والآلية المستخدمة لاستهداف الراضي تسمى "هجوم حقن الشبكة"، إذ يمكن نشرها دون أن ينقر الضحية على رابط خبيث، ويعتقد أنه تم استخدامه ضد صحافي مغربي آخر أيضاً.
وفيما لا تنشر "إن إس أو" قائمة بعملائها الحكوميين، حدد تحقيق سابق أجراه باحثون في "سيتيزين لاب" Citizen Lab المغرب كإحدى 45 دولة نشطت فيها برامج التجسس الخاصة بالشركة. وكان 7 ناشطين مغاربة قد اتهموا سلطات بلادهم في نوفمبر/تشرين الثاني الماضي بالتجسس عليهم بنفس البرمجية.
وقالت "منظمة العفو الدولية" إن توقيت الهجمات المزعومة في المغرب يشير إلى أنها وقعت بعد أن نشرت NSO "سياسة جديدة لحقوق الإنسان" في سبتمبر/أيلول 2019. وبموجب السياسة، وعدت NSO بالتحقيق في أي تقرير ذي أساس جيد يشرح بالتفصيل إساءة استخدام التكنولوجيا من قبل عملائها، قائلةً إنه سيتم إنهاء وصول العميل إلى تقنيتها إذا لزم الأمر إذا وجدت الشركة أن التكنولوجيا قد تمت إساءة استخدامها.
وقالت، نائبة مدير منظمة العفو الدولية، دانا إنغلتون: "لدى NSO أسئلة جدية للإجابة عن الإجراءات التي اتخذتها عند تقديم أدلة على استخدام تقنيتها لارتكاب انتهاكات لحقوق الإنسان في المغرب". وقالت "إن إس إو" في بيان لها، إنها "تشعر بقلق عميق" برسالة تلقتها من منظمة العفو تحتوي على المزاعم.
ونشرت صحيفة "ذا غارديان" البريطانية وشبكة "فوربيدن ستوريز" الصحافية التعاونية التي تسلّط الضوء على عمل الصحافيين المعرّضين للتهديد أو السجن أو القتل، التحقيق، أمس الأحد.
وعمر الراضي هو صحافي وناشط حقوقي مغربي، أصدرت المحكمة الابتدائية في مدينة الدار البيضاء المغربية، في مارس/آذار الماضي، حكماً بسجنه أربعة أشهر موقوفة التنفيذ وتغريمه 500 درهم، على خلفية تغريدة على "تويتر" انتقد فيها الأحكام القضائية الصادرة في حق معتقلي الريف.
واعتقل الصحافي والناشط الحقوقي (33 عاماً)، في 26 ديسمبر/ كانون الأول الماضي، على خلفية التغريدة، ما أثار موجة غضب داخل المغرب وخارجه، دفعت أكثر من 500 شخصية إلى إطلاق عريضة تطالب بحريته، نشرتها صحيفة "لوموند" الفرنسية و"أخبار اليوم" المغربية بالتزامن. بعد ذلك، تمّ إطلاق سراحه واستمرار ملاحقته قضائياً.
وفي تحقيقها المنشور اليوم الإثنين بالفرنسية، أكدت "أمنستي" أنّ خبراءها الذين حققوا في هاتف الراضي في فبراير/ شباط، اكتشفوا أنه تعرض لهجمات مختلفة بين سبتمبر/ أيلول 2019 ويناير/ كانون الثاني 2020، عندما تعرض "للمضايقة المتكررة" من قبل السلطات المغربية.
وقال الراضي إن منظمة العفو اتصلت به بعد اعتقاله في ديسمبر/ كانون الأول 2019 وأبلغته أنه على الأرجح هدف محتمل للمراقبة.
وأضاف أنّ اكتشاف عملية اختراقه أثار تساؤلات فورية في ذهنه: "ما (الشيء) الحساس الذي يمكن أن أقوله على الهاتف؟ أو هل لدي مصادر قد تكون في وضع صعب إذا كان الأشخاص الذين يستمعون إلي ويكتشفون من أتحدث إليهم؟".
وقالت منظمة العفو الدولية إن البيانات المستخرجة من هاتف الراضي تشير إلى أنه تعرض لهجمات حقن الشبكة في فبراير/ شباط وسبتمبر/ أيلول 2019 ويناير/ كانون الثاني 2020. وقالت "أمنستي" إنها تعتقد أن الهجمات استخدمت لإصابة هاتف الراضي المحمول ببيغاسوس بطريقة لا تتطلب منه النقر على أي روابط مصابة.
وتسمح هجمات "حقن الشبكة" للمتسللين بإعادة توجيه متصفح الهدف وتطبيقاته إلى المواقع الضارة الخاضعة لسيطرة المهاجمين، ثم تثبيت برامج التجسس لإصابة جهاز الهدف. وقالت "أمنستي" إن هاتف الراضي كان موجهاً إلى نفس المواقع الخبيثة التي وجدتها منظمة العفو الدولية في هجوم على الناشط والأكاديمي المغربي المعطي منجب، والذي فصّلته المنظمة في تقرير سابق.
في كلتا الحالتين، حدثت عمليات الحقن بينما كان الهدفان - الراضي ومنجب - يستخدمان الاتصال عبر شبكة الـ4جي. إحدى الطرق التي يمكن لشركات التجسس من خلالها تنفيذ مثل هذه الإصابات تنطوي على استخدام ما سمته منظمة العفو الدولية برج خلوي "مارقاً"، أي أنّه جهاز محمول يقلد الأبراج الخلوية الشرعية، وعندما يتم وضعه في مكان قريب جدًا من الهدف، يمكن المهاجمين من التلاعب بحركة الهاتف المحمول التي يتم اعتراضها.