تتميّز المبادرة بسمات تمنحها أسبقية الاكتشاف. التجربة قديمة. نتائجها معروفة في المشهد السينمائي الدولي، وبعض المشاركين فيها يُصبحون، في فترات لاحقة، فاعلين ومؤثّرين ومبتكرين في صناعة السينما، وفي ثقافاتها ومشاهداتها واختباراتها. بعض هؤلاء يحتاج إلى انطلاقة، والمبادرة مساحة قادرة على تأمين متطلبات الانطلاقة، شرط أن يتمكّن المنطلقون منها من تثبيت حضورٍ لهم، بتشكيلهم لغة أو إنتاجهم معرفة أو التقاطهم نبضًا أو كشفهم لمخبّأ أو رسمهم لحالة أو توثيقهم لحظة.
"الجمعية الفرنسية للنقد السينمائي" تُقدِّم، عام 1961، اقتراحًا يعثر على صدى إيجابي في مهرجان "كانّ" السينمائي الدولي بعد تردّد: عرض فيلم The Connection للأميركية شيرلي كلارك (مقتبس من مسرحية بالعنوان نفسه لجاك غيلبر، ومُنتج ضمن "السينما المستقلّة"): هذا "الوثائقي المتخيّل" يتابع خطوات مخرج شاب يُصوِّر فيلمًا مع موسيقيي "جاز" وفنانين مدمنين على المخدرات، ينتظر كلّ واحد منهم "تاجره الخاص" ببيع الـ"هيرويين"، وهو ـ في النهاية ـ شخصٌ واحد سيكون صلة الوصل بين الجميع.
موافقة المهرجان على عرضه في الدورة الـ14 (3 ـ 18 مايو/ أيار 1961) متأتية من ضغوط "الجمعية الفرنسية للنقد السينمائي"، بعد تردّد الإدارة إزاء الاقتراح، خصوصًا أن الفيلم غير مدرج في الاختيار الرسمي. العرض بحدّ ذاته يمتلك أهمية كبيرة في مستويات عديدة: توغّله في بؤر العيش اليومي في عوالم مرتبكة ومخاوف فردية وانهماك ذاتي في خراب روح وجسد، وفي الاختلاط المعقّد بين موسيقى الـ"جاز" والإدمان على الـ"هيرويين" والعلاقات المفتوحة. هذه أمورٌ تحرّض سلطات أميركية عديدة على منعه من العرض لكونه "مبتذلاً" و"فاحشًا". ربما لهذا تتردّد إدارة المهرجان الدولي في قبوله، وربما لهذا أيضًا تُصرّ الجمعية النقدية على عرضه.
عرضه في مهرجان "كانّ" السينمائي يُؤسّس "أسبوع النقد" ("الأسبوع الدولي للنقد" من 1962 إلى 2008). فنجاحه النقدي والجماهيري "مُزيلٌ" لمخاوف وارتباكات، ودافع إلى إطلاق هذا الأسبوع، بعد اتفاق حاصل بين روبير فافر لو بْرِي، المندوب العام للمهرجان حينها، و"المركز السينمائي الوطني": تجديد الاختبار، وتطويره.
منذ بداياته، يسعى "أسبوع النقد" إلى اكتشاف مواهب جديدة لمخرجين يصنعون أفلامهم الأولى أو الثانية. الروائي الطويل أساسيّ، لكن الروائي القصير سيجد في البرنامج السنوي مكانًا مهمًّا له أيضًا. "عروض خاصّة" ستُغني خيارات الأسبوع، الذي يعرض عددًا قليلاً من الأفلام "كي يمنحها فرص مُشاهدة أكبر، ودعمًا أفضل من المهرجان". أما أسماء "المتخرّجين" من الأسبوع فكثيرة ومتنوّعة: كريس ماكر، دوني أركان، برناردو برتولوتشي، جان أوستاش، فيليب غاريل، باربيت شرودر، كن لوتش، غيليرمو دِلْ تورو، مرزاق علواش، وغيرهم.
في الدورة الـ71 (8 ـ 19 مايو/ أيار 2018) لمهرجان "كانّ"، يُنظِّم "أسبوع النقد" دورته الـ57، التي تتضمّن 11 فيلمًا اختارها شارل تيسّون (المندوب العام للأسبوع) من أصل 1500، بينها 7 أفلام هي الأولى لمخرجيها. هناك أيضًا 13 فيلمًا قصيرًا. دوراتٌ سابقة متنبِّهةٌ إلى صناعة السينما في فرنسا وأميركا اللاتينية، والدورة الجديدة مهتمّة بأفلام دول أوروبية، كبلجيكا وبولندا وإيسلندا وسويسرا وهنغاريا. المشترك الغالب على مواضيع الأفلام المختارة كامنٌ في المآسي والـ"ثريلر"، وهذا دافع لمتابعي أحوال البرمجة إلى التساؤل عن مدى إمكانية "أسبوع النقد" على إثارة "الضحك".
