بين فترة وأخرى وبشكل يراه كثرٌ من ساسة العراق أمراً مقصوداً، تعود التسريبات عن وجود صور وتسجيلات لدى الأميركيين لقادة عراقيين مختلفة خلال فترة ما قبل الغزو الأميركي للعراق عام 2003 وما بعده، إبان تولي الحاكم المدني بول بريمر زمام السلطة في العراق وما بعد تشكيل مجلس الحكم الانتقالي 2004 وما أعقبه من أحداث، تتضمّن مواقف وتصريحات وأحاديث لهم خلال اجتماعاتهم مع الأميركيين، بعضها يوصف بالمحرج أو المذلّ، وبعضها الآخر وشايات بين الساسة العراقيين عند الجانب الأميركي، فضلاً عن مواقف ذات أبعاد طائفية.
"أرشيف الأميركيين"، وهو المصطلح المتداول في العراق حول تلك الصور والتسريبات، عاد ليبرز مجدداً مع تصاعد حدّة الجدل حول الوجود الأميركي في العراق والمطالبة بإخراج هذه القوات، وسط حالة الاصطفاف العامة بين الكتل والأحزاب العراقية حيال المعسكرين الأميركي والإيراني، من دون أن تتضح مصداقية المعلومات والتسريبات التي تتحدث عن امتلاك واشنطن تسجيلات وأفلام فيديو تظهر قادة عراقيين خلال اجتماعات معهم قبل غزو العراق وبعده في مواقف مغايرة لما هي عليه اليوم، ومواقف أخرى مهينة لهم، وتسجيلات تفضح جانباً من التنافس السياسي في العراق من خلال الوشاية أو نقل معلومات للأميركيين عن ساسة آخرين، بهدف إقصائهم عن المشهد السياسي.
وقال مسؤول عراقي سابق في بغداد لـ"العربي الجديد"، إن الأميركيين يملكون أرشيفاً ضخماً من اللقاءات والاجتماعات بعد 2003 وقبلها، وبعضها محرج للغاية لعدد من القادة العراقيين، يظهرون بشكل مغاير لما هم عليه الآن، وفيه طلبات تمويل أو تزويد الأميركيين بمعلومات مختلفة تتعلق بالعراق قبل الاحتلال ومعلومات عن ساسة وقادة شركاء في العملية السياسية بعد الاحتلال، كما لديهم وثائق وأدلة حول عمليات فساد مالي وانتهاكات إنسانية يتورط فيها الكثير منهم.
وبحسب المسؤول الذي شغل منصباً وزارياً في حكومة نوري المالكي الأولى (2006-2010) وعمل مستشاراً بعدها في ديوان الرئاسة، فإن "الأميركيين يتعمّدون من خلال طرق غير مباشرة تذكير ساسة وقادة عراقيين بهذا الأمر كلما تطلّب الوضع ذلك"، مضيفاً: "الجدل حول الوجود الأميركي حالياً أبرز الموضوع مرة أخرى على السطح". واعتبر أن هاجس "أرشيف الأميركيين على الرغم من عدم وجود دلائل أو قرائن تؤكد حقيقته، لكنه مقلق لأغلب القيادات العراقية كونه منطقياً وقريباً للواقع العراقي خصوصاً بين عامَي 2001 و2006 على وجه التحديد، وقبلها بالنسبة إلى القيادات العراقية الحالية التي كانت تتواصل مع الأميركيين في لندن وواشنطن وعواصم أخرى تقيم فيها".
أما النائب السابق، رئيس تجمّع "كفى"، رحيم الدراجي، فرأى أن "التهديدات مجرد كلام"، و"لطالما تسربت مثل هذه الأخبار". وأرجع سبب قلق بعض الشخصيات السياسية إلى "تورطها فعلاً في مثل هذه اللقاءات الخاصة والتي تضمّنت مباحثات حول تمويل أحزاب أو تنازلات"، موضحاً في حديث مع "العربي الجديد"، أن "الضغوط الدبلوماسية هي الفاعلة، ومثل هذا الفعل (أي نشر التسريبات) قد لا يحدث نهائياً".
وكشف تقرير لموقع "ديلي بيست" الخميس الماضي، عن تحقيق مع شركة "ساليبورت غلوبال سيرفيسز"، لمعرفة ما إذا كانت أدت دوراً في تقديم رشى لمسؤولين حكوميين عراقيين، بينهم رئيس الوزراء الأسبق نوري المالكي ونجله أحمد وصهره ياسر صخيل، مقابل الفوز بعقود حصرية في العراق. ودفع هذا الأمر قيادات حزب "الدعوة" الذي يحشد معركته إلى جانب تحالف "الفتح" لتقديم مشروع قانون إخراج القوات الأميركية من العراق، إلى مهاجمة الموقع، واعتبار ما نشر حملة ضد المالكي بهدف إسقاطه سياسياً.
