مسلسلات رمضان... نص وسيناريو وحوار

08 مايو 2020
من مسلسل "أولاد آدم" ( فيسبوك)
+ الخط -
القصة والسيناريو والحوار؛ ثلاث مفردات أساسية لمهمة تصنيف الأعمال الدرامية، ليأتي بعدها المخرج في المرتبة الثانية من حيث إضافة التقنيات والحركات اللازمة التي تُكسب المسلسل بعداً آخر لإيصال الهدف من الدراما عموماً.

لم تكن صدفة مهاجمة الكاتبة الفلسطينية إيمان السعيد المخرج الليث حجو قبل أيام، بعد عام كامل من تقديمهما معاً المسلسل السوري "مسافة أمان"، الذي اعتبر واحداً من أفضل الأعمال السورية التي عُرضت خلال الأعوام الأخيرة، وذلك لفرادة الحوار، واستماعنا إلى حكايات روت قصصاً من الواقع السوري المتأزم. سبب هجوم إيمان السعيد على الليث حجو كان لاعتراف حجو قبل أشهر باستعانته بصديقه، الكاتب الصحافي رامي كوسا، لقلب الحوار في "مسافة أمان" وجعله أقرب إلى المتابعين، وربما هذا ما زاد من نجاح المسلسل، ليأتي توقيت السعيد في الرد على حجو تزامناً مع عرض مسلسل "أولاد آدم"، وهو ثاني تعاون يجمع بين كوسا وحجو، ويدخل ضمن الإنتاج العربي المشترك.



من الواضح أن عملية التأليف والنص والسيناريوهات، تُسجل القاعدة الأساس لأي عمل درامي اليوم، وتؤجج الصراع بين الكتّاب أنفسهم. في هذا السياق، تحضر بعض الأعمال المصرية والمشتركة التي عرف الكتّاب كيفية اللعب على وتر المشاهد والتقارب منه في الحوار.
لنأخذ، مثلاً، الحوار في مسلسل "أولاد آدم" بين قيس الشيخ نجيب (سعد)، ودانييلا رحمة (مايا)، إذ شكّل منذ الحلقة الأولى في العمل علامة فارقة في أسلوب الحوار الشعبي الخالي من أي تكلف، هذا بالطبع ما تفتقده الدراما اللبنانية، التي لم تسلم هي الأخرى بعد سنوات الحرب من ضرورة التزام السيناريو أو الخطاب الشعبي الذي يفضله المشاهد، لتأتي حوارات معظم الأعمال الدرامية اللبنانية متكلفة لا تستند إلى ثقافة كلام العامة، أو مفردات الشارع العادية، خصوصاً لو كان المسلسل يطرح قضايا أو حكايات شعبية. وهذا ما تنبّه له المصريون هذه المرحلة بالذات، لكن قلة قليلة من الكتّاب في مصر وخارجها من يلتزم الصيغة الأقرب للمشاهد في طرح الحوارات والأدوار والتفاعل بين الممثلين أولاً، ثم الفوز بنسبة المشاهدة. ولعلّ نجاح مسلسلات محمّد رمضان ورواجها جماهيرياً، دليل لافت على أهمية الخطاب الشعبي البسيط بالنسبة إلى المشاهد.

في سياق آخر، يمكننا القول إن تامر حبيب كاتب سيناريو يدرك جيداً كيفية رسم معالم وحيوات القصص التي يبيعها، أو يكلّف بها، في "غراند أوتيل". عرف حبيب كيف يعود بالحقبة إلى زمن الخمسينيات، عبر حوارات تربط بين طبقات المجتمع الفقير والمجتمع النخبوي أو صاحب النفوذ، ولم يبخل تامر حبيب في تلبية رغبة أصدقائه، لتجدنا أمام حوار جيد اليوم، في "لعبة النسيان" لدينا الشربيني المقتبس من مسلسل إيطالي. عرف حبيب كيف يضع القصة الإيطالية في قالب مصري ويجنّد عوالم هذا القالب لنجاح السيناريو أولاً، ورغم التطويل الذي يعانيه المسلسل، نحن أمام حوار مشوِّق بين الممثلين، أنفسهم من دون أي تكلف.

من جهته، لا يبتعد عمرو محمود ياسين في نص مسلسل "ونحب تاني ليه" عن هذا الأسلوب، لنشهد محاولة ناجحة لياسين في إثبات مقدرة هائلة في الحوار والخطاب الجدي ضمن إطار فكاهي هادف، وهذا ما حمل المسلسل، على الرغم من بساطة القصة والطرح، إلى مراتب متقدمة على صعيد الدراما الرمضانية.

دلالات
المساهمون