هل يُعقل أن يختفي أثر نحو 1500 قاصر مهاجر نقلتهم السلطات الأميركية المختصة إلى عائلات رعاية، بعد وصولهم إلى الولايات المتحدة الأميركية من دون تأشيرات دخول؟ الأمر ليس مجرّد كابوس قد يعيشه الأهل الذين يحاولون الهرب من ويلات الفقر أو الحروب والدخول إلى الولايات المتحدة عبر الحدود المكسيكية، بل واقع خلّفته سياسات الإدارة الأميركية الحالية وكذلك إدارات سابقة، وهو ذاهب إلى التفاقم على خلفيّة سياسات جديدة لوزير العدل الأميركي جيف سيشنز.
تمنح سياسات سيشنز الجديدة التي أصدرها خلال مايو/ أيار المنصرم، عناصر أمن الحدود الأميركية صلاحيات تخوّلهم بفصل قصّر عن أهلهم أو مرافقيهم في حال جرى القبض عليهم ودخلوا إلى الولايات المتحدة كمهاجرين أو باحثين عن اللجوء من دون تصاريح مسبقة. ويهدف ذلك إلى محاكمة الأهل ومقاضاة كل من يدخل بطريقة غير قانونية إلى الولايات المتحدة عبر الحدود المكسيكية، حتى لو كان هذا الشخص هارباً من ويلات حروب أو عنف في بلاده وينوي التقدّم بطلب لجوء.
وبحسب سياسات سيشنز نفسها، فإنّ الأهل يُحتجزون في مخيّمات ومراكز اعتقال إلى أن تجري محاكمتهم بعد فصلهم عن أطفالهم. وقد حاولت الإدارات الأميركية السابقة، عند القبض على عائلات دخلت إلى البلاد عبر الحدود المكسيكية بطريقة غير قانونية غالباً، الإبقاء على أفراد الأسر مع بعضهم البعض إلى حين البتّ في مصيرهم. لكنّ السياسة الجديدة، تجرّم الأهل وتوجّه التهم إليهم وتفصلهم عن أبنائهم القصّر، فتضعهم في عهدة مكتب إعادة توطين اللاجئين التابع لمكتب الصحة والخدمات الإنسانية حتى قبل محاكمتهم. وقد أثار وضع القصّر برعاية مكتب الصحة والخدمات الإنسانية سخطاً كبيراً، بعد إعلان ستيفن فاغنر وهو مسؤول كبير في المكتب أنّ مكتبه غير مسؤول قانونياً عن فقدان أثر نحو 1500 قاصر نقلهم المكتب للعيش في عائلات رعاية في عام 2017. وكان فاغنر، قد كشف أمام لجنة فرعية في مجلس الشيوخ أنّ مكتبه أجرى خلال الأشهر الثلاثة الأخيرة من العام الماضي اتصالات للتحقق من أوضاع سبعة آلاف قاصر من أصل 40 ألف أرسلهم هذا العام إلى عائلات رعاية، بما فيها عائلات أقارب أو عائلة مضيفة، ولم يتمكّن من تحديد مكان وجود 1475 قاصراً من بين سبعة آلاف. وما زاد الطين بلّة هو تلميح فاغنر إلى أنّ مكتبه لا ينوي المحاولة لمعرفة مصير هؤلاء القصّر وتتبع أثرهم. ويثير الأمر مخاوف كبيرة لدى منظمات تعنى بشؤون الهجرة وحقوق الإنسان في الولايات المتحدة، راحت تشير إلى دراسات حكومية سابقة، آخرها في عام 2016، تفيد بأنّ عدداً من القصّر الذين جرى توزيعهم على عائلات غريبة للرعاية وقعوا تحت سيطرة عصابات الاتّجار بالبشر والمخدّرات والدعارة وغيرها.