اقــرأ أيضاً
ورأى المفكر والباحث في الشأن السياسي العراقي، غالب الشابندر، أن "طريقة ابتزاز السياسيين العراقيين، من قبل الولايات المتحدة لا تتم بطرق مباشرة، وهي بالفعل لديها ملفات كثيرة قد توجّهها نحو بعض السياسيين من الذين يشكّلون إزعاجاً لها، وهي تحاول دائماً أن تجعل الآخرين في حذر مزمن". وأوضح في حديث مع "العربي الجديد"، أن "البنتاغون (وزارة الدفاع الأميركية) لديه القدرة والقابلية لفضح هذه الشخصيات من دون الرجوع إلى الأرشيف القديم، عبر تكليف صحافيين وباحثين بفضح الفشل الأخلاقي والسياسي، وهذا هو أسلوب الأميركيين".
ولفت الشابندر إلى أن "مثل هذه التسريبات حدثت مع زعيم عصائب أهل الحق، قيس الخزعلي، حين سُربت اعترافاته حول دعم طهران للجماعات الشيعية في العراق بعد عام 2003"، مضيفاً: "لا يمكن للحكومة الأميركية أن تنشر بنفسها مثل هذه الأمور، لكنها تتكل على الصحف، لأن نشرها بصفة حكومية سيجعل الدول تخشى التعامل مع واشنطن"، مشيراً إلى أنه "كثيراً ما تتحرك صحف أميركية لفضح الفشل السياسي لكثير من الأنظمة قبل الإطاحة بها، واستعراض الفشل الاقتصادي والفكري والعلمي، ومثل هذه التعرية تكون أقدر على الإطاحة بنظام الحكم"، على حد قوله.
أما زعيم حزب "الأمة العراقية"، النائب السابق مثال الألوسي، فأكد في حديث مع "العربي الجديد"، أن "البنتاغون الأميركي يمتلك معلومات خطيرة وفاضحة عن السياسيين العراقيين، لا سيما من المعروفين والذين تسلّموا مناصب رفيعة في الدولة العراقية عقب الاحتلال، لأنه يمتلك أجهزة استخباراتية قوية، وقد تعاملت مع شخصيات كانت تمثل المعارضة العراقية قبل عام 2003، وتعاملت معها أيضاً بعد تأسيس مجلس الحكم الأول، لكن لم تبادر الإدارة الأميركية ولو لمرة واحدة، بتسريب هذه المعلومات".
ورأى أن "الخطر الحقيقي على السياسيين العراقيين، ليس من البنتاغون، إنما من الإدارة الإيرانية التي تعرف كل كواليس أعمال وفساد هذه الطبقة السياسية الحاكمة منذ الاحتلال"، مشيراً إلى "تورط كبير للحرس الثوري الإيراني في العراق، وأي محاولة لفضح سياسيين عراقيين في البلاد، ستكون من قبل الحرس الثوري وقنواته الإعلامية، لكي يمتثلوا لإيران أكثر". ولفت إلى أن "العراقيين يعرفون من هي هذه الأسماء المعرضة للفضيحة، وهي معرضة دائماً لهذا الأمر، وهي قيادات منظمة بدر وحزب الدعوة، وبعض قيادات الفصائل المسلحة الحالية، التي تدّعي أنها تريد إخراج القوات الأميركية والأجنبية من العراق، إلا أنها خالية من أي إرادة حقيقية لإخراج هذه القوات"، على حد وصفه.
"أرشيف الأميركيين"، وهو المصطلح المتداول في العراق حول تلك الصور والتسريبات، عاد ليبرز مجدداً مع تصاعد حدّة الجدل حول الوجود الأميركي في العراق والمطالبة بإخراج هذه القوات، وسط حالة الاصطفاف العامة بين الكتل والأحزاب العراقية حيال المعسكرين الأميركي والإيراني، من دون أن تتضح مصداقية المعلومات والتسريبات التي تتحدث عن امتلاك واشنطن تسجيلات وأفلام فيديو تظهر قادة عراقيين خلال اجتماعات معهم قبل غزو العراق وبعده في مواقف مغايرة لما هي عليه اليوم، ومواقف أخرى مهينة لهم، وتسجيلات تفضح جانباً من التنافس السياسي في العراق من خلال الوشاية أو نقل معلومات للأميركيين عن ساسة آخرين، بهدف إقصائهم عن المشهد السياسي.
