"أشبال العز".. أطفال في معسكرات تدريب "داعش"

05 يوليو 2015
مشهد مصور من فيديو إعدام منسوب لتنظيم الدولة
+ الخط -

نشر تنظيم الدولة الإسلامية "داعش"، أمس السبت، لقطات فيديو تظهر تنفيذ عملية إعدام جماعي لمن قال إنهم جنود في جيش نظام بشار الأسد، وأظهر الفيديو الذي نشرته حسابات ومواقع تابعة للتنظيم على الإنترنت السبت، أكثر من 20 شخصا يرتدون ملابس عسكرية، بينما يقوم مراهقون وأطفال يرتدون زي التنظيم بإطلاق النار عليهم حتى الموت، في حين يجلس نحو مائة شخص في مدرجات المسرح الروماني الأثري بمدينة "تدمر" التي يسيطر عليها التنظيم، للمشاهدة.

بينما نشر الفيديو أمس، إلا أن عملية الإعدام جرت وقائعها يوم الأربعاء 27 مايو/أيار الماضي، بعد 6 أيام من سيطرة التنظيم على تدمر، وفقا لما أعلنه وقتها المرصد السوري لحقوق الإنسان. وسيطر داعش في 21 مايو/أيار على المدينة التاريخية القريبة من ريف حمص الشرقي، عقب انسحاب قوات النظام السوري منها بعد تسعة أيام من المعارك.

استرعت جريمة الإعدام أنظار كثيرين، إلا أن كثيرين لم يلتفتوا إلى أعمار منفذيها، الذين يطلق عليهم التنظيم اسم "الأشبال"، ومعظمهم لا تتجاوز أعمارهم الخامسة عشرة من العمر.

من هم أشبال داعش؟

قبل أكثر من عام تحديدا، بدأت التفاصيل تظهر حول تجنيد تنظيم الدولة للأطفال وتدريبهم على القتال لصنع ما يمكن اعتباره جيلا من المقاتلين الأشداء المدربين، وفق ما يطلق عليه التنظيم اسم "أشبال العز".

في الأول من يوليو/تموز 2014، نشر موقع syriadeeply تقريرا ضم حوارات مع عدد من الأطفال الملتحقين بمعسكر للتدريب، دشنه التنظيم المتطرف في منطقة "الطبقة" الريفية غرب مدينة الرقة التي يسيطر عليها.

أحد الأطفال ممن حاورهم الموقع واسمه محمد (14 عاما) حكى تفاصيل التدريب داخل المعسكر، والذي يشمل دروسا دينية وتحفيظ القرآن، إلى جانب تدريبات قتالية مكثفة، سواء التدريب على استخدام مختلف الأسلحة أو القتال البدني.

التقى الموقع أيضا المواطن السوري "أبو ياسر"، والذي قال إن عناصر التنظيم أقنعوه بضم ابنه للمعسكر ليتعلم القرآن والدين الإسلامي الصحيح، وأنه وافق، لكن بعد اليوم الأول أبلغه ابنه أنه تدرب على القتال أيضا لغاية القدرة على الجهاد. عندها حاول الأب منع ابنه من العودة إلى المعسكر، هدده عناصر التنظيم بالقتل، ولم يستطع رؤية ابنه بعدها، على حد قوله.

التقرير الهام أعادت نشره شبكة ABC News الأميركية عبر موقعها الإلكتروني وعرضت مقاطع منه على شاشاتها، بعد خمسة أيام نقلا عن syriadeeply، ما جعل له صدى حول العالم.

أطفال في شرطة التنظيم

في الثالث والعشرين من فبراير/شباط 2015، نشرت صحيفة الإندبندنت البريطانية تقريرا مفصلا عن معسكرات داعش لتدريب الأطفال على القتال، اعتمادا على فيديو دعائي نشره التنظيم، وضم الكثير من التفاصيل حول تلك المعسكرات والتدريبات والأطفال. لكن الأطفال هذه المرة، يتم تدريبهم ليصبحوا رجال شرطة في التنظيم، وأظهر الفيديو الذي تصل مدته إلى 9 دقائق، نحو 80 طفلا لا تتجاوز أعمار أكبرهم الخامسة عشرة، يرتدون زي تدريب موحد، بينما يشاركون في تدريبات شاقة على مدار أربعة أشهر متصلة داخل المعسكر المسمى "معهد الفاروق للشرطة"، في مدينة الرقة السورية.

قبل هذا التاريخ بنحو الشهر ظهر أحد هؤلاء الأطفال في فيديو نشره التنظيم، يقوم بإعدام رجلين قيل إنهما متهمان بالتجسس على التنظيم لصالح روسيا، رميا بالرصاص.

في السادس عشر من يونيو/حزيران الماضي، نشر التنظيم فيديو جديدا لمعسكرات تدريب الأطفال، وضم الفيديو الجديد تفاصيل أوفى عن طبيعة التدريب في المعسكر، كما ضم صورا قريبة لعدد من الأطفال المنضمين للمعسكر، وأنواع الأسلحة التي يتدربون عليها، إضافة إلى تصريحات لعدد منهم تظهر مدى تأثير التدريبات على عقولهم، ومدى قدرة التنظيم على إقناعهم بأهدافه، وعلى رأسها التحول من بشر أسوياء إلى انتحاريين يقومون بتفجير أنفسهم في الآخرين.