اقــرأ أيضاً
بهدف فهم قضية اختفاء هؤلاء القصّر من النظام، تجدر الإشارة أولاً إلى أنّ قضية الهجرة وقوانينها في الولايات المتحدة معقدة وطويلة. في عام 2015 على سبيل المثال، اعتقلت السلطات الأميركية نحو 60 ألف مهاجر من دون أوراق ثبوتية وتراخيص هجرة، حاولوا الدخول إلى البلاد عبر الحدود المكسيكية، ووضعتهم قيد الاحتجاز ومعظمهم من القصّر والنساء، وذلك بحسب إحصاءات رسمية لـ "معهد سياسات الهجرة" الأميركي ومقرّه واشنطن. ويتحدّر نحو 70 في المائة من هؤلاء من ثلاث دول وهي هندوراس وغواتيمالا والسلفادور، أمّا البقيّة فمن المكسيك بمعظمها. والدول الثلاث، هندوراس وغواتيمالا والسلفادور، تعاني من نسبة جريمة عالية وقتل واتّجار بالمخدرات وفقر وعنف وحروب سابقة تورّطت فيها الولايات المتحدة بشكل أو بآخر. وتضطر نساء كثيرات إلى الهرب مع أطفالهنّ في محاولة للحصول على اللجوء، بحثاً عن حياة أفضل في الولايات المتحدة التي شهدت في السنوات الأخيرة موجات عالية من نزوح القصّر من دون مرافقين.
في هذا السياق، يأتي الحديث عن هؤلاء القصّر البالغ عددهم 1500 والذين فُقد أثرهم أخيراً. وكانت سلطات الهجرة المختصة قد أحالت في عام 2017 نحو 40 ألف قاصر عبروا الحدود في الغالب من دون مرافقين، إلى مكتب الصحة والخدمات الإنسانية. ومن المفترض أن يحاول المكتب البحث أوّلاً عما إذا كان أحد الوالدَين يعيش في الولايات المتحدة، إذ إنّ عدداً من هؤلاء لهم آباء أو أمهات هنا لكنّه لا يُسمح لهم بجلب أطفالهم، حتى لو كان وجودهم قانونياً. كذلك فإنّ عدداً لا بأس به من دون أوراق ثبوتية ويعيش بطريقة غير قانونية في الولايات المتحدة، الأمر الذي يجعل عملية البحث عن أحد الوالدَين معقّدة بالنسبة إلى الأهل بسبب المخاطر القانونية. وبالدرجة الثانية، يبحث المكتب عن أقارب آخرين، قبل أن يقرر نقلهم للعيش عند عائلات مضيفة في حال لم يُعثر على أقارب لهم في الولايات المتحدة مستعدين لاستقبالهم.
إذاً، بدلاً من أن يتحمّل ستيفن فاغنر أو مكتب الصحة والخدمات الإنسانية مسؤولية اختفاء نحو 1500 قاصر ويحاولان البحث عن هؤلاء الأطفال، انشغل بكيفية رفع المسؤولية القانونية عن مكتبه قائلاً إنّ "وزارة الصحة والخدمات الإنسانية (يعمل لصالحها) تفسّر القانون الفدرالي فلا تتحمل أيّ مسؤولية قانونية عن هؤلاء القصّر بعد خروجهم من رعايتها وتأمين رعاية لهم عند عائلات تأخذهم في كنفها". وقد زاد الرئيس الأميركي دونالد ترامب البلبلة عندما غرّد على "تويتر" أنّه يجب التخلص من تلك السياسات الجاحدة التي تفرّق عائلات عن بعضها البعض والتي سنّها الحزب الديمقراطي. لكنّ السياسات الأخيرة التي يتحدّث عنها الرئيس هي تلك التي دعا هو نفسه إلى فرضها فسنّها وزير العدل الأميركي وليس الديمقراطيون. وفي السياق، وضع مستخدمو مواقع التواصل الاجتماعي وسم #WhereAreTheChildren (أين الأطفال) بعد إعلان سيشنز لسياساته الجديدة وتصريحات ترامب ونشر ابنته إيفانكا صورة لها مع أحد أطفالها على تطبيق "إنستغرام". يُذكر أنّ مواقع التواصل الاجتماعي اشتعلت في الولايات المتحدة على خلفية انتقاد إيفانكا ترامب التي تتقلد منصباً رسمياً استشارياً لوالدها. فالتعليقات والمناشير رأت أنّها تتعامل بطريقة منافقة وغير حساسة، إذ لا تأخذ بعين الاعتبار مشاعر أهالي هؤلاء الأطفال الذين فقدهم النظام من دون أن يحاول الوصول إليهم.
