عن اللاجئ السوري في أوروبا

13 يوليو 2022
+ الخط -

من يقرأ واقع الأحداث على الساحة بصورةٍ عامة، يُدرك تماماً مدى الأحقية في طرح العديد من التساؤلات التي صارت بمثابة أحجية لم يدرك البعض محاورها وما ترمي إليه، لا سيما أنَّ الواقع الراهن صار سيلاً من الأسئلة، ما يعيبها هو بقاؤها مهمّشة، بحاجة لإجابة ترضي الأطراف جميعاً.

ومجمل التساؤلات التي يخزّنها العقل العربي يلفّها الكثير من الغموض، مع أن ما هو واضح اليوم يظهر الخط البياني لمصير مؤس لغالبية الدول العربية، والمواطن فيها يُعد جزءاً لا يتجزأ منها، وهذا كلّه ألّب رأس ومعطيات واجتهادات المواطن العربي المقيم في أوروبا أو في سواها، أجبره على طرح العديد من الأسئلة التي تبحث عن حلول شافية، بدلاً من العقم الذي أصابه في الصميم.

من جملة هذه التساؤلات ما يصبّ في محور الأخبار والتحليلات وتكهّناتها، والاستطلاعات وتنوّع المقالات وإبداء الرأي حول ما يجري على الساحة العربية اليوم، وما يمكن البحث عنه وإلقاء الضوء عليه:

ماذا بعد ظهور مجمل هذه الأحداث، والصور التي تتزاحم محطّات التلفزة العربية بأقنيتها المتنوّعة المعروفة وغيرها على تناولها، أضف إلى ذلك ما ينشر على صفحات الدوريات من مانشيتات مثيرة ومرعبة، بألوان شتى، وذات مغزى سُوقي أريد من خلاله توجيه القارئ العربي إلى صور بيانية لم تعد في الواقع تثير اهتمامه، لكثرة ما تناولته، وإن كانت بحاجة للكتابة عنها وتعريتها، وتوضيح ما يحدث للقارئ، أينما وكيفما وجد، وإن تجاوز كتابنا وصحافيينا سلّم الكثير من الأولويات في الطرح، وتغييب جانب من المشاهدات، والحديث عن هذه المعضلة التي حلّت بالأمة العربية عمّا سواها، إلا أنَّ تحليلات هؤلاء الكتّاب أخذت طابع الابتعاد كليةً عن قول الحقيقة كما يجب أن تكون، غير متناسين في الوقت نفسه أنَّ هناك البعض من الصحافيين ممن نحترم آراءهم، بل إنّهم يضعون النقاط فوق الحروف وبتجرد بعيداً عن إرضاء عَمرو أو زيد من الناس.

يذهب كتّاب وصحافيو رأي آخرون، في قراءة ما يحدث اليوم، بالأمس، سواء في سورية أو في العراق ولبنان إلى منحى آخر، وبحسب مزاجية الكاتب، وهذا ما يؤسف له!

ولا يمكن أن ننكر في هذا السياق ما يتناوله، وبصدق وموضوعية وجرأة صحافية، صحافيو الرأي، والإبقاء على عدد منهم الذين لا نشك في قدراتهم وإمكانياتهم وصدق ما يكتبون، وتوقهم نحو الإقلاع بهذا الواقع المرير الذي يُعاني سيلاً من الأوجاع والأوهام، والترّهات التي بحاجة إلى تقشيرها كي يَسهل هضمها، ناهيك عن إشاعة الأوهام التي ما زالت تصطاد في الماء العكر، وهنا لبّ المعضلة! ويذهب كتّاب وصحافيو رأي آخرون، في قراءة ما يحدث اليوم، بالأمس، سواء في سورية أو في العراق ولبنان إلى منحى آخر، وبحسب مزاجية الكاتب، وهذا ما يؤسف له.

في هذا لم يَعد يعرف القارئ إلى أي صحيفة، أو عن أي محطة تلفزيونية يبحث ويشاهد ويتابع ما تبثّه من برامج، وما هي حقيقة كل هذه التحليلات، لهؤلاء الكتّاب والإعلاميين الذين يمطروننا بكم هائل من المقالات المدبّجة؟!

والسؤال: ما هو السرّ وراء هذا التسابق المحموم نحو نشر هذا الحجم من المقالات بطعم أو بلا طعم؟ هل السبب مادي، أم سواه، وإلا ما معنى ازدياد هذا العدد من الكتّاب الذين قفز تعدادهم بين ليلة وضحاها إلى المئات، ويدلون بآرائهم أياً كانت بعيداً عن الواقع المعاش، أم أن الهدف هو إشهار الاسم، والمساهمة في تحفيز المواطن وفرش الطريق أمامه بالورود والرياحين حتى يقف على رجليه، بعيداً عن قول الحقيقة، فأي مكسب مادي وأيّ شهرة صحافية يبحثون عنها في ظل تزييف الحقائق وتضخيمها؟!

في المقابل، نلحظ أنَّ نشر المقالات الصحافية، غير العادية وبكثافة، وفي مختلف الصحف العربية التي تصدر يومياً، وبصورةٍ خاصة في بريطانيا، الحاضنة الأكبر لأكبر عدد من الصحف الخاصة المعروفة، والتي صارت أشهر من نار على علم، أضف إليها الكتّاب والصحافيون الذين باتوا يشمّرون عن سواعدهم، ويستعرضون رؤيتهم حسب أمزجتهم الشخصية، ومع ذلك نقول: إنه من حق هؤلاء الكتّاب، أياً كانت خبراتهم ومواقعهم ومسؤولياتهم، من حقهم الإدلاء بدلوهم، وتناول ما يحلو لهم من موضوعات تصاغ يومياً، مشيرين إلى واقع متردٍ بغيض! وما نريده من الكتّاب والصحافيين مراعاة مشاعر قارئ العربية، وتوضيح ما يجري من أحداث بموضوعية، بعيداً عن تضخيمها وتصويرها بصورةٍ مرعبة، علاوة على دمج ما يحدث بصحة الممارسة الواقعية للمواطن الذي يشكو من آلام كثيرة، ويعاني في الوقت نفسه من عوز وفقر مدقع، وتشرد وضياع وبؤس وموت ودمار، لم يخلص منه أحد.

قلّة فقط ممن ساعدتهم ظروفهم وإمكانياتهم المادية على النزوح أو الهرب والاغتراب تمكنوا من إعاشة أسرهم وإنقاذ أهليهم، ويظل صاحب القلم هو الأسمى في نقل الحقيقة التي نريدها أن تجسّد واقعاً حقيقياً ليعيشها المواطن كما هي، لا كما يريدونها أن تكون وحسب هوى وأمزجة تغرد بعيداً عن الهم اليومي للمواطن السوري في كفاحه ضد المجرم بشار الأسد والدور الكبير الذي لعبه وعصابته، في تدمير وخراب سورية، والحال المؤسي الذي وصل إليه المواطن، من فقر مدقع وواقع اقتصادي منهار، وحياة مريرة لم يعد يطيقها أحد، ما اضطر أغلب الناس إلى البحث عن الهجرة والنزوح إلى خارجها لمن ساعدته ظروفه المادية على الهرب، ملجأه الوحيد.

6C73D0E8-31A0-485A-A043-A37542D775D9
عبد الكريم البليخ
صحافي من مواليد مدينة الرقّة السوريّة. حصل على شهادة جامعيَّة في كلية الحقوق من جامعة بيروت العربية. عمل في الصحافة الرياضية. واستمرّ كهاوي ومحترف في كتابة المواد التي تتعلق بالتراث والأدب والتحقيقات الصحفية.