22 سبتمبر 2020
"أوسلو" والشرق الأوسط الجديد القديم
مرّ على اتفاقية أوسلو (إعلان المبادئ بين منظمة التحرير وإسرائيل) خمسة وعشرون عاماً (1993-2018)، من دون نيْل الشعب الفلسطيني أيّاً من حقوقه الوطنية، بل على العكس، ارتفعت وتيرة النشاط الاستيطاني، وتمت سيطرة الجيش الإسرائيلي على عشرات ألوف الدونمات من الأراضي الفلسطينية في الضفة الغربية بما فيها القدس، وتفاقمت عنصرية إسرائيل إزاء أهل البلاد أو المقدسيين، واتّضح ذلك في إصدار رزمة من القوانين العنصرية، ومن أخطرها قانون القومية الإسرائيلي الذي يرسّخ فكرة يهودية الدولة.
طفت إلى السطح بعد كرنفال توقيع اتفاق أوسلو، في 13سبتمبر/ أيلول 1993، مشاريع لرسم صورة شرق أوسط جديد، وفق تصورات أميركية وإسرائيلية، بحيث تكون فيه إسرائيل قطباً اقتصادياً وسياسياً في الوقت نفسه، وكان الهدف الاستراتيجي من تلك المشاريع بدء التطبيع الاقتصادي والسياسي والثقافي مع إسرائيل، بعد صراع طويل ودام مع العرب. لكن على الرغم من مرور خمسة وعشرين عاماً على توقيع منظمة التحرير الفلسطينية وإسرائيل الاتفاق، لم تتحقق خطوات جوهرية، لجهة جعل الشرق الأوسط الجديد حقيقة ماثلة للعيان كما روج بعضهم، حيث لم تتعد مستويات العلاقة بين بعض الدول العربية وإسرائيل فتح ملحقيات إسرائيلية في تلك الدول، ومرد ذلك أن إسرائيل لم تكن جادّة في تحقيق سلام عادل وشامل، بل ذهبت إلى فرض وقائع استيطانية على الأرض، لتقييد آمال الفلسطينيين وأحلامهم في إنشاء دولة فلسطينية مستقلة، وعاصمتها القدس الشريف.
ومن جديد، تسعى إدارة الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، إلى فرض أجندتها، بمحاولة فرض واقع إسرائيلي تهويدي على الأرض، من خلال الاعتراف الأميركي بالقدس عاصمة أبدية
لإسرائيل، ناهيك عن محاولات إدارة ترامب الانقضاض على الثوابت الفلسطينية، وفي مقدمتها قضية اللاجئين الفلسطينيين، وذلك بإيقاف مساعدات الولايات المتحدة لوكالة غوث وتشغيل اللاجئين (أونروا)، لتغييب دورها في تقديم الخدمات التعليمية والصحية لنحو ستة ملايين لاجئ فلسطيني، مسجلين خلال العام الحالي 2018. فضلاً عن ذلك، ألغت إدارة ترامب مساعداتها لقطاع الصحة الفلسطيني، بغرض إخضاع الفلسطينيين لقبول صفقة القرن التي تروجها. وتالياً البدء في فرض صورة شرق أوسط جديد قديم بآليات أميركية، تكون فيه إسرائيل دولة طبيعية في المنطقة، على حساب الحقوق الفلسطينية، ومن بين أولويات المشروع إيجاد مؤسسات شرق أوسطية، مركزها إسرائيل، عوضاً عن المؤسسات المختلفة للجامعة العربية.
وقد طرح الرئيس الإسرائيلي السابق، شيمون بيريس، رؤيته للمشروع وآليات نجاحه في 1993، وأكد على ضرورة إنشاء بنك شرق أوسطي مقرّه إسرائيل، فضلاً عن حرية دخول رأس المال الإسرائيلي إلى الأسواق العربية، واستثمارها هناك، كما تمحورت وجهات النظر الإسرائيلية الأميركية، بعد مؤتمر مدريد في عام 1991 حول ربط دول الشرق الأوسط الجديد بروابط يصعب الانفكاك عنها، مثل أنابيب السلام للمياه التي تربط تركيا بإسرائيل والمنطقة العربية. وذهب بعضهم إلى أبعد من ذلك، حيث أكدوا على ضرورة بناء جامعة شرق أوسطية، تكون فيها إسرائيل عضواً فاعلاً ومؤثراً، لكن كل التصورات لم تخرج من حيز المشاريع
الأميركية الإسرائيلية للمنطقة. فبعد مرور 27 عاماً على انعقاد مؤتمر مدريد، وما تمخض عنه من اتفاقات إسرائيلية مع بعض الأطراف العربية التي حضرت جلساته، لا تزال الأطروحات الشرق أوسطية تراوح مكانها، لأن العرب لم تتم استشارتهم ومشاركتهم لرسمه، أو التخطيط له في الأساس، ناهيك عن أن المشروع يلبي أهدافا إسرائيلية أميركية في الشرق الأوسط، بعيداً عن الأهداف العربية. هذا في وقت عارض ويعارض فيه قادة واستراتيجيون إسرائيليون عديدون مشروع الشرق الأوسط الجديد، ومنهم رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، حيث كتب في كتابه "مكان تحت الشمس" إن بناء جسور العلاقة التجارية لإسرائيل مع بعض الدول الأوروبية قد يكون أكثر جدوى من انخراط إسرائيل في مشروع شرق أوسطي يضم الدول العربية.
