أوروبا تنتظر قطر لإنقاذها من سطوة الغاز الروسي

01 مايو 2014
+ الخط -

فيما تدرس أوروبا بعناية هذه الأيام خياراتها في شأن تقليل الاعتماد التدريجي على الغاز الروسي، تتوفر لدى قطر، أكبر منتج للغاز المسيّل في العالم، فرصة ذهبية لزيادة حصة صادراتها الى سوق الغاز الاوروبية.

وقال سير مايكل لي، كبير مستشاري صندوق "مارشال الالماني" في تصريحات لنشرة منظمة "ناتشرال غاز يوروب": إن دول المجموعة الاوروبية في حاجة الى تنويع مصادر الغاز الطبيعي، وزيادة وارداتها على المدى القصير من الغاز الطبيعي القطري والنرويجي والجزائري.

وكان ريتشارد ان هاس، رئيس مجلس العلاقات الخارجية الاميركي، والقريب من الادارة الاميركية، قد نصح أوروبا قبل أسبوعين هو الآخر، بالبحث عن مصادر بديلة من الغاز الروسي، حتى لا تخضع لابتزاز الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، الذي لديه أطماع في تمدد النفوذ الروسي في أوروبا. 
وعلى الصعيد ذاته، تضغط الحكومة البريطانية منذ مدة في اتجاه حث أوروبا على البحث عن مصادر بديلة، وتقترح قطر بين المصادر البديلة، وتنظر إليها كمصدر ثابت للغاز الطبيعي في بريطانيا.

في مقابل هذه الدعوات، تتخوف روسيا على إيراداتها من الطاقة التي تشكل نسبة مهمة من دخل الخزانة الروسية.
ووفقاً لنشرة"بلاتز" البريطانية المتخصصة في الطاقة، فإن أوروبا استوردت حوالي 167.2 مليار مترمكعب من الغاز الروسي خلال عام 2013 بلغت قيمتها 57 مليار دولار.

وتنظر أوروبا تحديداً الى قطر صاحبة ثالث أكبر احتياطي للغاز الطبيعي بعد الولايات المتحدة وروسيا.
وتصدر قطر حالياً حوالي 70% من إنتاجها الى دول جنوب شرقي آسيا وتحديداً الى الصين والهند واليابان وكوريا الجنوبية وسنغافورة. ولديها فائض تتاجر به في السوق الفورية، إضافة الى إمداد زبائنها الثابتين في أوروبا.

وتقدر شركة "بوتين آند بارتنرز"، مقرها في نيويورك وتعمل في وساطة السفن والشحن، أن شحنات الغاز القطرية الى أوروبا في مجالي عقود الغاز المتوسطة وطويلة المدى سترتفع بنسبة 22% خلال العام الجاري، كما أن شركة "سنتريكا بي ال سي" ، أكبر شركات إمداد الطاقة في بريطانيا، وقعت في نوفمبر/تشرين الثاني الماضي مع شركة "قطر غاز"عقداً لامداد الغاز حتى 2018، كما رفعت كمية التعاقد بنسبة 20% عن مستوياتها السابقة.

وما يجعل قطر أحد الخيارات المفضلة لاوروبا إنشاءات البنى الاساسية لتسييل الغاز الطبيعي في أوروبا مكلفة، وأن الحكومات الاوروبية التي لاتزال تقاتل من أجل خفض الانفاق عقب أزمة المال في منطقة اليورو، ما يجعل من الصعب عليها تمويل مثل هذه الانشاءات.
وعليه فإن أوروبا في حاجة الى فترات زمنية لتوصيل الغاز والانفاق على الانشاءات المطلوبة، مثل منصات التحميل.
في الجانب الآخر، يبدو أن روسيا تعلم أن قطر هي الدولة الوحيدة التي ستساعد أوروبا في خفض اعتمادها على الغاز الطبيعي الروسي في المدى المتوسط، وربما الجزائر الى درجة ما. وعلى الرغم من أن الجزائر تمد أوروبا بحوالي 25% من الغاز، الا أن الجزائر تواجه احتمالات عدم الاستقرار السياسي، خاصة عقب الهجوم "الارهابي" على منشأة الغاز الطبيعي في عين أميناس في نهاية عام 2012.
من هذا المنطلق يسعي الرئيس بوتين، في زيارته الصين خلال 14 مايو/آيار الجاري الى توقيع أكبر اتفاق لتصدير الغاز الطبيعي الروسي الى الصين.
ويقدم الرئيس بوتين، تنازلات سعرية ضخمة لبكين في هذا العقد تصل الى أكثر من 50 دولاراً في كل ألف متر مكعب من الغاز الطبيعي. ولكن كما يقول المثل العربي، "مكره أخاك لا بطل".
وتتناول الصفقة المتوقع أن يقرها بوتين، تصدير روسيا الى الصين كميات من الغاز الطبيعي تتراوح بين 38 و68 مليار متر مكعب من الغاز الطبيعي ولمدة 30 عاماً.
وهذه الامدادات ستضاف الى إمدادات الغاز الطبيعي الحالية التي تصدرها روسيا الى بكين والبالغة 152 مليار متر مكعب سنوياً.
وعلى المدى الطويل إذا تمكنت قطر من الاحلال التدريجي لغازها الطبيعي بدلاً من الروسي في أوروبا، فإن روسيا ستفقد تدريجياً سلاح الطاقة الذي كانت تملكه وتستخدمه في الضغط على دول المجموعة الاوروبية.

