"إطار الليل": البحث عن المستقبل بين المغرب والعراق

06 ديسمبر 2015
المخرجة تالا حديد (Getty)
+ الخط -
ضمن فعاليات "بانوراما الفيلم الأوروبي" التي تقام في مصر، تم عرض فيلم "إطار الليل"، أو كما أسماه صناعه بالإنجليزية The Narrow Frame of Midnight، بحضور بطل الفيلم مصري الجنسية خالد عبدالله، والذي أوضح أثناء مناقشة بعد العرض الكثير من التفاصيل التي تغني تلك التجربة.

الفيلم يستلهم (هوية) مخرجته تالا حديد، المغربية العراقية، في صنع قصة عن شاب مغربي يدعى "زكريا"، يعود من الخارج في بداية الفيلم وتخبره زوجة أخيه أنه ذهب إلى العراق واختفى، "زكريا" يبدأ رحلة طويلة في البحث عن هذا الأخ وصولاً إلى بغداد، وفي طريقه يقابل الخيط الثاني من الأحداث.. والمتعلق بالطفلة "عائشة" التي يسيطر عليها رجل قاس وعنيف وخارج عن القانون.
أثناء المناقشة ذكر خالد عبدالله أن بالنسبة له هذا "فيلماً عن اليُتم"، كانت إشارة إنسانية وحيدة بين الأسئلة والإجابات عن حكاية الفيلم، حيث انشغل الجميع خلاف ذلك في البحث عن (الجوهر السياسي) للمسألة، والقضية التي تحملها "تالا حديد" في فيلمها الروائي الطويل الأول، كان الأمر مؤشراً واضحاً عن إحدى الأزمات الكبرى والحقيقية في الفيلم.. وهو عجزه في البعد بشخصياته عن رمزيتها، عدم قدرتنا في الكثير من الأحيان على التعامل معهم كبشر، أن يكون "زكريا" هو شاب يبحث عن أخيه.. وليس وسيلة للتنقل في منطقة مضطربة سياسياً وحضارياً في لحظة هشة جداً من تاريخها، وأن تكون "عائشة" هي طفلة تعيش في رعب كامل وتبحث في "زكريا" عن طوقٍ لنجاتها.
لذلك، لا يبدو أن هذا – في صورته النهائية ــ فيلماً عن "اليُتم"، بقدر ما يبدو فيلماً عن "القهر" و"التيه"، رحلة "زكريا" التي يدور فيها حول نفسه ولا يبدو أنه سيصل إلى شيء، ورحلة "عائشة" بين القهر والهروب منه، والأبعاد المتعلقة باللحظة التاريخية حاضرة دوماً، في الخلفية أحياناً وفي المقدمة غالباً، تحديداً في الجزء المتعلّق بالعراق، والذي يبدو أنيناً ذاتياً جداً لمخرجته عن وطنها والدمار الذي يملأ كل شيء.
على المستوى السردي والفني كانت مشكلة الفيلم الأكبر هو اختلاف "لغته وأسلوبه" بين النصف ساعة الأولى وما بعد ذلك، في النصف ساعة الأولى هناك تكوين لحكاية ورحلة وشخصيات، بناء سينمائي تقليدي نسبياً، ولكن بعد ذلك.. تحديداً بعد هروب عائشة مع زكريا.. لا يملك الفيلم من تفاصيل الرحلة ما يجعله مكملاً في مسار الحكاية، ليتغير الأسلوب الفني تماماً، يصبح أقرب لتيار الوعي في الرواية أو الأفلام الشاعرية المتأثرة بالمخرج الروسي أندريه تاركوفسكي.. حيث يعمل كل شيء على تداخل بين الأحلام واليقظة والذكريات، ويصبح ما تخلقه الصورة داخل المشاهد هو الأساس الذي يعتمد عليه الفيلم أكثر مما تسرده تلك الصورة أو تحكيه، وهو ــ ربما ــ لم يكن أمراً موفقاً، سواء لتغير في أسلوبية الفيلم بعد ثلث أحداثه.. أو لأن العالم والقضية التي يحملهم كل ذلك يتصادم في وحشيته وواقعيته مع الحس والنفس الشاعري الذي حاولت "تالا حديد" صنعه في الفيلم.

اقرأ أيضاً: Bridge of Spies: متى يعود سبيلبرغ؟

المساهمون