وقال مسؤول عراقي سابق في بغداد لـ"العربي الجديد"، إن الأميركيين يملكون أرشيفاً ضخماً من اللقاءات والاجتماعات بعد 2003 وقبلها، وبعضها محرج للغاية لعدد من القادة العراقيين، يظهرون بشكل مغاير لما هم عليه الآن، وفيه طلبات تمويل أو تزويد الأميركيين بمعلومات مختلفة تتعلق بالعراق قبل الاحتلال ومعلومات عن ساسة وقادة شركاء في العملية السياسية بعد الاحتلال، كما لديهم وثائق وأدلة حول عمليات فساد مالي وانتهاكات إنسانية يتورط فيها الكثير منهم.
أما النائب السابق، رئيس تجمّع "كفى"، رحيم الدراجي، فرأى أن "التهديدات مجرد كلام"، و"لطالما تسربت مثل هذه الأخبار". وأرجع سبب قلق بعض الشخصيات السياسية إلى "تورطها فعلاً في مثل هذه اللقاءات الخاصة والتي تضمّنت مباحثات حول تمويل أحزاب أو تنازلات"، موضحاً في حديث مع "العربي الجديد"، أن "الضغوط الدبلوماسية هي الفاعلة، ومثل هذا الفعل (أي نشر التسريبات) قد لا يحدث نهائياً".
وكشف تقرير لموقع "ديلي بيست" الخميس الماضي، عن تحقيق مع شركة "ساليبورت غلوبال سيرفيسز"، لمعرفة ما إذا كانت أدت دوراً في تقديم رشى لمسؤولين حكوميين عراقيين، بينهم رئيس الوزراء الأسبق نوري المالكي ونجله أحمد وصهره ياسر صخيل، مقابل الفوز بعقود حصرية في العراق. ودفع هذا الأمر قيادات حزب "الدعوة" الذي يحشد معركته إلى جانب تحالف "الفتح" لتقديم مشروع قانون إخراج القوات الأميركية من العراق، إلى مهاجمة الموقع، واعتبار ما نشر حملة ضد المالكي بهدف إسقاطه سياسياً.
ورأى المفكر والباحث في الشأن السياسي العراقي، غالب الشابندر، أن "طريقة ابتزاز السياسيين العراقيين، من قبل الولايات المتحدة لا تتم بطرق مباشرة، وهي بالفعل لديها ملفات كثيرة قد توجّهها نحو بعض السياسيين من الذين يشكّلون إزعاجاً لها، وهي تحاول دائماً أن تجعل الآخرين في حذر مزمن". وأوضح في حديث مع "العربي الجديد"، أن "البنتاغون (وزارة الدفاع الأميركية) لديه القدرة والقابلية لفضح هذه الشخصيات من دون الرجوع إلى الأرشيف القديم، عبر تكليف صحافيين وباحثين بفضح الفشل الأخلاقي والسياسي، وهذا هو أسلوب الأميركيين".
ولفت الشابندر إلى أن "مثل هذه التسريبات حدثت مع زعيم عصائب أهل الحق، قيس الخزعلي، حين سُربت اعترافاته حول دعم طهران للجماعات الشيعية في العراق بعد عام 2003"، مضيفاً: "لا يمكن للحكومة الأميركية أن تنشر بنفسها مثل هذه الأمور، لكنها تتكل على الصحف، لأن نشرها بصفة حكومية سيجعل الدول تخشى التعامل مع واشنطن"، مشيراً إلى أنه "كثيراً ما تتحرك صحف أميركية لفضح الفشل السياسي لكثير من الأنظمة قبل الإطاحة بها، واستعراض الفشل الاقتصادي والفكري والعلمي، ومثل هذه التعرية تكون أقدر على الإطاحة بنظام الحكم"، على حد قوله.
ورأى أن "الخطر الحقيقي على السياسيين العراقيين، ليس من البنتاغون، إنما من الإدارة الإيرانية التي تعرف كل كواليس أعمال وفساد هذه الطبقة السياسية الحاكمة منذ الاحتلال"، مشيراً إلى "تورط كبير للحرس الثوري الإيراني في العراق، وأي محاولة لفضح سياسيين عراقيين في البلاد، ستكون من قبل الحرس الثوري وقنواته الإعلامية، لكي يمتثلوا لإيران أكثر". ولفت إلى أن "العراقيين يعرفون من هي هذه الأسماء المعرضة للفضيحة، وهي معرضة دائماً لهذا الأمر، وهي قيادات منظمة بدر وحزب الدعوة، وبعض قيادات الفصائل المسلحة الحالية، التي تدّعي أنها تريد إخراج القوات الأميركية والأجنبية من العراق، إلا أنها خالية من أي إرادة حقيقية لإخراج هذه القوات"، على حد وصفه.