وبالعودة الى المصطلح، تجمع دراسات مختلفة على أنه ليس للشرق الأوسط ملامح جغرافية محدّدة المعالم، لكن بعضهم يفيد بأنه المنطقة الجغرافية حول البحر الأبيض المتوسط وشرقه وجنوبه، وتمتد إلى الخليج العربي. ويستعمل هذا المصطلح للإشارة إلى الدول والحضارات الموجودة في هذه المنطقة الجغرافية. وسمى المكتشفون الجغرافيون هذه المنطقة في عهد الاكتشافات الجغرافية العالم القديم، وهي مهد الحضارات الإنسانية، ومهد جميع الديانات السماوية. ويمكن القول إن الكيانات السياسية في هذه المنطقة تتمثل بالدول التالية: العراق، السعودية، فلسطين، الكويت، الأردن، لبنان، البحرين، قطر، الإمارات، اليمن، سورية، مصر، سلطنة عمان، السودان، إيران، أرمينيا، تركيا، قبرص. ويعتبر الشرق الأوسط من أكثر مناطق العالم توترا أمنيا، حيث شهد، حسب الدراسات المختلفة، إحدى عشرة حرباً، منها الحروب العربية الإسرائيلية والحرب العراقية الإيرانية، والاحتلال الأميركي للعراق في 2003، فضلاَ عن الحرب في جنوب لبنان في صيف 2006، والعدوان المستمر بأشكال مختلفة على قطاع غزة منذ نهاية 2008.
طفت إلى السطح بعد كرنفال توقيع اتفاق أوسلو، في 13سبتمبر/ أيلول 1993، مشاريع لرسم صورة شرق أوسط جديد، وفق تصورات أميركية وإسرائيلية، بحيث تكون فيه إسرائيل قطباً اقتصادياً وسياسياً في الوقت نفسه، وكان الهدف الاستراتيجي من تلك المشاريع بدء التطبيع الاقتصادي والسياسي والثقافي مع إسرائيل، بعد صراع طويل ودام مع العرب. لكن على الرغم من مرور خمسة وعشرين عاماً على توقيع منظمة التحرير الفلسطينية وإسرائيل الاتفاق، لم تتحقق خطوات جوهرية، لجهة جعل الشرق الأوسط الجديد حقيقة ماثلة للعيان كما روج بعضهم، حيث لم تتعد مستويات العلاقة بين بعض الدول العربية وإسرائيل فتح ملحقيات إسرائيلية في تلك الدول، ومرد ذلك أن إسرائيل لم تكن جادّة في تحقيق سلام عادل وشامل، بل ذهبت إلى فرض وقائع استيطانية على الأرض، لتقييد آمال الفلسطينيين وأحلامهم في إنشاء دولة فلسطينية مستقلة، وعاصمتها القدس الشريف.
ومن جديد، تسعى إدارة الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، إلى فرض أجندتها، بمحاولة فرض واقع إسرائيلي تهويدي على الأرض، من خلال الاعتراف الأميركي بالقدس عاصمة أبدية
وقد طرح الرئيس الإسرائيلي السابق، شيمون بيريس، رؤيته للمشروع وآليات نجاحه في 1993، وأكد على ضرورة إنشاء بنك شرق أوسطي مقرّه إسرائيل، فضلاً عن حرية دخول رأس المال الإسرائيلي إلى الأسواق العربية، واستثمارها هناك، كما تمحورت وجهات النظر الإسرائيلية الأميركية، بعد مؤتمر مدريد في عام 1991 حول ربط دول الشرق الأوسط الجديد بروابط يصعب الانفكاك عنها، مثل أنابيب السلام للمياه التي تربط تركيا بإسرائيل والمنطقة العربية. وذهب بعضهم إلى أبعد من ذلك، حيث أكدوا على ضرورة بناء جامعة شرق أوسطية، تكون فيها إسرائيل عضواً فاعلاً ومؤثراً، لكن كل التصورات لم تخرج من حيز المشاريع
وبالعودة الى المصطلح، تجمع دراسات مختلفة على أنه ليس للشرق الأوسط ملامح جغرافية محدّدة المعالم، لكن بعضهم يفيد بأنه المنطقة الجغرافية حول البحر الأبيض المتوسط وشرقه وجنوبه، وتمتد إلى الخليج العربي. ويستعمل هذا المصطلح للإشارة إلى الدول والحضارات الموجودة في هذه المنطقة الجغرافية. وسمى المكتشفون الجغرافيون هذه المنطقة في عهد الاكتشافات الجغرافية العالم القديم، وهي مهد الحضارات الإنسانية، ومهد جميع الديانات السماوية. ويمكن القول إن الكيانات السياسية في هذه المنطقة تتمثل بالدول التالية: العراق، السعودية، فلسطين، الكويت، الأردن، لبنان، البحرين، قطر، الإمارات، اليمن، سورية، مصر، سلطنة عمان، السودان، إيران، أرمينيا، تركيا، قبرص. ويعتبر الشرق الأوسط من أكثر مناطق العالم توترا أمنيا، حيث شهد، حسب الدراسات المختلفة، إحدى عشرة حرباً، منها الحروب العربية الإسرائيلية والحرب العراقية الإيرانية، والاحتلال الأميركي للعراق في 2003، فضلاَ عن الحرب في جنوب لبنان في صيف 2006، والعدوان المستمر بأشكال مختلفة على قطاع غزة منذ نهاية 2008.