"أنوماليسا"... عندما يكون البطل دمية

27 فبراير 2016
جوي باساريلي وتشاركي كوفمان (Getty)
+ الخط -
سافر مايكل ستون، إلى مدينة سينسيناتي الأميركية، بغرض إلقاء محاضرة، عن كتابه "كيفية التعامل مع الزبائن" ، لا يبدو متحمساً، إذ لطالما شعر بالملل والوحدة، فهو يرى الجميع بشكل واحد وصوت واحد. بعد وصوله للفندق، يحدث أمر غريب، لأنه وبالمصادفة، يميز صوتاً مختلفاً، إنه صوت ليسا، التي ستعيد له سعادة فقدها، فهو لم يعد وحيداً في هذا العالم.

"أنوماليسا" فيلم ستوب موشن للمخرجين، تشارلي كوفمان وديوك جونسون. حكاية بسيطة كحال جميع حكايات كوفمان، ولكن الفارق أن "أنوماليسا" هو التجربة الأولى لكوفمان، في مجال "الستوب موشن"، بالإضافة لكونه يعالج قضية إنسانية شديدة العمق، ولكن بأداء "دُمى"، صُنعَت خصيصاً للفيلم.

اعتمد كاتب النص ومخرجه، تشارلي كوفمان، على التسلسل المنطقي والزمني لأحداث فيلمه. فالفيلم، الذي امتد لساعتين، دارت أحداثه خلال يوم ونصف، ضمن مشاهد داخلية وخارجية. وهو عبارة عن مُجسمات صغيرة مُعدة مُسبقاً، حضر فيها الزمن، من خلال الموسيقى التصويرية والإضاءة، بالإضافة لحركة الشخصيات، أي "الدُمى"، التي قاربت الواقع، فلم تبدو الحركة، بطيئة ومتقطعة كحال غالبية أفلام الستوب موشن، إضافة بأنَّ استرسال المُخرجين في إبراز التفاصيل البسيطة، إلى جانب الأداء الصوتي للشخصيات، كان له دورٌ هام، في التأكيد على أن من نشاهدهم، ليسوا مُجرّد دُمى فقط.

تقنية التحريك في فيلم "أنوماليسا" لم تعتمد على الكومبيوتر فحسب، فهي كانت يدوية بمعظمها، تثتبَّت الشخصيات ضمن المشهد البصري أحيانًا، تُلتقَط صورتها في أجزاء من الثانية، ويعاد فوراً إضفاء تغيرات طفيفة عليها، كرفع يد أو إغماضة عين، وهكذا دواليك حتى يكتمل المشهد تماماً. العمل بهذه الطريقة أدى إلى استغراق الفيلم لوقتٍ كثيرٍ حتّى يتم إنجازه، خصوصاً، وأنّه عند التعامل مع “الستوب موشن” بهذا الشكل، لا مجال لإعادة اللقطات من جديد. ليس أسلوب التحريك وحده ما ميز الشخصيات الدمى، فتفاصيل نحت أجساد الدمى، وقطع الوجه القابلة للتبديل بحسب الإيحاء العاطفي المُراد استخدامه، إضافة إلى عيون تلك الدُمى، والتي كانت أقرب ما تكون للحقيقية، من حيث استقبال الضوء وعكسه، لتظهر لمعة العين واضحة في الكاميرا، كل هذا أعطى الصورة عُمقاً وقابلية للتصديق.


إلى جانب تقنية جونسون ومتانة نص كوفمان، تأتي حرفية، جوي باساريللي، السينماتوغرافر ومدير الإضاءة والتصوير، الذي حرك كاميراته بمنتهى السلاسة، وتعامل مع الدمى الصغيرة المُتحركة ضمن حيز عمل صغير جداً، وكأنها شخصيات حقيقية ضمن مواقع تصوير "لوكيشنات" واسعة جدًا. كما أنّه وظف كلاً من الكاميرا والإضاءة في إبراز المشهد السينمائي، ونقاط القوّة في أداء الشخصيات. وعلى الرغم من واقعية الزمن في الفيلم، والتوازن في الصمت والحوار، بالإضافة لاسترسال المخرج في إظهار التفاصيل والوقوف عندها، إلا أن حضور الكوميديا بكثير من المواقف، كانت النقطة الفصل، التي عززت أهمية وصدق الفيلم.

إقرأ أيضاً:دافنشي وأنجلو يستقبلان الزوار
المساهمون