"أوسكار" أفضل فيلم أجنبي: ملاحظات عربية (1/2)

16 أكتوبر 2017
"آخر واحد فينا" لعلاء الدين سليم: تمثيل تونس (فيسبوك)
+ الخط -
كل عام، يُثار ضجيجٌ حول جائزة "أوسكار" أفضل فيلم أجنبي، التي تمنحها "أكاديمية فنون الصورة المتحركة وعلومها" (هوليوود)، إلى جوائز خاصّة بالنتاج السينمائي الأميركي. والضجيج نابعٌ من خفّةٍ في التعامل مع الموضوع، وفي لامبالاة فاضحة إزاء وقائع المسألة، التي لن يتطلّب التدقيق فيها وقتاً طويلاً. كما أنه ينطلق من نزاعاتٍ تحصل، في هذا البلد العربي أو ذاك، بخصوص اختيار من سيمثّل هذا البلد أو ذاك في السباق نحو الـ"أوسكار"، إذْ يهاجم سينمائيون لجان تحكيم تؤلِّفها مؤسّسات رسمية، بهدف الاختيار، لأن أعضاءها يتغاضون عن أفلامهم لحساب أفلامٍ أخرى.
هذا مألوف في عالم عربي يعيش أزمة ثقة فادحة، بين غالبية المواطنين ومؤسَّسات الدولة، وداخل عالم السينما أيضاً. لكن المأزق متنوّع الجوانب. فالاختيار، كما تمثيل البلد، ليسا ترشيحاً، وإنْ يعتمد البعض تعبير "مُرشّح البلد للأوسكار"، علماً أن هذا يُسمّى اختياراً رسمياً من البلد لتمثيله في تلك الرحلة الطويلة، التي تنتهي في الترشيح الرسمي، المرتبط بقرار الأكاديمية، والممنوح لـ5 أفلام فقط، تتنافس على الجائزة.

والاختيار الرسمي للبلد يثير تساؤلات كثيرة: تشكيل لجان الاختيار، وماهية العلاقات القائمة بين بعض أعضاء اللجان المذكورة بأفلامٍ يتمّ مناقشتها لاختيار أحدها، ومدى مصداقية مؤلّفي اللجان وأعضائها، على حدّ سواء. هذا عالمٌ مفتوح على فضائح، لن يؤثّر كشفها أبداً، بشكلٍ إيجابيّ، إذْ تقوى آلية العمل نفسها على محاولات تغيير أو تبديل. إذْ كيف يُمكن لنصف أعضاء لجنة الاختيار أن يكونوا مرتبطين، بطريقة أو بأخرى، بأحد الأفلام الموضوعة في لائحة الاختيار؟ كيف يُمكن تعيين مُنتجة سينمائية في لجنة كهذه، وإنتاج أحد الأفلام "المرشَّحة" للاختيار عائدٌ إليها؟ كيف يُفضَّل فيلمٌ على آخر، عندما يكون الأول أقلّ أهمية ـ درامية وجمالية وفنية وأدائية ـ من الثاني؟ صحيحٌ أن أحد شروط الاختيار كامنٌ في ضرورة أن يُعرض الفيلم في الصالات المحلية قبل شهر أكتوبر/ تشرين الأول من كل عام. لكن، كيف يكون الاختيار بين فيلمين ـ معروضين في الفترة المطلوبة ـ لصالح الأقلّ أهمية؟

هذا كلّه لن يُلغي أبداً أهمية أفلام مختارة لتمثيل بلدانٍ عربية في الرحلة إلى "أوسكار" 2018.

يروي أحدهم تجربة له في لجنة كهذه. يقول إن النقاش الحادّ منقسمٌ بينه وبين آخرين، يرتبط بعضهم بفيلمٍ يُصرّون على انتقائه. يُضيف أن النتيجة صادمة: الاختيار سابقٌ للاجتماع بتوافق ضمني بين الغالبية، وسبب انتقاء الفيلم عائدٌ إلى كونه "تجارياً" قابلاً للتسويق في الصالات الأميركية، قبل موعد إعلان الترشيحات الرسمية. هذا "مُذهل" لشدّة بهتانه. توزيع أفلام عربية في الصالات الأميركية دونه عوائق كثيرة، لأن أحداً لن يكترث بها خارج إطار النشاط الثقافي السينمائي؛ فشبكة التوزيع محكومة بعوامل لن يتمكّن فيلمٌ عربي من تجاوزها بسهولة، خصوصاً أن تجاوزها محتاجٌ إلى ميزانيات للتسويق والترويج والإعلان.


(للنقاش تتمّة)





المساهمون