أمثلةٌ قليلة كافيةٌ لتبيان بعض المختار: "كريس السويسري" للسويسرية آندجا كوفْمَال، الذي يمزج الوثائقي بالتحريك في مقاربة النزاع اليوغوسلافي من وجهة نظر كرواتية. "ديامنتينو" للأميركي البرتغالي غبريال أبرانتس والأميركي دانيال شميت: لاعب كرة قدم يتفنّن في صدّ هجمات الفرق المنافسة بشتّى الوسائل والحِيل، ليُصبح إيقونة جماهيره. لكنه يُصاب بعطبٍ نفسيّ في المباراة الأهم في حياته، فتكون لحظة تحوّل خطر في مساره وحياته. "ذات يوم" للهنغارية زْسوفيا سِزْلاغي: تعاني آنّ ضغوطًا جمّة، في تربية 3 أولاد لوحدها. تنتقل من عملها إلى المدرسة، وتهتم بحاجات الجميع، وتتابع التفاصيل اليومية كلّها. لكنها تشعر أن زوجها يخونها. هذا دافع إلى غرقٍ تدريجي في خرابٍ بطيء يُصيب الذات والروح والعلاقات.
فيلم الافتتاح للأميركي بول دانو، بعنوان "الحياة البرية": في ستينيات القرن الـ20، يعيش جو (14 عامًا) مرغمًا حالة التدهور البطيء في العلاقة القائمة بين والديه. بالإضافة إليه، هناك فيلمان مشاركان في خانة "عروض خاصّة": "معاركنا" للبلجيكي غييوم سينيز و"شهرزاد" للفرنسي جان ـ برنار مارلان. الأول عن أوليفييه المكافح داخل المؤسّسة التي يعمل فيها من أجل حقوق الموظّفين ويواجه الظلم. لكنه يجد نفسه، بعد مغادرة زوجته المنزل العائلي، أمام مهمّات جديدة وصعبة: الاهتمام بالأولاد، ومتابعة أحوال العمل، والحياة العائلية. والثاني عن زكريا (17 عامًا) الذي تنبذه أمّه فور خروجه من السجن، فيتوه في الشوارع الخلفية لمارسيليا، حيث يلتقي شهرزاد.
"الجمعية الفرنسية للنقد السينمائي" تُقدِّم، عام 1961، اقتراحًا يعثر على صدى إيجابي في مهرجان "كانّ" السينمائي الدولي بعد تردّد: عرض فيلم The Connection للأميركية شيرلي كلارك (مقتبس من مسرحية بالعنوان نفسه لجاك غيلبر، ومُنتج ضمن "السينما المستقلّة"): هذا "الوثائقي المتخيّل" يتابع خطوات مخرج شاب يُصوِّر فيلمًا مع موسيقيي "جاز" وفنانين مدمنين على المخدرات، ينتظر كلّ واحد منهم "تاجره الخاص" ببيع الـ"هيرويين"، وهو ـ في النهاية ـ شخصٌ واحد سيكون صلة الوصل بين الجميع.
موافقة المهرجان على عرضه في الدورة الـ14 (3 ـ 18 مايو/ أيار 1961) متأتية من ضغوط "الجمعية الفرنسية للنقد السينمائي"، بعد تردّد الإدارة إزاء الاقتراح، خصوصًا أن الفيلم غير مدرج في الاختيار الرسمي. العرض بحدّ ذاته يمتلك أهمية كبيرة في مستويات عديدة: توغّله في بؤر العيش اليومي في عوالم مرتبكة ومخاوف فردية وانهماك ذاتي في خراب روح وجسد، وفي الاختلاط المعقّد بين موسيقى الـ"جاز" والإدمان على الـ"هيرويين" والعلاقات المفتوحة. هذه أمورٌ تحرّض سلطات أميركية عديدة على منعه من العرض لكونه "مبتذلاً" و"فاحشًا". ربما لهذا تتردّد إدارة المهرجان الدولي في قبوله، وربما لهذا أيضًا تُصرّ الجمعية النقدية على عرضه.