اقــرأ أيضاً
وفي ظلّ سياسات سيشنز الجديدة، من المرجّح أن يزداد عدد هؤلاء القصّر الذين يُفصلون عن أهلهم، في حين أنّ سياسات ترامب التقشفية تزيد من معاناة مكاتب الهجرة التي تعاني أصلاً من ميزانية محدودة تجعل تتبّع مصير هؤلاء القصّر وغيرهم صعباً.
تمنح سياسات سيشنز الجديدة التي أصدرها خلال مايو/ أيار المنصرم، عناصر أمن الحدود الأميركية صلاحيات تخوّلهم بفصل قصّر عن أهلهم أو مرافقيهم في حال جرى القبض عليهم ودخلوا إلى الولايات المتحدة كمهاجرين أو باحثين عن اللجوء من دون تصاريح مسبقة. ويهدف ذلك إلى محاكمة الأهل ومقاضاة كل من يدخل بطريقة غير قانونية إلى الولايات المتحدة عبر الحدود المكسيكية، حتى لو كان هذا الشخص هارباً من ويلات حروب أو عنف في بلاده وينوي التقدّم بطلب لجوء.
وبحسب سياسات سيشنز نفسها، فإنّ الأهل يُحتجزون في مخيّمات ومراكز اعتقال إلى أن تجري محاكمتهم بعد فصلهم عن أطفالهم. وقد حاولت الإدارات الأميركية السابقة، عند القبض على عائلات دخلت إلى البلاد عبر الحدود المكسيكية بطريقة غير قانونية غالباً، الإبقاء على أفراد الأسر مع بعضهم البعض إلى حين البتّ في مصيرهم. لكنّ السياسة الجديدة، تجرّم الأهل وتوجّه التهم إليهم وتفصلهم عن أبنائهم القصّر، فتضعهم في عهدة مكتب إعادة توطين اللاجئين التابع لمكتب الصحة والخدمات الإنسانية حتى قبل محاكمتهم. وقد أثار وضع القصّر برعاية مكتب الصحة والخدمات الإنسانية سخطاً كبيراً، بعد إعلان ستيفن فاغنر وهو مسؤول كبير في المكتب أنّ مكتبه غير مسؤول قانونياً عن فقدان أثر نحو 1500 قاصر نقلهم المكتب للعيش في عائلات رعاية في عام 2017. وكان فاغنر، قد كشف أمام لجنة فرعية في مجلس الشيوخ أنّ مكتبه أجرى خلال الأشهر الثلاثة الأخيرة من العام الماضي اتصالات للتحقق من أوضاع سبعة آلاف قاصر من أصل 40 ألف أرسلهم هذا العام إلى عائلات رعاية، بما فيها عائلات أقارب أو عائلة مضيفة، ولم يتمكّن من تحديد مكان وجود 1475 قاصراً من بين سبعة آلاف. وما زاد الطين بلّة هو تلميح فاغنر إلى أنّ مكتبه لا ينوي المحاولة لمعرفة مصير هؤلاء القصّر وتتبع أثرهم. ويثير الأمر مخاوف كبيرة لدى منظمات تعنى بشؤون الهجرة وحقوق الإنسان في الولايات المتحدة، راحت تشير إلى دراسات حكومية سابقة، آخرها في عام 2016، تفيد بأنّ عدداً من القصّر الذين جرى توزيعهم على عائلات غريبة للرعاية وقعوا تحت سيطرة عصابات الاتّجار بالبشر والمخدّرات والدعارة وغيرها.
بهدف فهم قضية اختفاء هؤلاء القصّر من النظام، تجدر الإشارة أولاً إلى أنّ قضية الهجرة وقوانينها في الولايات المتحدة معقدة وطويلة. في عام 2015 على سبيل المثال، اعتقلت السلطات الأميركية نحو 60 ألف مهاجر من دون أوراق ثبوتية وتراخيص هجرة، حاولوا الدخول إلى البلاد عبر الحدود المكسيكية، ووضعتهم قيد الاحتجاز ومعظمهم من القصّر والنساء، وذلك بحسب إحصاءات رسمية لـ "معهد سياسات الهجرة" الأميركي ومقرّه واشنطن. ويتحدّر نحو 70 في المائة من هؤلاء من ثلاث دول وهي هندوراس وغواتيمالا والسلفادور، أمّا البقيّة فمن المكسيك بمعظمها. والدول الثلاث، هندوراس وغواتيمالا والسلفادور، تعاني من نسبة جريمة عالية وقتل واتّجار بالمخدرات وفقر وعنف وحروب سابقة تورّطت فيها الولايات المتحدة بشكل أو بآخر. وتضطر نساء كثيرات إلى الهرب مع أطفالهنّ في محاولة للحصول على اللجوء، بحثاً عن حياة أفضل في الولايات المتحدة التي شهدت في السنوات الأخيرة موجات عالية من نزوح القصّر من دون مرافقين.