ومن بين الادلة، أن قطر تسعى الى زيادة سوقها الاوروبية، أن راشد المري، مدير شركة "ساوث هوك غاز" البريطانية للطاقة، والتي تملكها قطر قال في تصريحات أخيرة ": إن شركة "ساوث هوك" تعمل على رفع الطاقة القصوى لمنشآت الغاز المسيّل التي تملكها في بريطانيا وزيادة تعاقدات الغاز الطبيعي المسيّل لتشمل بالاضافة الى العقد الرئيسي الجاري مع شركة " قطر غاز"، تعاقدات جديدة وقعتها مع كل من شركات"راس غاز" و"توتال وشيفرون" و"كونكو فيليبس واكسبو"، وهي شركات بعضها عالمية وبعضها مشتركة بين قطر والشركات الأم.
وهذا يعني أن قطر تواصل زيادة إمداداتها من الغاز الطبيعي الى بريطانيا خلال الفترة المقبلة. ولدى "ساوث هوك"، حسب تصريحات راشد المري، طاقة إمداد تغذية السوق البريطانية بحوالي 20% من احتياجات الطاقة.
يذكر، أن إمدادات الغاز القطرية ساهمت في خفض تعرفة الغاز في لندن، وكانت أحد عوامل تأمين الطاقة في بريطانيا.
وبالنسبة الى أوروبا قال المري، " إن أوروبا لم تعد جزيرة معزولة".
وبواسطة شحنات الغاز المسيّل تستطيع شركة "ساوث هوك" تحويل شحنات الغاز الطبيعي الفائض على الحاجة البريطانية الى أسواق أوروبا الاخرى.
وأشار المري، في هذا الصدد الى أن قطر ملتزمة على المدى الطويل إمداد الغاز الى بريطانيا وقد استثمرت "ساوث هوك" بالاشتراك مع قطر "بتروليوم انترناشونال" و"اكسون موبيل" حوالي مليار دولار في تجارة الغاز في بريطانيا وتخطط لاستثمار 14 مليار دولار.
وهذا الاستثمار الضخم يؤكد أن لدى قطر التزاماً حقيقيّاً في سوق الطاقة البريطانية، الذي تنظر اليه كسوق جذابة على المدى الطويل، وأن فوائد هذه الاستثمارات ستعود بالفائدة على قطر وبريطانيا.
وعلى صعيد اليونان تسعى شركات الطاقة القطرية الى الاستفادة من الحوافز والاعفاءات الضريبية التي تمنحها المفوضية الاوروبية لأسطول الشحن اليوناني، الذي عانى من الاهمال والاعطال خلال سنوات الكساد عقب إفلاس اليونان.
يذكر أن وزارة الشؤون البحرية طمأنت ملاك السفن في اليونان، أن كلفة التعديلات على ماكينات السفن ستدفع من الدعم الذي تتسلمه الحكومة اليونانية من المفوضية الاوروبية.
وقالت مصادر يونانية لـ"منظمة ناتشرال غاز الاوروبية ": إن شركة البترول القطرية ترغب في التوسع في تجارة الغاز الطبيعي في اليونان من جهة، وأن توفر وقود الغاز الطبيعي البديل للوقود التقليدي، الذي يستخدمه أسطول السفن اليونانية حالياً .
وفي هذا الاتجاه، تسعى شركة البترول القطرية الى بناء منصة تحميل ثانية في اليونان لامداد الاسطول اليوناني والسفن العابرة بوقود الغاز الطبيعي، وذلك إضافة الى زيادة إمدادات الغاز الطبيعي المسيّل إلى السوق اليونانية.

 

 

 

دلالات
المساهمون