عرضه في مهرجان "كانّ" السينمائي يُؤسّس "أسبوع النقد" ("الأسبوع الدولي للنقد" من 1962 إلى 2008). فنجاحه النقدي والجماهيري "مُزيلٌ" لمخاوف وارتباكات، ودافع إلى إطلاق هذا الأسبوع، بعد اتفاق حاصل بين روبير فافر لو بْرِي، المندوب العام للمهرجان حينها، و"المركز السينمائي الوطني": تجديد الاختبار، وتطويره.
منذ بداياته، يسعى "أسبوع النقد" إلى اكتشاف مواهب جديدة لمخرجين يصنعون أفلامهم الأولى أو الثانية. الروائي الطويل أساسيّ، لكن الروائي القصير سيجد في البرنامج السنوي مكانًا مهمًّا له أيضًا. "عروض خاصّة" ستُغني خيارات الأسبوع، الذي يعرض عددًا قليلاً من الأفلام "كي يمنحها فرص مُشاهدة أكبر، ودعمًا أفضل من المهرجان". أما أسماء "المتخرّجين" من الأسبوع فكثيرة ومتنوّعة: كريس ماكر، دوني أركان، برناردو برتولوتشي، جان أوستاش، فيليب غاريل، باربيت شرودر، كن لوتش، غيليرمو دِلْ تورو، مرزاق علواش، وغيرهم.
في الدورة الـ71 (8 ـ 19 مايو/ أيار 2018) لمهرجان "كانّ"، يُنظِّم "أسبوع النقد" دورته الـ57، التي تتضمّن 11 فيلمًا اختارها شارل تيسّون (المندوب العام للأسبوع) من أصل 1500، بينها 7 أفلام هي الأولى لمخرجيها. هناك أيضًا 13 فيلمًا قصيرًا. دوراتٌ سابقة متنبِّهةٌ إلى صناعة السينما في فرنسا وأميركا اللاتينية، والدورة الجديدة مهتمّة بأفلام دول أوروبية، كبلجيكا وبولندا وإيسلندا وسويسرا وهنغاريا. المشترك الغالب على مواضيع الأفلام المختارة كامنٌ في المآسي والـ"ثريلر"، وهذا دافع لمتابعي أحوال البرمجة إلى التساؤل عن مدى إمكانية "أسبوع النقد" على إثارة "الضحك".
أمثلةٌ قليلة كافيةٌ لتبيان بعض المختار: "كريس السويسري" للسويسرية آندجا كوفْمَال، الذي يمزج الوثائقي بالتحريك في مقاربة النزاع اليوغوسلافي من وجهة نظر كرواتية. "ديامنتينو" للأميركي البرتغالي غبريال أبرانتس والأميركي دانيال شميت: لاعب كرة قدم يتفنّن في صدّ هجمات الفرق المنافسة بشتّى الوسائل والحِيل، ليُصبح إيقونة جماهيره. لكنه يُصاب بعطبٍ نفسيّ في المباراة الأهم في حياته، فتكون لحظة تحوّل خطر في مساره وحياته. "ذات يوم" للهنغارية زْسوفيا سِزْلاغي: تعاني آنّ ضغوطًا جمّة، في تربية 3 أولاد لوحدها. تنتقل من عملها إلى المدرسة، وتهتم بحاجات الجميع، وتتابع التفاصيل اليومية كلّها. لكنها تشعر أن زوجها يخونها. هذا دافع إلى غرقٍ تدريجي في خرابٍ بطيء يُصيب الذات والروح والعلاقات.
فيلم الافتتاح للأميركي بول دانو، بعنوان "الحياة البرية": في ستينيات القرن الـ20، يعيش جو (14 عامًا) مرغمًا حالة التدهور البطيء في العلاقة القائمة بين والديه. بالإضافة إليه، هناك فيلمان مشاركان في خانة "عروض خاصّة": "معاركنا" للبلجيكي غييوم سينيز و"شهرزاد" للفرنسي جان ـ برنار مارلان. الأول عن أوليفييه المكافح داخل المؤسّسة التي يعمل فيها من أجل حقوق الموظّفين ويواجه الظلم. لكنه يجد نفسه، بعد مغادرة زوجته المنزل العائلي، أمام مهمّات جديدة وصعبة: الاهتمام بالأولاد، ومتابعة أحوال العمل، والحياة العائلية. والثاني عن زكريا (17 عامًا) الذي تنبذه أمّه فور خروجه من السجن، فيتوه في الشوارع الخلفية لمارسيليا، حيث يلتقي شهرزاد.