ثروة الإعلام وإعلاميو الثورة

22 أكتوبر 2014
نحن اليوم أمام إحدى المراحل الهامة من بناء حلمنا(أ.ف.ب)
+ الخط -

عادة ما يعكس الإعلام الحالة المجتمعية بجوانبها السياسية والقيمية، وهو ما يعطيه مسؤولية كبرى في المساهمة في تكوين الوعي الجمعي للشعوب. ولأن الإعلام ليس خارج السياقات والتحولات التاريخية التي يعيشها مجتمعه، فهو يعبر عن انعكاس موضوعي للحالات السلبية والإيجابية التي تميز محيطه، وإذا قمنا بعملية إسقاط للمشهد الإعلامي التونسي بعد الثورة، نجد أنه قريب من المشهد السياسي.

ربما نحن أمام اللون الرمادي، فلا نحن حققنا كل المراد من وصول قيادات سياسية واجتماعية وإعلامية شابة إلى المواقع التي تستحق، كما لم نعد عالقين أمام الحالة السلطوية التي كانت تسود مختلف القطاعات في تونس، إن ما نعيشه اليوم، يعبر عن حالة انفلات وفوضى إعلامية، ويمكن القول انتقالية، ينتظر أن تكون خلاقة في زمن لاحق.

واليوم، في المشهد الإعلامي التونسي، نجد أن بارونات إعلام النظام السابق ما زالوا يتحكمون في المشهد الإعلامي وجزئياته، وأن تحالفا موضوعيا تواصل من الزمن القديم ليسيطر على المشهد الإعلامي الجديد، وخرج المشهد من ثنائية الاستقطاب إلى استقطاب متعدد يقوده بارونات المال الفاسد، الذين سرعان ما التأموا بعد غياب قوة النفوذ التي كان يمثلها النظام السابق، وصار من الطبيعي عند التونسي أن يتحدث عن صحيفة رجل الأعمال هذا، أو تلفزيون أو راديو رجل الأعمال ذاك.

ورغم انسياق العديد من أبناء الجيل الجديد من السياسيين والإعلاميين وراء البارونات، بحثا عن الرزق والعيش الكريم، وربما الثروة، حاول آخرون نحت تجربتهم الخاصة التي استمدت مبادئها من حلم التغيير والغد الأفضل، ومن شعارات الحرية والعدالة والكرامة، التي لم تغب عن الشوارع التونسية، والتي ما زال شبابها يكتب على جدرانها شعاراته، بعد مضي أربع سنوات على انطلاق مسار التغيير.

لكن استغلال تواريخ 17 ديسمبر/كانون الأول 2010، أو 14 يناير/كانون الثاني 2011 من قبل البعض، هي محاولة لإيقاف عقارب الساعة، والسير ضد التاريخ، ووأد الثورة، بما هي فعل فطري متواصل منذ نشأة الإنسان، لا تحده تواريخ أو أشخاص أو أزمنة، وكل من يريد أن يقف ضد سيرورة التاريخ ستقتلعه عجلة التغيير المتواصل.

والذي يعتقد أن تونس ستستقر هنا، ما هو إلا واهم، فشبابنا سيواصل مسيرة التحرر، وستبقى الثورة وأسسها هي الآلية الأولى لبناء الوطن، جارفة من أمامها كل رموز التخلف والديكتاتورية، وما نحن اليوم إلا في إحدى المراحل الهامة من بناء حلمنا.

المساهمون