"أصداء" يو أكياما: مقاربات معاصرة للصلصال

18 يوليو 2019
مجسّم "أصداء" (2018)
+ الخط -

بعد انتهاء الحرب العالمية الثانية (1939 - 1945)، شغلت النخب اليابانية أسئلة عديدة حول استعمال التراث الثقافي والميثولوجي، وحدود الانفتاح على الحداثة. استمرّ هذا السؤال مع الجيل اللاحق، ومنهم الفنان يو أكياما (1953) الذي تعرّف على هذه الأسئلة واشتبك معها منذ أن كان يدرس الخزف في "جامعة كيوتو" في سبعينيات القرن الماضي. ومنذ بداياته حاول مقاربة مادّته بطريقة راديكالية: تجاه التراث والحداثة في آن. شعر الطالب وقتها أنه محظوظ لأن تلك المرحلة كانت تقبل بهذا التمرد الذي قاده النحات كازو ياغي ضمن تيار "سوديشا" الفني الذي ضمّ العديد من الفنانين المتطرفين منذ الأربعينيات وحتى الثمانينيات.

تحضر أعمال الفنان الياباني في معرض بعنوان "أصداء: وفي البدء كان الصَّلصال" يتواصل في "غاليري متاحف قطر" في الدوحة حتى الثلاثين من أيلول/ سبتمبر المقبل. وهنا نقف على عوالم أكياما حيث نعثر على مزاوجة بين التقنيات اليابانية التقليدية المعروفة في مجال إنتاج الخزف ومرجعيات غربية في مجال الأدب والفن.

أدار الفنان ظهره للزخرفة الغنائية الشاعرية التي كانت تطغى على تجارب فنانين يابانيين كثر، فقدّم خزفيات تبرز فهماً عميقاً للمادة التي يستخدمها، وهي الصلصال بشكل أساسي، وفي سياق اختباره للتقنية بدأ يبحث في القضايا والتحولات الكبرى، والتي تحيل إليها تلك التصدعات والشقوق في الأسطح التي تعطي العمل مظهراً قديماً. وفي منحوتات أخرى، كما يفضّل تسميتها بدلاً من نعتها بأعمال السيراميك، هناك قطعة ضخمة من الصخور تبدو وكأنها من بقايا كوكب منفجر أو بركان.

المعرض يحمل اسم عمل كبير الحجم "أصداء" الذي كرّس أكياما أعواماً عدّة لإتمامه، ليَعرضه للمرة الأولى في مدينة كيوتو اليابانية عام 2018 احتفالاً بتقاعده كرئيس لقسم الخزف في "جامعة كيوتيو للفنون والموسيقى".

في الجوار أعمال مختارة تمثّل مراحل مختلفة من مشروعه، بعضها تمثّل حركة التوائية دورانية تقترب من علاقة الكائن بالأرض، وأخرى تحاكي الصخور الأحفوية الضخمة في قاع البحر، أو تبدو كأنها جزء من حديقة صخرية سوريالية.

يؤكّد بيان المعرض أن "نقطة الانطلاق بالنسبة إلى أكياما دائماً ما تكون هي علاقة حميمة قطع فيها أشواطاً مع الصلصال الخام، ومع الإمكانيات التي تنطوي عليها المادة نفسها، وصولاً إلى العلاقة التي تربط المادة بالقوى الجيولوجية والفيزيائية التي شكّلتها والتي تستمر بالتأثير على العمل المنتهي".

كما يشير البيان إلى أن "أكياما ابتعد عن الخطوط التقليدية لإنتاج الأواني الخزفية اليابانية، وعاد بأعماله إلى عالمية قوى الطبيعة. ومن خلال استخدام صلصال بخصائص محددة كنقطة انطلاق في عمله، نجح الفنان بتحرير نفسه من القيود وحالة الحنين للعلاقة التاريخية الراسخة التي تربط اليابان بالخزف، لتكون ثمرة ذلك أعمالاً مذهلة بحق".

المساهمون