في هذا السياق، يأتي الحديث عن هؤلاء القصّر البالغ عددهم 1500 والذين فُقد أثرهم أخيراً. وكانت سلطات الهجرة المختصة قد أحالت في عام 2017 نحو 40 ألف قاصر عبروا الحدود في الغالب من دون مرافقين، إلى مكتب الصحة والخدمات الإنسانية. ومن المفترض أن يحاول المكتب البحث أوّلاً عما إذا كان أحد الوالدَين يعيش في الولايات المتحدة، إذ إنّ عدداً من هؤلاء لهم آباء أو أمهات هنا لكنّه لا يُسمح لهم بجلب أطفالهم، حتى لو كان وجودهم قانونياً. كذلك فإنّ عدداً لا بأس به من دون أوراق ثبوتية ويعيش بطريقة غير قانونية في الولايات المتحدة، الأمر الذي يجعل عملية البحث عن أحد الوالدَين معقّدة بالنسبة إلى الأهل بسبب المخاطر القانونية. وبالدرجة الثانية، يبحث المكتب عن أقارب آخرين، قبل أن يقرر نقلهم للعيش عند عائلات مضيفة في حال لم يُعثر على أقارب لهم في الولايات المتحدة مستعدين لاستقبالهم.
إذاً، بدلاً من أن يتحمّل ستيفن فاغنر أو مكتب الصحة والخدمات الإنسانية مسؤولية اختفاء نحو 1500 قاصر ويحاولان البحث عن هؤلاء الأطفال، انشغل بكيفية رفع المسؤولية القانونية عن مكتبه قائلاً إنّ "وزارة الصحة والخدمات الإنسانية (يعمل لصالحها) تفسّر القانون الفدرالي فلا تتحمل أيّ مسؤولية قانونية عن هؤلاء القصّر بعد خروجهم من رعايتها وتأمين رعاية لهم عند عائلات تأخذهم في كنفها". وقد زاد الرئيس الأميركي دونالد ترامب البلبلة عندما غرّد على "تويتر" أنّه يجب التخلص من تلك السياسات الجاحدة التي تفرّق عائلات عن بعضها البعض والتي سنّها الحزب الديمقراطي. لكنّ السياسات الأخيرة التي يتحدّث عنها الرئيس هي تلك التي دعا هو نفسه إلى فرضها فسنّها وزير العدل الأميركي وليس الديمقراطيون. وفي السياق، وضع مستخدمو مواقع التواصل الاجتماعي وسم #WhereAreTheChildren (أين الأطفال) بعد إعلان سيشنز لسياساته الجديدة وتصريحات ترامب ونشر ابنته إيفانكا صورة لها مع أحد أطفالها على تطبيق "إنستغرام". يُذكر أنّ مواقع التواصل الاجتماعي اشتعلت في الولايات المتحدة على خلفية انتقاد إيفانكا ترامب التي تتقلد منصباً رسمياً استشارياً لوالدها. فالتعليقات والمناشير رأت أنّها تتعامل بطريقة منافقة وغير حساسة، إذ لا تأخذ بعين الاعتبار مشاعر أهالي هؤلاء الأطفال الذين فقدهم النظام من دون أن يحاول الوصول إليهم.
وفي ظلّ سياسات سيشنز الجديدة، من المرجّح أن يزداد عدد هؤلاء القصّر الذين يُفصلون عن أهلهم، في حين أنّ سياسات ترامب التقشفية تزيد من معاناة مكاتب الهجرة التي تعاني أصلاً من ميزانية محدودة تجعل تتبّع مصير هؤلاء القصّر وغيرهم صعباً.