تحولات أطفال سورية

التقرير الذي نشره العديد من الصحف بينها "ديلي ميل" البريطانية، استرعت بعض التفاصيل الواردة فيه نظر محرر مجلة (Talk Left) الأميركية المتخصصة في رصد الجرائم ذات الخلفية السياسية، حيث عمل المحرر على عدد من التفاصيل الواردة بالفيديو؛ ليخرج بكشف هام.

التقط محرر المجلة وجه أحد الأطفال الذين ظهروا في الفيديو داخل المعسكر، مرتديا زي التدريب العسكري وممسكا بسلاحه الآلي، واستدعى من الذاكرة صورة طفل سوري شهير، انتشرت له مشاهد فيديو في العام الأول من الثورة السورية، وذاعت شهرته حول العالم، حيث ظهر في الفيديو يبكي حاله وحاله أسرته وبلاده التي دمرها نظام بشار الأسد، ليتحول الفيديو إلى أحد أيقونات الثورة السورية، ويعرف باسم "الطفل السوري الذي أبكى الملايين حول العالم".

وتظهر مقارنة صور الطفل السوري في الفيديو الشهير، بالطفل الأكبر سنا في فيديو معسكر تدريب داعش، كثيرا من التشابه بينهما، مع ملاحظة مرور أربع سنوات تقريبا، حيث يمكن ملاحظة التشابه الكبير في ملامح الوجه وشكل الأسنان وطريقة الحديث.

لاحقا نشرت حسابات تابعة لتنظيم الدولة على موقع "تويتر" تأكيدات حول كون طفل داعش الذي يحمل السلاح، هو نفسه الطفل السوري الشهير، وزعمت أن الطفل انضم إلى أشبال التنظيم ليستعيد حقوقه التي سلبها منه النظام السوري، بعد أن فشلت كل الجهود الدولية في إعادة حقوقه المسلوبة إليه، على حد قولهم.

محرر (Talk Left) ربط بين متدرب آخر في معسكر "داعش"، وطفل سوري ثان ظهر في فيديو آخر شهير يتحدث فيه من وسط الدمار عما جرى له ولأهله وللحي الذي كان يسكن فيه، والذي يظهر خلفه مدمرا بالكامل.

وفي حين قال محرر المجلة إن التشابه بين طفل داعش الثاني، والطفل السوري المقصود ليس بنفس القرب، بعكس الطفل الأول، إلا أن التشابه بينهما ملحوظ. ما يعني أن وجود أطفال سوريين شاهدوا ذويهم يقتلون في قصف للنظام أو على يد عناصره، داخل معسكرات تدريب داعش، ليس أمرا مستبعدا. بل ربما كان ذلك أحد وسائل التنظيم لإقناع الأطفال بالانضمام إلى معسكراته.

داعش يستقطب البنات الصغار

لم يقتصر استقطاب تنظيم الدولة للأطفال على الذكور فقط، فقبل يومين، الجمعة، نشرت صحيفة "ديلي تليغراف" البريطانية، ما قالت إنه كشف هام يظهر اثنتين من الطالبات البريطانيات الثلاث اللاتي هربن من منازل عائلاتهن في فبراير/شباط الماضي، عبر تركيا إلى سورية، يتجولن في أحد شوارع مدينة الرقة.

الفتيات الثلاث هن: أميرة عباسي (15 عاما)، وشميمة بيجوم (15 عاما)، وخديجة سلطانة (16 عاما)، وقالت الصحيفة إن لقطات فيديو صورها أحد النشطاء، أظهرت ما يعتقد أنه فتاتان من الثلاثة، مع سيدة ثالثة تحمل بندقية "كلاشينكوف"، يتسوقن من أحد محال الخضروات في مدينة الرقة، وترتدي ثلاثتهن النقاب الأسود.

وبينما لا تظهر وجوه الفتيات ولا مرافقتهن بسبب النقاب، إلا أن الصحيفة نقلت عن أحد الناشطين في الرقة تفاصيل تشير إلى ترجيح أنهن الفتيات البريطانيات اللاتي فررن للالتحاق بتنظيم الدولة، حيث قال المصدر وفقا للصحيفة، إن الفتيات الثلاث عندما وصلن الرقة تم تسليمهن إلى سيدة لتتولى تهذيب سلوكهن، تدعى "أم الليث"، وأن قادة التنظيم في الأشهر الأولى لم يكن لديهم الثقة في الفتيات، ولم يكن يسمح لهن بالبقاء في المنزل وحدهن بدون المرافقة، لكن يبدو أنهن حصلن على الثقة لاحقا، وأصبحن يتجولن في المدينة ويشترين حاجياتهن، وفقا للقطات الفيديو التي تم التقاطها قبل شهرين تقريبا.

--------
اقرأ أيضاً:
مسلّم.. من حياة المستوطنة إلى الإعدام على يد "داعش"

دلالات