منير كسرواني يحوّل منزله متحفاً للتعريف بالقروي اللبناني

26 يونيو 2014
منير كسرواني في متحفه (العربي الجديد)
+ الخط -


في منزله الذي يقدّر عمره بأكثر من 70 عاماً، يقع متحف منير وأسعد كسرواني الذي يضمّ أكثر من 300 قطعة تراثية تخصّ الفلاح الجنوبي: عدّته الكاملة. وما يجعل المتحف متميزاً احتواؤه عدّة الحدّاد العربي من الفرن إلى السندان والمطرقة، وقد تمّ عرضها بطريقة مميّزة في غرفتين من الطين.

ويتسنى لزائري متحف منير كسرواني أن يتعرفوا إلى حياة القروي الحرفي العتيق. فقد أراد كسرواني تخليدها في متحف يحوي كلّ أدوات المواطن الجنوبي، الفلاح، والحرفي، من دون أن يفوته الإطلال على المنزل الطيني الذي هو رأس مال الأصالة الجنوبية. لهذا يحملك هذا المتحف الفريد إلى الماضي من حيث هندسته ومقتنياته. إذ يحرص منير على تذييل كلّ قطعة باسمها وتاريخها، فالقطعة الأعتق يفوق عمرها الـ100 عام.

ويمكن للمتجول في المتحف أن يتعرف أيضاً إلى نمط آخر من المتاحف التراثية المنظمة والمنسّقة، حيث ينهمك الفنان كسرواني في إنجاز المتحف الذي سيشمل أكثر من قسم: الحدّاد العربي، وعدّة الفلاح، والخوابي والخضاضات "لصناعة الزبدة"، والكركة، والمونة البلدية، والملابس القديمة، كما يستعدّ لإنجاز حديقة تراثية ليكتمل بعدها متحف وُلِدَ من "رحم الحنين إلى الماضي"، بحسب كسرواني.

قبل 11 عاماً، ولدت فكرة المتحف عند كسرواني، فدفعه شعور الرغبة في حماية إرث والده، الذي كان بيطرياً وحداداً عربياً، إلى هذه المغامرة، كما يقول كسرواني في حديث لـ"العربي الجديد". يتحدّث "بحنوّ وشوق" لافتاً إلى أنّ ما يقوم به هو "إحياء الثقافة التراثية التي للأسف باتت تعيش تغريبة في حياتنا".

ويكتنز المتحف الكثير من القطع القديمة والنادرة من الجالوفة (آلة للقمح عمرها 100 عام)، معاقيل، جلال حمار، مذراة القمح، الشاعوبة، الكركة لصناعة العرق والمزهر، الخابية، الخضّاضة (صناعة المخيض)، خوابٍ فخّارية عمرها 100 عام (تُستَعمل لخضّ اللبن وصناعة الزبدة)، شاعوبة خشب، الصمد (للفلاحة)، نير الثور، النَورَج (لدراسة القمح).

وينقسم المتحف إلى جزأين: واحد زراعيّ يضمّ عدّة الفلاح، وآخر صناعي يضمّ حرفة الحدّاد العربي والبيطري. وقد عُلِّقَت المقتنيات بطريقة هندسية متقنة تشي بحذاقة كسرواني الذي يحرص على أن يكون المتحف من أهم المتاحف التراثية بكلّ جوانبه ومنها: "بلطة من صناعة والده، نضوة، منجل، مقصّ حديد، جهاز لصنع المسامير، سندان، مطرقة، فرن، نضوة سنبك، طسم موس الحلاقة (يستعمله الحلّاق ليسنّ الموسى)، فاروعة، فأس، وعدّة البيطرة التي صُنِعَت على يد والده وقوامها: شاكوش خاصّ بالبيطرة، مْرَد، الإحف (أصابع خشبية يستخدمها الفلاح).

يُدرَج عمل كسرواني في إطار "تنمية التراث والسياحة"، إذ يجهل معظم زائري الجنوب اللبناني معالمه التراثية وحتّى متاحفه. بل ويجهلها معظم الجنوبيين الشباب ممن هم تحت العشرين أو الثلاثين.

ويرمي كسرواني باللائمة "على الدولة الغائبة كلياً، ففي وقت يفترض فيه أن تعزّز هذا القطاع وتدعمه لم تفكّر بإدراجه على خريطتها السياحية، رغم أهمية هذا العالم الثقافي الذي يُعرِّف جيل اليوم بثقافة الفلاح والحرفي. ولم نصل إلى ما نحن عليه من تطوّر إلا بتعب الفلاح الذي نجهل يومياته".

في هذا العمل يقدّم كسرواني "خدمة إلى الوطن". ويصفه بأنّه "معلم ثقافي وحضاري يدلّ على حضارة عمرها 5000 آلاف سنة". كسرواني، الذي يتحضّر لافتتاح متحفه في فصل الصيف عبر مهرجان تراثي، يتمنّى أن يكون هذا المتحف مقصداً للسيّاح العرب والأجانب. هو الذي يقضي يوميا أكثر من 10 ساعات في ترتيب المتحف.

المساهمون