"أور الأثرية"... رحلات عراقية للتعرف إلى التاريخ

23 يونيو 2018
باتت منطقة أور مقصداً للعديد من العراقيين (العربي الجديد)
+ الخط -
تعد منطقة أور الأثرية واحدة من أقدم الحضارات في جنوب العراق والتي تعود للحقبة السومرية، وزاد الاهتمام بها بعد ضم "الزقورة" إلى لائحة التراث العالمي في يوليو/ تموز 2017، لتصبح واحدة من ضمن محميات منظمة "يونسكو". 
الزقورة أور أو تل المقيّر، كما يسيمها الجنوبيون، صارت قبلة لغالبية أهالي بغداد خلال أيام العطل، حتى أصبحت تمثل فرصة جيدة للذهاب إليها والتقاط الصور. وتعد أور موقعاً أثرياً سومرياً، تقع في "تل المقير"، جنوب العراق، وكانت عاصمة للدولة السومرية عام 2100 قبل الميلاد. وهي مدينة بيضاوية الشكل، تقع على مصب نهر الفرات، لكنها أصبحت الآن نائية وبعيدة عن النهر وذلك بسبب تغير مجرى النهر على مدى آلاف السنين الماضية، وتقع حالياً على بعد بضعة كيلومترات عن مدينة الناصرية (محافظة ذي قار)، وتعتبر واحدة من أقدم الحضارات المعروفة في تاريخ العالم.

وتشتهر المدينة بمبنى الزقورة الذي كان معبداً للآلهة "إنّيانا" آلهة القمر، حسب ما ورد في الأساطير السومرية، وبوجود 16 مقبرة ملكية شيدت من الطوب واللبن، وكان في كل مقبرة بئر، وعند موت الملك تدفن معه جواريه بملابسهن وحليهن بعد قتلهن بالسم عند موته، وكان للمقبرة بنيان تعلوه قبة. لكن هذه المواقع الأثرية، وبسبب الإهمال الحكومي وعدم مواصلة العناية بها، طُمر الكثير منها.
يقول معن حاكم، وهو ناشط عراقي بمجال السياحة والآثار، إن "غالبية العراقيين، لا سيما القاطنين في محافظات الوسط والغرب والشمال، لا يعرفون شيئاً عن الحضارة السومرية، التي تعد أول حضارة في تاريخ البشرية، ولها فضل كبير على العالم، من خلال الابتكارات التي انطلقت من خلالها، وأبرزها الكتابة". ويضيف لـ"العربي الجديد"، أن "الرحلات التي تنقل المواطنين (الكروبات)، إلى مناطق الجنوب، ساهمت بشكل كبير برفد الشباب بالكثير من المعلومات عن الحضارات القديمة والمواقع الأثرية".
ويُكمل: "نحاول مواصلة التعريف بالآثار العراقية، وأهمية المحافظة عليها، من خلال نشر المختصين طوعاً في المناطق الأثرية، ليرافقوا الزائرين ويشرحوا لهم الحقائق التاريخية بطريقة بسيطة وسهلة".
من جهتها، تؤكد لبنى السلمان، وهي إعلامية عراقية تزور "زقورة أور" لأول مرة: "كنت أعتقد أن الزقورة أصغر في الحقيقة مما كنت أراه في الصور. حقاً المكان رائع، ويستحق الزيارة لأكثر من مرة". وتشير في حديثٍ مع "العربي الجديد"، إلى أن "المكان بحاجة إلى الكثير من الخدمات، حتى أن الحاجات الأساسية التي من المفترض أن تتوفر فيه، كوجود محال لمياه الشرب، غير متوفرة. بحل المشاكل الصغيرة التي لا تكلف الحكومة المحلية في ذي قار شيئاً، ستستقطب الزقورة زائرين أكثر".
بدروه، يبيّن الأستاذ بالتاريخ، طه الحمداني، أن "معرفة الزقورة وتاريخ سومر وبابل، لا بد أن يكون أول الأشياء التي يتعلمها المواطن العراقي، بل العربي أيضاً، لما تمثله من بعد تاريخي مهم، بالإضافة إلى الخفايا والقطع الأثرية التي لم تكتشف بعد".

ويلفت لـ"العربي الجديد"، إلى أن "الحكومات التي أعقبت الغزو الأميركي على العراق، مقصرة بشكل كبير، بل إنها أهملت ملف التراث والآثار إلى حد كبير جداً، فقد انشغلت الأحزاب الحاكمة بجدالها السياسي والاتفاقات الباطلة على سرقة العراقيين وأموالهم، وأغفلت رعاية أهم كنز للعراق، وهو تاريخه وحضارته".
ويتابع: "مرت 15 عاماً على بداية حقبة تاريخية جديدة في العراق، ولم تستطع كل الحكومات العراقية المتعاقبة على الحكم، أن تضع حجراً على حجر، بما يتعلق بملف المناطق الأثرية، ليس فقد في ذي قار إنما في كل العراق. حكومات فاشلة ولا تستطيع أن تستمر بحكم البلاد".
مسؤول محلي بمجلس مدينة الناصرية، يعلل سبب عدم الاهتمام بملف الآثار، إلى عدم وجود الأموال الكافية، ويقول لـ"العربي الجديد"، إن "المحافظة (ذي قار)، تشهد منذ سنوات أزمات متعددة، آخرها أزمة المياه، التي تحصل حالياً وأثرت بشكل كبير على الناس ومصالحهم، فهل الأهم تصليح مشكلة المياه، أم العودة إلى صرف الأموال على الاهتمام بزقورة أور؟".
المساهمون