأحزاباً ونقابات، كالميثاق الوطني للتربية والتعليم، والرؤية الإستراتيجية لأفق 2015-2030".

يبدي لحميدي استغرابه أن تكون من نتائج الإصلاح التربوي التي هدفت إليها الإستراتيجية، حذف مادة الفلسفة من الامتحان الخاص بأقسام البكالوريا المهنية، مشيراً إلى أن القرارات المتناقضة مع النصوص المنظمة للعملية التربوية أو مع الدستور كأعلى نصٍ في التراتبية القانونية، والضحية اليوم هي الفلسفة باعتبارها مادة "مزعجة" ما دامت تعلّم الإنسان كيف يقول لا في وجه من قالوا نعم".

ويختم "أتمنى أن يكون هذا القرار سحابة صيف عابرة، وأن تتراجع الوزارة القيمة على تدبير الشأن التربوي عنه لأنه قرار لا يشرف بلداً كالمغرب قدّم أمثال عبد الله العروي، وعلي أومليل، ومحمد عابد الجابري، وعبد الكبير الخطيبي".

من جهته، يقول الناقد الفني والباحث في الجمال، أشرف الحساني، "يبدو لي أن القرار الذي يروم إلى حذف مادة الفلسفة من البكالوريا الدولية قرار مجحف، وهو يأتي ضمن القرارات الفاجعة التي بتنا نشهدها يوماً بعد يوم إبّان الحكومة التي تتحمل جميع المسؤوليات الجسيمة التي ألمّت بالتعليم العمومي".

يلفت إلى أن "قرار نسف الفلسفة من التعليم العمومي المغربي، هو امتداد عميق لسياسة بات ينتهجها المغرب على جميع المستويات السياسية والاقتصادية والثقافية، وتهدف إلى خلق إنسان هش، آلي، لا يفكر، ولا يرسم، ولا يعرف قيمة الفلسفة والجمال والشعر".

يؤكّد الحساني أنه "قرار ينمّ عن العوز والعطب الذي أصاب هيكل وعجلة السياسة التعليمية في المغرب، كما ينم عن تلك الرغبة الدفينة منذ ثمانينيات القرن الماضي والتي تهدف الى قتل الجامعة والمجتمع ككل وإفراغه من المعرفة وتذوق الجمال واستبداله بمجتمع الترفيه والاستهلاك".

المساهمون