اعتلَت الطفلة الفلسطينية رهف، النازحة من سورية، منصة مؤتمر وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "أونروا" بثقة كبيرة، متحدثة عن الواقع المعيشي الصعب في لبنان. كما شرحت أم موسى، النازحة الفلسطينية مع عائلتها إلى مخيمات اللاجئين في لبنان، عن تبعات النزوح القاسي.
وتأتي شهادة رهف وأم موسى بعد أن وجّهت "أونروا" نداء للمانحين تطلب فيه مبلغ 411 مليون دولار أميركي لتمويل حاجات اللاجئين الفلسطينيين المقيمين في سورية، والذين نزحوا إلى لبنان والأردن بسبب الحرب السورية.
ويشير المدير السابق لـ"أونروا" في لبنان ومديرها الحالي في سورية، ماتياس شمالي، إلى أن "الاهتمام الدولي بالأزمة السورية ساعد في تأمين تمويل عمليات الوكالة الأساسية، ولكن لا يمكن اعتبار اللاجئين الفلسطينيين هناك استثناء، لأن الوكالة تعاني في سبيل تأمين تمويل نشاطاتها في مُختلف مناطق عملها".
وأكد شمالي لـ"العربي الجديد"، أن "السلطات السورية لم تمنحنِ فيزا لدخول الأراضي السورية حتى اللحظة"، واصفاً تعاون السلطات السورية مع "أونروا" بأنه "جدي عموما، علماً أن 90 في المائة من المستفيدين من خدمات الوكالة يُقيمون في مناطق سيطرة الحكومة السورية".
وبالنسبة للعشرة في المائة المُتبقين والذين يُقدر شمالي عددهم بنحو 40 ألف مدني، يؤكد المسؤول الأممي أن تصنيف المناطق التي يُقيمون بها يتفاوت بين "خطرة ومحاصرة، وموظفونا هناك ينسقون مع مُختلف الجهات المحلية والدولية لضمان إيصال المساعدات لهم".
وتقدّر الوكالة عدد اللاجئين الفلسطينيين الموجودين في سورية حالياً بنحو 450 ألفا، من أصل 560 ألفا شملهم الإحصاء الأخير الذي أُجري عام 2015. وتوزّع العدد الباقي بين لبنان (نحو 31 ألف نازح)، والأردن (نحو 7 آلاف نازح)، والباقون هاجروا عبر البحر.
وخلال مداخلته التي قدمها أمام عدد من الدبلوماسيين وناشطين فلسطينيين وإعلاميين، تحدّث شمالي عن "نجاح مساعي عودة بعض المدنيين إلى مخيم خان الشيح في سورية، بعد أن أصبحت المنطقة آمنة بالمعنى العسكري للكلمة، وهناك فرص جدية لتحقيق عودة جزئية للمدنيين الفلسطينيين إلى مناطق سكنهم خلال الأشهر المُقبلة". لكن المسؤول الأممي ربط بين "تحقيق عودة شاملة لكافة المدنيين بإجراء مسح شامل وتقييم لوضع المساكن والبنى التحتية في المناطق التي هجرها سكانها".
وجدد شمالي التزام "أونروا" وطاقهما العامل في سورية بتقديم كافة الخدمات للاجئين الفلسطينيين، مشيرا إلى "رفض فريقنا العامل في حلب إخلاء المنطقة مع باقي المنظمات الدولية بسبب التزامهم الشخصي والمهني بالمساعدة".
وذكّر بمقتل أربعة من موظفي الوكالة خلال عام 2016 في سورية، إلى جانب فقدان الاتصال بـ26 منهم منذ بداية الأزمة في سورية.
وتغطي الميزانية المفترضة التي تطلبها "أونروا" مختلف حاجات اللاجئين والنازحين الفلسطينيين، من التقديمات المادية (100 دولار بدل إيجار لكل أسرة، و32 دولارا مصروفا شهريا للفرد، و32 دولارا إضافية لكل فرد تُوزع في فصل الشتاء فقط)، إلى جانب خدمات أخرى.
وتؤكد الوكالة أن "كلفة مساعدة اللاجئين الذين قاموا برحلات محفوفة بالخطر متوجهين إلى بلد ثالث تفوق كلفة تمويل خدماتهم في مناطق عمليات الوكالة بسبع مرات". كما تشير إلى "انخفاض عدد اللاجئين الفلسطينيين المُسجلين من 414 ألفا إلى 318 ألفا بين 2014 و2016، بسبب الانتقال من أماكن تسجيلهم إلى أماكن ثانية، ما يساهم في زيادة كلفة مساعدتهم.
وأشار مدير "أونروا" في لبنان، حكم شهوان، إلى أن النازحين في لبنان يحتاجون إلى 60 مليون دولار، لافتاً إلى أن "نحو 90 في المائة من النازحين الفلسطينيين من سورية إلى لبنان يعانون من الفقر وانعدام الأمن الغذائي، و9 في المائة منهم يعيشون في فقر مدقع".
وأكد شهوان أن "الدعم المادي لهذه الفئة من اللاجئين يعزز الاستقرار والسلم الأهلي في لبنان، ويحد من خطر الهجرة غير الشرعية".